اليمن: قتلى وجرحى في هجوم جديد للحوثيين على دماج بصعدة

الأمم المتحدة: أزمة إنسانية وشيكة.. واليمن في طريقه إلى صومال آخر

محتجات يمنيات يحملن الشموع في تجمع أقيم في صنعاء أمس بمناسبة مرور عام على موت التونسي محمد البوعزيزي (أ.ب)
TT

تواصلت، أمس، المواجهات المسلحة في منطقة دماج بمحافظة صعدة بشمال اليمن بين الحوثيين والسلفيين، وتحدثت مصادر مؤكدة عن سقوط المزيد من القتلى في أوساط المدنيين جراء القصف المدفعي لجماعة الحوثي، في وقت تواصلت أعمال رفع المظاهر المسلحة من العاصمة اليمنية صنعاء، وعلى الرغم من ذلك استمرت الدعوات لمحاكمة الرئيس علي عبد الله صالح. وقالت مصادر مطلعة في صعدة لـ«الشرق الأوسط» إن الطفل الزبير الغميري، البالغ من العمر 10 سنوات، قتل في تجدد قصف جماعة الحوثي لمنطق دماج التي تقطنها الجماعة السلفية في اليمن، وقالت المصادر إن والدة الطفل وشقيقته في حال خطرة، إضافة إلى سقوط الكثير من الجرحى من المدنيين، وأشارت المصادر إلى أن قناصة من أنصار عبد الملك الحوثي ينتشرون في المنطقة،ـ وإلى أنهم قاموا بقنص طالب بعد صلاة ظهر أمس وأيضا امرأة مسنة، وإلى أن حالتيهما خطيرتان. ويسيطر الحوثيون على محافظة صعدة منذ اندلاع الثورة المطالبة بالإطاحة بنظام صالح، ولا تخضع منطقة دماج لسيطرة الحوثيين، بحكم أن سكانها من السلفيين الذين يختلفون عقائديا مع الحوثيين، وقد فشلت مساعي قامت بها القوى السياسية في المعارضة في ثني الحوثيين عن استمرار الهجوم على المنطقة. على صعيد آخر، دعت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية إلى مسيرات حاشدة اليوم، وذلك لـ«مطالبة مجلس الأمن الدولي والدول دائمة العضوية بإحالة ملف جرائم صالح إلى محكمة الجنايات الدولية إثباتا لمصداقية الأمم المتحدة»، على حد تعبيرهم، هذا في وقت كانت وفود قبلية تنتمي لعدد من المحافظات وصلت، أمس، إلى «ساحة التغيير» في صنعاء، من أجل التأكيد على «استمرار الثورة حتى تحقيق أهدافها ورفض الحصانة للقتلة»، حسب تعبيرهم.

وفي سياق متصل، واصلت الفرق الميدانية التابعة للجنة العسكرية الخاصة بإزالة المظاهر المسلحة من العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، عملها، بإشراف مباشر من قبل أعضاء في اللجنة.

ونقل شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» مشاهد مؤثرة لجنود من الحرس الجمهوري والأمن المركزي يلتقون ويصافحون زملاءهم من الفرقة الأولى مدرع التي أعلنت تأييدها للثورة، وسط هتافات بوحدة المؤسسة العسكرية، ووحدة اليمن.

ونقلت مصادر رسمية يمنية عن مسؤولين في اللجنة قولهم إن اللجنة «جادة ومستمرة في عملها، وحريصة كل الحرص على إنجاز كل المهام، استنادا إلى توجيهات الفريق الركن عبد ربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية رئيس لجنة الشؤون العسكرية، وتحقيق الأمن والاستقرار»،.

وعلى الصعيد ذاته، قال اللواء علي محسن المنشق عن الجيش اليمني، أمس الأحد، إنه يؤيد اتفاق السلام الذي وقع الشهر الماضي، في خطوة تدعم محاولات إنقاذ اليمن من الانزلاق إلى حرب أهلية، بينما قال مسؤولون إن عشرة متشددين إسلاميين قتلوا في هجمات شنتها قوات حكومية في الجنوب. وجاء إعلان محسن بعد يوم واحد من بدء قواته والقوات الموالية للرئيس المنتهية ولايته في الانسحاب من صنعاء، في إطار خطة السلام التي تمت برعاية خليجية. وقال محسن في مؤتمر صحافي إنه مستعد لدعم المبادرة التي أيدها مجلس الأمن. وانضمت قوات محسن إلى صفوف قوات المعارضة التي تسيطر على القسم الشمالي من العاصمة صنعاء، حيث دارت مواجهات مع الجيش الموالي لصالح للسيطرة على العاصمة. وانسحبت قوات محسن، أول من أمس، تحت إشراف لجنة عسكرية أنشئت في إطار المبادرة الخليجية. وفي الجنوب، قال مسؤول محلي إن عشرة مقاتلين من جماعة أنصار الشريعة، وهي جماعة إسلامية متشددة على صلة بتنظيم القاعدة، قتلوا عندما قصفت قوات حكومية مواقعهم في زنجبار، عاصمة محافظة أبين. وقال إن المقاتلين اشتبكوا مع الجيش أيضا. وجاءت الاشتباكات بعد قتال وقع أول من أمس، قتل خلاله جنديان من القوات الحكومية، وأصيب ستة. ومن جهة اخرى قالت وكالات تابعة للأمم المتحدة في دبي، الأحد، إن قرابة 4 ملايين شخص سيتضررون في 2012 جرَّاء الأزمة التي يشهدها اليمن، محذرة من أن البلد الواقع في طرف الجزيرة العربية في طريقه للتحول إلى صومال آخر. وصرحت اللجنة المشتركة لهيئات الأمم المتحدة بأن «نحو 4 ملايين نسمة سيتضررون جراء الأزمة في اليمن في 2012 وسيحتاجون مساعدات إنسانية عاجلة».

وقال ينز تويبرغ فرانزن، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لليمن، للصحافيين: «على الرغم من التطورات السياسية البارزة في اليمن ما زال جميع اللاعبين الرئيسيين يتوقعون أن تتدهور الحاجات الإنسانية أكثر خلال الشهور الـ12 المقبلة». وصرحت كيلي غيلبرايد، مستشارة السياسات في منظمة أوكسفام، بأن تقييم منظمة «اليونيسيف»، التابعة للأمم المتحدة، لمدينتي الحديدة غربا وحجة شمالا يشير إلى أن معدلات سوء التغذية تتجاوز 30%. وقالت على هامش معرض صور في دبي، الجارة الإماراتية الثرية بالنفط: «إنها (تلك الأرقام) تقارن بالوضع في الصومال. ونحن هنا نتحدث عن معدلات سوء تغذية حاد». وقالت غيلبرايد: «إن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت ارتفاعا فلكيا بلغ قرابة 50%، بينما بلغت أسعار النفط نحو 5 أضعاف متوسطها»، مشيرة إلى أن الأزمة تؤثر في اليمن بأسره. وتابعت: «هذا الأمر هائل عند حده الراهن؛ إذ نحن لا نتحدث عن المناطق التي تشهد قتالا فقط، بل الرجال والنساء والأطفال في اليمن طولا وعرضا لا يمكنهم سد رمقهم كل يوم». ويشهد اليمن منذ شهور احتجاجات مناوئة للحكومة سقط خلالها الكثير من القتلى والجرحى ويتعرض نظام الرئيس علي عبد الله صالح لضغوط وقد وافق على التنحي في فبراير (شباط) 2012 بعد 33 عاما من السلطة. وأدت حكومة الوفاق الوطني القسم في البلاد في 10 ديسمبر (كانون الأول) وبدأت لجان عسكرية، السبت، رفع نقاط التفتيش والمتاريس التي أقيمت خلال الاحتجاجات، مما يبعث على الأمل في أن يشهد اليمن نهاية للعنف المستمر منذ قرابة عام. وقال تويبرغ فرانزن لوكالة الصحافة الفرنسية: «من أكبر المشكلات التي نواجهها عدم إمكان الوصول إلى جميع المناطق». وتابع: «هناك مخاوف أمنية من قبيل كيفية الوصول إلى من هم بحاجة للمساعدة، بينما هناك صراع داخلي وبلد ممزق من الداخل». ويضيف تويبرغ فرانزن: «ثمة مخاوف عدة، بينها عدم تمكننا من حشد الموارد اللازمة مع انتشار الأزمة الاقتصادية عالميا. ما آمل ألا يحدث حقا هو أن يتجه اليمن نحو مزيد من الصراع والنزاعات».