«العدالة والتنمية» المغربي ينتخب وزراءه المزمع مشاركتهم في حكومة بن كيران

اليوم توزيع الحقائب الوزارية على أحزاب الغالبية.. والمحامي وهبي رئيسا للفريق النيابي لـ«الأصالة والمعاصرة»

TT

بينما اعتمد حزب العدالة والتنمية الذي سيقود الحكومة المغربية الجديدة، طريقة غير مسبوقة في اختيار وزرائه تقضي بترشيح ثلاثة مرشحين لكل منصب عن طريق لجنة موسعة تضم 54 عضوا يختار الأمين العام للحزب واحدا منهم للوزارة، توقع مصدر حزبي مشارك في مفاوضات تشكيل حكومة عبد الإله بن كيران أن تحسم الأحزاب الأربعة المشاركة في الائتلاف الحكومي اليوم (الاثنين) في حصة كل حزب من الحقائب الوزارية، وذلك بعد أن صادقت خلال اجتماع عقد يوم الجمعة الماضي على الهيكلة العامة للحكومة سواء تعلق الأمر بعدد الوزراء أو القطاعات التي ستضمها كل وزارة.

يشار إلى أن الائتلاف الحكومي في المغرب يضم أحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.

إلى ذلك، أقر المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية (برلمان الحزب) في دورة استثنائية استمرت حتى الليلة قبل الماضية في ضاحية «المعمورة» شرق الرباط، بالأغلبية، طريقة اختيار وزراء الحزب عبر لجنة تضم 36 عضوا من أعضاء المجلس الوطني، إضافة إلى أعضاء الأمانة العامة (المكتب السياسي)، ويبلغ عددهم 18 عضوا.

وحدد المجلس الوطني خمسة شروط يفترض توفرها في أي وزير سيتولى الوزارة باسم الحزب وهي «النزاهة والاستقامة والكفاءة والفعالية والالتزام الحزبي». وسيقترح كل عضو من اللجنة الموسعة ثلاثة أسماء لشغل المنصب الوزاري الذي سيتولاه الحزب، وبعد ذلك تعرض أسماء الخمسة الأوائل الحاصلين على أكبر عدد من أصوات اللجنة الموسعة، على الأمانة العامة للحزب، ليختار من بينهم ثلاثة، ثم يختار الأمين العام للحزب، أي رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، واحدا منهم لشغل المنصب الوزاري.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ تعيين الحكومات المغربية التي يعتمد فيها حزب سياسي هذه الطريقة، إذ جرت العادة أن تفوض قيادات الأحزاب إلى الأمين العام اختيار وزراء الحزب.

وفي سياق آخر، أقر المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ميثاقين ينصان على مجموعة من البنود المفروض الالتزام بها من طرف برلمانيي ووزراء الحزب.

وتحدث في دورة المجلس الوطني خلال الجلسة المفتوحة التي سمح للصحافيين بحضورها عبد الإله بن كيران بصفته الحزبية (أمين عام الحزب)، وقال إنه خلال لقاء مع العاهل المغربي الملك محمد السادس لم يعلن عنه رسميا تطرق إلى بعض تفاصيل المرحلة المقبلة، بيد أنه لم يشأ الإفصاح عن الكثير في هذا الجانب، مكتفيا بالقول إن العاهل المغربي قدم له الدعم الكبير للدفع بعمل الحكومة المقبلة.

وفي غضون ذلك، نفى مصدر حزبي مشارك في مفاوضات تشكيل الحكومة، والتي يحضرها عضوان من كل حزب، الأخبار التي راجت في الأيام الأخيرة حول تسمية بعض الشخصيات لمناصب في الحكومة المقبلة. وقال «إن رئيس الحكومة اعتمد منهجية واضحة في مشاوراته. انطلقت من مناقشة المبادئ الأساسية والقيم والأهداف العامة التي تضبط العمل المشترك للغالبية في الحكومة والبرلمان، والتي تمت بلورتها في ميثاق أحزاب الغالبية الذي وقعه الأمناء العامون للأحزاب الأربعة يوم الجمعة الماضي». ومضى المصدر يقول «في مرحلة ثانية ركزت المشاورات حول هيكلة الحكومة، والتي تم أيضا الاتفاق بشأنها، وسيتم الإعلان عنها من طرف رئيس الحكومة بعد التشاور في شأنها مع الملك. وبعد ذلك سيعقد الأمناء العامون للأحزاب الأربعة اجتماعين، الأول سيتم خلاله حسم نصيب كل حزب من الحقائب الوزارية، والثاني سيتم خلاله اختيار الأسماء التي ستتولى هذه الحقائب».

ونفى المصدر أن يكون قد تم تداول أي أسماء لتولي مسؤوليات حكومية خلال الاجتماعات السابقة لقادة الأغلبية الحكومية. ومضى يقول «الشخص الوحيد الذي ذكر بالاسم هو كريم غلاب الذي رشحه حزب الاستقلال لرئاسة مجلس النواب. أما بالنسبة للحكومة والوزراء، فلم يجر حتى الآن تداول إي اسم على الإطلاق. والاسم الوحيد المعروف حاليا هو اسم عبد الإله بن كيران، الذي عينه الملك رئيسا للحكومة». وكانت الصحف المحلية قد تداولت خلال الأسبوع الماضي الكثير من الأسماء التي قيل إنها ستتولى مهام محددة في حكومة عبد الإله بن كيران. كما لم يعلن الحزب خلال اجتماع مجلسه الوطني عن أسماء مرشحيه لتولي مهام حكومية، واكتفى بالمصادقة على معايير اختيار مرشحي الحزب لتولي المناصب الوزارية. لكن نسب إلى عبد العزيز رباح، العضو القيادي في حزب العدالة والتنمية قوله إنه باستثناء إدارة الدفاع التي يوجد بشأنها اتفاق بعدم إسنادها لأي حزب، لا يوجد أي خلاف بأن تتولى شخصيات حزبية حقيبتي العدل والخارجية، مضيفا أن المشاورات متواصلة حاليا بشأن الداخلية والأوقاف، وأن النقاش يتجه نحو عدم تولي شخصيات حزبية هاتين الوزارتين، وذلك تماشيا مع التحول التدريجي الذي يشهده المغرب.وقال رباح إن المشاورات بين الأحزاب الأربعة بلغت مرحلة الاتفاق على الهيكلة العامة للحكومة التي يرجح أن تتراوح حقائبها ما بين 29 و30.

وبالموازاة مع قيادة المفاوضات مع الأحزاب المشاركة في الغالبية، عقد بن كيران سلسلة من الاجتماعات مع شخصيات وزعامات تاريخية، اعتزل بعضها العمل السياسي منذ مدة. واستطاع بن كيران أن يكسب مساندة مجموعة من الأحزاب الصغرى والشخصيات الموجودة في البرلمان لحكومته، الشيء الذي مكنه من ضمان أغلبية مريحة داخل مجلس النواب. فقد صادق حزب الاتحاد الدستوري (23 مقعد في مجلس النواب)، عقب لقاء أمينه العام محمد الأبيض مع بن كيران على دعم الحكومة في البرلمان، معتبرا أنها ستكون حكومة ذات توجه ليبرالي، وأن المرحلة الخاصة التي يمر منها المغرب تتطلب مؤازرة هذه الحكومة ودعمها.

كما أعلن تحالف أحزاب الوسط، الذي يتكون من أربعة أحزاب صغيرة، ويتوفر على ستة مقاعد في مجلس النواب، عن مساندته لحكومة بن كيران. وفي نفس السياق، أعلنت مجموعة نيابية تضم خمسة نواب برئاسة رجل الأعمال ميلود الشعبي، والتي أطلقت على نفسها اسم «مجموعة المستقبل» أنها ستساند حكومة بن كيران. وبذلك أصبحت حكومة بن كيران تتوفر على 251 مقعدا من بين 395 مقعدا التي يتكون منها مجلس النواب، منها 217 مقعدا تابعة للأحزاب الأربعة المكونة للغالبية الحكومية، و34 مقعدا للهيئات التي أعلنت مساندتها للحكومة.

إلى ذلك، يجتمع مجلس النواب المغربي الجديد اليوم لانتخاب رئيس له، وذلك وسط توقعات بفوز مرشح أحزاب الغالبية، كريم غلاب، وزير النقل والتجهيز في حكومة عباس الفاسي المنتهية ولايتها، والمنتمي إلى حزب الاستقلال.

وفي غضون ذلك، قال عبد اللطيف وهبي، الذي انتخب رئيسا للفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصر المغربي إن معارضة فريقه النيابي لحكومة بن كيران، ستكون موضوعية، وزاد قائلا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سنؤيد كل ما يكون في صالح المواطنين وسنعارض ما ليس في صالحهم، وسنعمل على أن نلعب دورا إيجابيا، وليس معارضة من أجل المعارضة».

وجاء انتخاب وهبي خلال اجتماع عقدته قيادة الحزب مع الفريق النيابي أول من أمس. كما تم خلال نفس الاجتماع اختيار خديجة الرويسي نائبة لرئيس المجلس، وأحمد التهامي، رئيسا لإحدى اللجان النيابية، ومحمد بودرة، عضوا في مكتب مجلس النواب.

يشار إلى أن المعارضة في مجلس النواب تتكون من ثلاثة أحزاب، هي التجمع الوطني للأحرار، الذي يضم 52 نائبا، ثم الأصالة والمعاصرة، الذي يضم 47 نائبا، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يضم 39 نائبا. في حين أعلن الاتحاد الدستوري الذي يضم 23 نائبا أنه سيدعم حكومة بن كيران على الرغم من أنه لن يشارك فيها.

وفي سياق ذي صلة، أجرى بن كيران أول من أمس محادثات في الرباط مع صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار.