الجامعة العربية تستعد لرفع الملف السوري إلى مجلس الأمن.. وتتهم دمشق بالمماطلة

وفد عراقي يلتقي الأسد في دمشق لبحث «المبادرة العراقية» ويتحدث عن «أجواء إيجابية»

الشيخ حمد بن جاسم يتوسط كلا من الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وأحمد بن حلي نائب الأمين العام خلال اجتماع للجامعة لمناقشة الأزمة السورية في الدوحة أمس (أ.ب)
TT

في وقت تتحضر فيه الجامعة العربية لتقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي لتبني القرارات العربية الخاصة بسوريا بعد اتهامها دمشق بالمماطلة، تنشطت المبادرة العراقية أمس مع لقاء وفد عراقي الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وحديثه عن «أجواء إيجابية» بعد اللقاء.

ورغم إشاعة الجامعة العربية لأجواء إيجابية، أول من أمس، حول اقتراب دمشق من التوقيع على المبادرة، فإنها عادت أمس واتهمت النظام السوري بالممطالة، وحذر رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، إثر اجتماع لجنة المتابعة الوزارية العربية للملف السوري في الدوحة أمس، من أن اجتماع وزراء الخارجية العرب الأربعاء المقبل سيكون «حاسما»، وقال: «نأمل أن يوقعوا (السوريون) قبل هذا التاريخ، فبعده لا نستطيع الاستمرار في هذا الموضوع، وسيخرج الأمر عن السيطرة العربية».

وأضاف الشيخ حمد في مؤتمر صحافي عقده عقب انتهاء أعمال اللجنة الوزارية الخاصة بالملف السوري «بما أن روسيا ذهبت إلى مجلس الأمن، فالجامعة العربية ستنظر أيضا في التوجه إلى مجلس الأمن، وذلك خلال اجتماعها بالقاهرة في 21 الشهر الحالي». وتابع «سنقدم القرارات إلى مجلس الأمن (...) كان هذا آخر شيء نتوقعه. واليوم، هناك شبه إجماع قوي حول هذه الخطوة التي ستعرض على مجلس الجامعة العربية المقبل». إلا أنه عبر عن «الأمل في أن يعيد الإخوة في سوريا النظر في الأمر وأن يحصل التوقيع (على بروتوكول البعثة العربية) خلال يومين، وإذا لم يحصل ذلك لا حول ولا قوة». وقال الشيخ حمد «نحن متهمون بالبطء ولم نجد شيئا إلى الآن للأسف (...)، هدفنا كان أن يفهموا أننا لا نريد لهم سوى الخير (...)، والآن واضح أنه لا يوجد حل».

ووصف قرار اللجنة الوزارية بعرض القرارات العربية بشأن سوريا على مجلس الأمن بأنه «قرار الغالبية في اللجنة حتى نضبط الإيقاع». وأضاف في هذا السياق «روسيا ذهبت إلى مجلس الأمن، وقررنا أن تكون وجهة النظر العربية حاضرة أيضا» هناك.

ويتمحور الخلاف الجديد بين الحكومة السورية واللجنة الوزارية العربية حول مفهوم «حماية المواطنين»، في حين تصر اللجنة على «حماية المدنيين أو المواطنين العزل»، بحسب رئيس الوزراء القطري، الذي أضاف «لكنهم (المسؤولون السوريون) رفضوا».

وفي هذا السياق، قال أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي خلال المؤتمر الصحافي «إذا قبلوا مفردة المدنيين أو المواطنين العزل فأهلا وسهلا (...)، فهي نقطة الخلاف الوحيدة»، على حد قوله. وأضاف «كنا نتوقع أمس (أول من أمس) أن الطريق أصبحت ممهدة أمام التوقيع (...)، واليوم (أمس) اتصلت به مرتين (وزير الخارجية السوري وليد المعلم) وأرجو أن يتجاوب ويوقع».

وطالب الشيخ حمد «الجانب السوري بأن يدرك ويرى ما حصل في دول كثيرة ويستنتج أنه من المهم الانصياع لإرادة الشعب (...)، فالمراهنة على السيطرة الأمنية لم تنجح في أي مكان». وختم مشددا على أنه «ليس المهم توقيع ورقة، والأهم هل سيتوقف القتل؟ وهل سيتم السماح للإعلام المحايد بالدخول إلى سوريا لنقل الأحداث بشكل واضح؟».

وتزامن اجتماع الدوحة مع زيارة وفد عراقي إلى دمشق، حيث أجرى محادثات «إيجابية» مع الرئيس السوري. وقال رئيس الوفد مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، من دمشق، إن الوفد سيتوجه إلى القاهرة بعد «محادثات إيجابية» مع الأسد حول المبادرة العراقية لحل الأزمة السورية. وأضاف «أظهرنا موقف العراق بإيجاد حلول سلمية تحفظ طموحات الشعب السوري بالتغيير الديمقراطي بعيدا عن التدخل الخارجي والفتنة الطائفية».

وأكد عضو الوفد العراقي المفاوض في دمشق عزة الشابندر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من دمشق، أن الأجواء التي أحاطت اللقاءات التي أجريت مع الأسد «وأطراف المعارضة السورية، إيجابية حتى الآن، وحملت تأكيدا من كلا الطرفين أن الدور العراقي مقبول بل ومطلوب». وأضاف الشابندر الذي يرافق الفياض كمبعوثين من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أن «العراق طرح مبادرة مقبولة ويريد أن يلعب دورا بهدف وقف نزيف الدم في سوريا»، معتبرا أن «الخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف هي أن يقتنع الطرفان المعنيان بالأزمة، وهما الحكومة السورية والمعارضة السورية كذلك، بما نسعى للقيام به، وهو ما لمسناه بالفعل وهو ما سوف يشجعنا على المزيد من الحوارات واللقاءات»، مشيرا إلى أنه يتحدث الآن لـ«الشرق الأوسط» «من غرفة الاجتماع مع أطراف سياسية هناك».

وتداولت مواقع سورية مقربة من النظام أن المبادرة العراقية تتضمن تجميد العقوبات العربية التي أقرتها الجامعة العربية بحق دمشق، وإنهاء الحل الأمني في سوريا، وبدء حوار بين السلطة والمعارضة. إلا أنه لم يتم تحديد من هي المعارضة التي ستكون ممثلة في هذا الحوار، في حال لو تم التوافق على المبادرة.

وبشأن ما إذا كان سيتم وضع آليات لتنفيذ المبادرة العراقية، قال الشابندر «بالتأكيد لا بد من وضع آليات للتنفيذ، ولكننا نسعى الآن للملمة كل الأطراف والاطلاع على كل وجهات النظر قبل أن نبدأ بوضع هذه الآليات، ولا سيما أن الجميع بدأ يلمس أن المبادرة العراقية يمكن أن تكون هي طوق النجاة قبل أن تأخذ الأمور مسارا آخر». وكان رئيس الوفد العراقي المفاوض فالح الفياض قد أعلن لدى توجهه صباح أمس إلى دمشق أن «الوفد سيلتقي المعارضة السورية والرئيس السوري بشار الأسد، فور وصوله».

وأضاف الفياض في تصريح صحافي أمس أن «الوفد برئاسته وعضوية عزة الشاهبندر وأعضاء من بعض الكتل النيابية، سيلتقي خلال الزيارة المعارضة السورية ويطرح عليهم المبادرة العراقية. كما سيلتقي الرئيس الأسد وسيطرح أيضا المبادرة، وسينتظر العراق رد الطرفين لإكمال المشوار». ووصف الفياض هذه المبادرة بأنها مبادرة «اللحظة الأخيرة»، مؤكدا أن «هناك وفد آخر كبير يضم نوابا ومسؤولين في الحكومة، ورفض الفياض الكشف عن المبادرة لحين طرحها على الطرفين».

من جانبه، أكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي صادق الركابي المستشار السياسي السابق للمالكي أن «الاهتمام بالملف السوري وإن كان جاء متأخرا في العراق، لكن هو أمر طرح في لجنة العلاقات الخارجية كما طرح في الحكومة»، مضيفا أن «لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان لا تتعامل مع الشأن السوري، كون سوريا دولة عربية شقيقة، والشعب السوري شقيق والعراق عضو في الجامعة، بل نتعامل من منطلق أن الوضع السوري وتطور الساحة السورية مرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن الوطني والأمن القومي العراقي». وأكد الركابي أن «الحكومة العراقية هي صاحبة القرار وهي الجهاز التنفيذي والمعنية بقرار تنفيذ الوساطة السورية، أما البرلمان فيكتفي بإثارة الموضوع من خلال تأكيد أنه لا بد أن يكون هناك استماع إلى الشعب السوري من خلال وجود معارضته، كما لا بد أن نستمع إلى الحكومة السورية».

ورفضت الحكومة العراقية نداءات جامعة الدول العربية لفرض عقوبات على الأسد. ويساور القادة العراقيين القلق من أن تمتد الإضرابات عبر الحدود وتخل بالتوازن الطائفي الدقيق في العراق.

وكان الأمين العام للجامعة العربية قال في وقت سابق من الشهر الحالي إنه طلب من الحكومة العراقية المساعدة في التأثير على سوريا لتوافق على خطة السلام التي اقترحتها الجامعة.