هجمات «الناتو».. والمسكوت عنهم من الضحايا المدنيين

عددهم يقدر بالعشرات.. والحلف ينفي على طول الخط ويرفض التحقيق

صورة أرشيفية توضح الدمار الناجم عن إحدى الضربات الجوية لطرابلس في يونيو (حزيران) الماضي (رويترز)
TT

أسفرت الحملة الجوية، التي شنتها قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) واستمرت لمدة 7 أشهر في ليبيا، والتي أشادت بها قوات التحالف والكثير من الليبيين، وذلك لتصديها للقمع الوحشي الذي مارسه العقيد الليبي ومساعدتها على الإطاحة به، عن عدد غير معترف به من الضحايا؛ حيث أسفرت عن عشرات الضحايا المدنيين، وذلك على الرغم من رفض قوات التحالف الإقرار بهذا الأمر أو التحقق من مدى صحته.

كانت العملية التي قادتها قوات التحالف خالية من الأخطاء تقريبا؛ حيث كانت حربا جوية نموذجية استخدمت تكنولوجيا متقدمة وتخطيطا دقيقا وكانت درعا واقية تحمي المدنيين من قوات القذافي، وذلك حسب رواية «الناتو» خلال الحرب وحسب بيانات وتصريحات صدرت منذ انتهاء الهجوم في 31 أكتوبر (تشرين الأول).

وقال أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي في نوفمبر (تشرين الثاني): «لقد قمنا بهذه العملية بحرص شديد، دون وقوع ضحايا مدنيين».

على الرغم من ذلك، أظهر تحقيق استقصائي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» على أرض الواقع في مواقع الهجمات الجوية في جميع أنحاء ليبيا، اشتمل على حوارات مع ناجين وأطباء وشهود ومجموعة من مخلفات الذخائر وتقارير طبية وشهادات وفاة وصور فوتوغرافية، روايات موثوقة تشير إلى وجود عشرات المدنيين الذين قتلهم «الناتو» في الكثير من الهجمات المتفرقة. وغالبا ما كان هؤلاء الضحايا، من بينهم ما لا يقل عن 29 سيدة أو طفلا، نائمين في بيوتهم وقت حدوث الهجوم.

وعلى نحو إجمالي، قُتل ما لا يقل عن 40 مدنيا، وربما أكثر من 70 شخصا، من قبل «الناتو» في هذه المواقع، حسبما أشارت الدلائل المتاحة. وعلى الرغم من أن العدد الإجمالي ليس كبيرا للغاية مقارنة بالحروب الأخرى التي تعتمد فيها القوى الغربية على القوة الجوية، لكنه كذلك أقل من الروايات المبالغ فيها التي تذكرها حكومة القذافي.. وقد أشار ناجون وأطباء عملوا في الحكومة المؤقتة المناهضة للقذافي إلى وجود المزيد من الجرحى المدنيين الذين أصيبوا في هذه الهجمات وغيرها، وأرسلوا صحافيين إلى مواقع أخرى يشتبه في وجود ضحايا مدنيين بها.

وبعد أسبوعين من قيام الـ«تايمز» بتوجيه مذكرة مكتوبة تتكون من 27 صفحة وتتضمن تفاصيل شاملة لتسع هجمات منفصلة توضح الدلائل الموجودة فيها أن قوات التحالف قتلت أو جرحت ضحايا مدنيين عن طريق الخطأ، قام «الناتو» بتغيير موقفه.

قالت أوانا لونغيسكو، المتحدثة باسم المقر الرئيسي لـ«الناتو» في بروكسل: «من خلال ما جمعناه من معلومات على أرض الواقع، تبين وجود ضحايا مدنيين أبرياء قد يكونون قتلوا أو جرحوا، على الرغم من جميع الاحتياطات والدقة البالغة. إننا نأسف للغاية على أي شخص فقد حياته».

وأضافت أن «الناتو» كان على اتصال دائم بالحكومة الليبية الجديدة: «إننا مستعدون للتعاون مع السلطات الليبية للقيام بما يعتقدون أنه مناسب».

وعلى الرغم من ذلك، أوكل «الناتو» مسؤولية بدء أي تحقيق في هذا الأمر إلى السلطات الليبية المؤقتة، التي مكنتها الهجمات الجوية من البقاء والوصول إلى السلطة. وحتى الآن، لم يعبر القادة الليبيون عن رغبتهم في النظر إلى الأخطاء التي ارتكبها «الناتو»، لكن الفشل في معرفة العدد الإجمالي للضحايا المدنيين يقلل الفرص التي تشير إلى أن قوات التحالف، التي تعتمد بشكل كبير للغاية على القوة الجوية بصورة تفوق مخاطرتها بوجود قوات أرضية في الحروب التي تدور خارج بلادهم، ستقوم بدراسة التجربة الليبية لتقليل عدد القتلى المحتملين في باقي المناطق. وقد تم توجيه أمر إلى قادة التحالف بتقديم تقرير بالدروس المستفادة إلى المقر الرئيسي لـ«الناتو» في فبراير (شباط)، إلا أن لا مبالاة «الناتو» تجاه الكثير من تلك الأحداث الدامية أدت إلى إثارة أسئلة حول مدى شمولية هذا التقرير.

وقد كشفت تجربة «الناتو» في ليبيا عن اتجاه ساد في أفغانستان في البداية؛ حيث قامت قوات «الناتو»، بقيادة الولايات المتحدة، بتشييد قواعد شن هجمات جوية وأصرت على تحسين عمليات الاستهداف لتقليل عدد الضحايا المدنيين، وذلك بعد التجاهل المتكرر أو الروايات المتعارضة حول عدد الضحايا التي أسفرت عنها الهجمات الجوية.

وفي ليبيا، تسبب عزم «الناتو» على عدم إصابة ضحايا عن طريق الخطأ في وجود الكثير من الإصابات بين المدنيين مع عدد قليل من المساعدات عقب التغير الفوضوي في قيادة البلاد.

ومن بين هؤلاء الضحايا صبي انفجر حطام في وجهه وأصاب عينه اليمنى، وامرأة تم بتر قدمها اليسرى، وامرأة أخرى تسببت جروح قدمها وساقها في إصابتها بالشلل.. وطبيب من شمال كوريا تحطمت قدمه اليسرى وعانت زوجته كسرا في الجمجمة.

وقد اشتملت تحقيقات الـ«تايمز» على زيارات إلى ما يزيد على 25 موقعا من مواقع الهجوم، من بينها: طرابلس وصرمان ومزدة وزليتن وجعه وماجير وأجدابيا ومصراتة وسرت والبريقة وصبراتة ومنطقة بالقرب من بنغازي، وتمت إصابة ما يزيد على 150 هدفا، من أنفاق أو بنايات أو مركبات، في هذه المناطق.

كانت طائرات «الناتو» الحربية قد شنت آلاف الهجمات التي ألقت 7700 قنبلة أو قذيفة.. ونظرا لأن الـ«تايمز» لم تقُم بفحص مواقع في الكثير من المدن والقرى التي كانت ضمن نطاق الهجمات الجوية، قد يكون تقدير الضحايا منخفضا نوعا ما.

وهناك مؤشرات توضح أن قوات التحالف قامت بالكثير من الخطوات لتجنب إيذاء المدنيين، وأنها لم تكن تستهدف مرافق مدنية تخدم جيش العقيد الليبي في أغلب الأحيان. ويبدو أنه تم تفادي أخطاء سابقة خلال حملتين جويتين كانت أميركا قد قادتهما في العراق، عامي 1991 و2003، ومن بينها الهجوم على شبكات كهربائية.

وعلى الرغم من أن أغلبية كاسحة من الهجمات قد أصابت أهدافها دون قتل مدنيين، فقد أسهمت عوامل عدة في حدوث سلسلة من الأخطاء الفادحة، من بين هذه العوامل: استخدام قنبلة يوجد بها خطأ تقني ومعلومات استخبارات قديمة وقليلة وعدم وجود الكثير من الشخصيات العسكرية ذات الخبرة التي من الممكن أن تساعد في توجيه الهجمات الجوية.

وقد تم إثبات خطأ افتراض قوات التحالف الذي كان يزعم أن الأماكن التي كان يفترض أنها تضم القوات الموالية للقذافي لم يكن يوجد بها مدنيون، وذلك حسبما أشارت الدلائل، مما يجعل مؤيدي استخدام القوات الجوية يتذكرون أنه ما من حرب خالية من الأخطاء أو الضحايا.

وقد اكتشف التحقيق أيضا حدوث أضرار هائلة في مرافق البنية التحتية نتيجة لهجمات معينة لم يكن لها سبب واضح أو أن احتمال إصابة مدنيين كان واضحا.

وتضمن هذا هجمات على مستودعات ذكرت قوات مناهضة للقذافي أنها اشتملت على طعام فقط، أو أنها كانت بالقرب من أعمال أو منازل كانت مدمرة، من بينها هجوم على مخبأ ذخيرة بالقرب من أحد الأحياء، مما تسبب في حدوث انفجار ثانوي هائل، تسبب في انتشار رؤوس حربية وقذائف سامة.

ولم يقدم «الناتو» بعدُ بيانات إلى الليبيين بشأن المواقع أو أنواع الذخائر التي لم تنفجر والتي استخدمها في هجماته. وكان هناك نوعان، على الأقل، من الأسلحة الضخمة في المواقع التي قامت الـ«تايمز» بزيارتها. «هناك حاجة ملحة إلى هذه المعلومات»، بحسب الدكتور علي ياهويا، جراح بارز في مستشفى زليتن.

علاوة على ذلك، فقد تم العثور على مخلفات من الذخائر التي يستخدمها «الناتو» في بناية محطمة كان متحدث باسم قوات التحالف قد ذكر أن «الناتو» لم يقم بمهاجمتها، وذلك خلال تمشيط أحد المواقع التي تعرضت إلى هجوم.

وقد تسبب هذا الخطأ في قتل 12 فردا من القوات المناهضة للقذافي وأحد رجال طاقم الإسعاف أثناء قيامه بمساعدة الجرحى. وشدد على عدم قدرة «الناتو»، في بعض الأحيان، على إدراك خطوط المعركة، وأثار أسئلة حول مدى صرامة ودقة حملة العلاقات العامة لقوات التحالف.

وقد روى الناجون في عدة مواقع عن تكتيك بينه الهجوم الجوى الثاني، تمثل في قيام الطائرات الحربية بمعاودة ضرب الأهداف نفسها بعد دقائق من الهجوم الأول، وهو التكتيك الذي أدى إلى تعريض حياة المدنيين الذين كانوا يهرعون لمداواة الجرحى للخطر، وإلى قتلهم في بعض الأحيان.

وقد صرح حلف شمال الأطلسي، بعد الإلحاح عليه في السؤال عن الخطر الذي تعرض له غير المقاتلين نتيجة لمثل هذه الهجمات، بأنه سيعيد النظر في الأساس المنطقي لهذا التكتيك في حملة المراجعة الداخلية التي سيقوم بها؛ حيث قال العقيد جوليان: «هذه نقطة جيدة ينبغي أخذها في الاعتبار عند تنفيذ العمليات العسكرية في المستقبل».

ويشكل هذا البيان تحولا في موقف الحلف؛ حيث كان حلف شمال الأطلسي يرد دائما على المزاعم التي تفيد بوقوع هجمات خاطئة بالنفي المصوغ بعناية، وبالإصرار على أنه كانت هناك رعاية استثنائية عند وضع عملياته والإشراف عليها. كما كان التحالف يجيب عند مواجهته بادعاءات مؤكدة بأنه قتل المدنيين، بأنه ليس لديه القدرة على التحقيق في الأمر ولا ينوي القيام بذلك، وكان كثيرا ما يردد أن الهجمات الجوية محل الخلاف كانت سليمة ولا غبار عليها.

وقد حافظ التحالف على موقفه هذا حتى بعد قيام منظمتين غربيتين مستقلتين – «هيومان رايتس ووتش» و«الحملة من أجل ضحايا الأبرياء للصراعات» – بالاجتماع سرا مع مسؤولين في حلف «الناتو» والتشارك معهم في بحوث ميدانية حول الأخطاء، تضمنت في بعض الحالات أسماء الضحايا، وتواريخ وأماكن وفاتهم.

وقالت المنظمات، التي تبحث في عدد القتلى من المدنيين في ليبيا: إن مقاومة الحلف لجعل نفسه محلا للمساءلة ورفضه الاعتراف بالأخطاء قد أديا في النهاية إلى سياسة عامة سيئة.

وقال فريد أبراهامز، الباحث في منظمة «هيومان رايتس ووتش»: «من الواضح تماما أن هناك مدنيين قد قتلوا في غارات حلف شمال الأطلسي، لكن هذه الحملة بأكملها محاطة بجو من محاولة الإفلات من العقاب»، إلى جانب كونها محاطة ببيانات التهنئة المتبادلة بين حلف شمال الأطلسي والسلطات الليبية.

وأضاف السيد أبراهامز أن المسألة تتجاوز الحاجة لمساعدة المدنيين المتضررين جراء الضربات الجوية، على الرغم من كونها أمرا مهما على حد قوله؛ حيث إن القضية، كما يقول، هي «من الذين سوف يفقدون حياتهم في الحملة المقبلة بسبب عدم التدقيق في هذه الأخطاء وعدم تعلم أحد شيئا منها؟».

وأشارت منظمة «هيومان رايتس ووتش» ومؤسسة «سيفيك» إلى أن موقف قوات التحالف تجاه ما تسببت به من إصابات بين المدنيين لا يرقى إلى ما اكتسبته من خبرة في أفغانستان. ودفع الغضب الشعبي والتوتر السياسي من الأخطاء الفادحة قوات حلف شمال الأطلسي إلى اتخاذ إجراءات تتضمن التحقيق في الهجمات التي راح ضحيتها مدنيون والتعبير عن عزائها وتعويض الضحايا أو ذويهم. وقالت سارة هولوينسكي، مديرة «سيفيك»، التي ساعدت قوات حلف شمال الأطلسي على تحديد مساره في أفغانستان: «ربما تعتقد مثلي أنه كان ينبغي الاستفادة في ليبيا من كل الدروس التي تم تعلمها في أفغانستان. لكن لم يحدث ذلك كثيرا».

تحديد الأهداف عندما بدأت قوات الدول الأجنبية الهجوم على القوات الموالية للقذافي في 19 مارس (آذار)، تولت القوات الأميركية، التي لديها خبرة أكبر من حلف شمال الأطلسي في إدارة العمليات الكبيرة، مهمة التنسيق. وفي 31 مارس، سلمت القوات الأميركية القيادة إلى حلف شمال الأطلسي. بعد 7 أشهر، دمرت قوات التحالف أكثر من 5900 هدف عسكري خلال 9700 هجوم جوي بحسب المعلومات المقدمة من قبل التحالف، وهو ما ساعد على تقويض القوات والجماعات المسلحة الموالية للقذافي. وألقت الطائرات الحربية من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا والنرويج والدنمارك وبلجيكا وكندا قذائف. وشاركت دولتان من خارج حلف شمال الأطلسي، هما قطر والإمارات المتحدة، في العمليات على نطاق محدود.

وكان لفرنسا النصيب في القيام بثلث الهجمات الجوية، بينما كان نصيب بريطانيا 21%، والولايات المتحدة 19% بحسب البيانات المقدمة من كل دولة. ويتم تصنيف الهجمات إلى نوعين، الأول: الهجمات المدروسة التي توجه نحو أهداف ثابتة مثل المباني أو أنظمة الدفاع الجوي. ويتم اختيار هذه الأهداف وإسناد مهمة تدميرها إلى الطيارين قبل إقلاع الطائرة.

كان الهدف من تلك الهجمات هو تقليل احتمالات إصابة المدنيين إلى الحد الأدنى، على حد قول قوات حلف شمال الأطلسي. وفي نابلس، راجع المحللون في الاستخبارات والقوات الإيطالية ومتخصصو الاستهداف الأهداف المقترحة ووضعوا قوائم أرسلت إلى مركز عمليات بالقرب من بولونيا؛ حيث تم تحديد الطائرات والأسلحة المناسبة لتدمير الأهداف. وأوضحت قوات حلف شمال الأطلسي أنها كانت تقوم بمراقبة بعض الأهداف، مثل ملاجئ القيادة، لفترات طويلة. وكانت الطائرات من دون طيار والطائرات الأخرى ترصد التحركات اليومية في المواقع، في ما يعرف باسم «سير النشاط اليومي» إلى أن يصبح القادة على ثقة من أن وقت إصابة الهدف قد حان.

وكانت هناك اعتبارات أخرى؛ فعلى سبيل المثال كان متخصصو الاستهداف يحددون زاوية الهجوم ووقته، بحيث لا يؤدي إلى إصابة مدنيين قدر المستطاع. ومن الأمور التي كانوا يدرسونها حجم ونوع القنبلة والأجزاء التفجيرية. وتعمل بعضها على تأجيل انفجار الشحنة التفجيرية العالية في القذيفة. ويمكن لهذا أن يمكن القذائف من اختراق الخرسانة والانفجار في أنفاق تحت الأرض أو ملاجئ الجنود أو الثبات وسط الرمال قبل الانفجار، مما يؤدي إلى تقليل قوة الانفجار والشظايا والخطر على البشر والممتلكات القريبة من موقع الانفجار. ويمكن لقوات حلف شمال الأطلسي اختيار القنابل الخاملة التي تدخل في صناعتها الخرسانة التي يمكنها هدم مبانٍ أو تدمير دبابات من خلال الطاقة الحركية لا الانفجار. وأوضح حلف شمال الأطلسي أن هذه الأسلحة استخدمت أقل من 10 مرات خلال الحرب.

الكثير من الهجمات الأولى في إطار مهام مخططة، لكن ثلثي الهجمات، وأكثر الهجمات التي حدثت في نهاية الحرب، كانت من نوع آخر هو الهجمات الديناميكية. وكانت تلك الهجمات للأهداف التي تظهر مصادفة. على سبيل المثال، كانت بعض الفرق في الدوريات الجوية ترصد هدفا محتملا أو يصل إليها خبر به. وقد تكون من بين هذه الأهداف سيارة عسكرية مشتبه بها. وإذا أكد المراقبون في طائرات مزودة بنظام الإنذار الجوي صحة الهدف يهاجمونه.

وأوضحت قوات حلف شمال الأطلسي أن هذه المهام الديناميكية كانت تتضمن إجراءات للحد من الخطر على المدنيين. في 24 أكتوبر، وصف الفريق تشارلز بوتشارد، قائد العمليات الكندي، الفلسفة التي تحكم الفحص الدقيق للهدف أو استخدام الأسلحة الموجهة فقط وهي القيود الصارمة. وقال: «لا نصوب باتجاه الهدف إلا بعد التأكد من رؤيته بوضوح».

وقال العقيد جوليان إنه كانت هناك مئات الفرص أمام الطيارين للقصف، لكنهم كانوا يمتنعون عن القيام بذلك، خوفا على المدنيين. وقال العقيد أليان بلتير، قائد مقاتلات «سي إف 18» الكندية، التي نفذت 946 هجوما جويا: إن كندا زودت طائراتها ببرنامج خاص مكَّن الطيارين من تقدير نطاق الانفجار المحتمل حول الهدف وإيقاف المهمة إذا ظهرت رسالة تحذر من وجود خطر على المدنيين. وأشار جوليان إلى بث حلف شمال الأطلسي رسائل تحذيرية وتوزيع ملايين المنشورات تنبه الليبيين للابتعاد عن الأهداف العسكرية المحتملة، وهو ما أكده الكثير من الليبيين في أنحاء البلاد.

مهاجمة الثوار لقد قُتل المدنيون على يد قوات حلف شمال الأطلسي خلال فترة تدخل القوات الأجنبية كما توضح الأدلة المتوافرة حاليا، وكانت البداية من أكثر الأخطاء قبحا في الحرب الجوية وهي قصف قافلة سرية من السيارات المدرعة التابعة للثوار التي كانت تسير في الصحراء وتتجه نحو الخطوط الأمامية للقوات الموالية للقذافي في الشرق. وبعد أن تمكنت القوات الموالية للقذافي من تفادي أول موجة من الهجمات الجوية، اتخذت إجراءات لتفادي جذب انتباه قذائف قوات «الناتو» من خلال التحرك في مجموعات صغيرة. كذلك كانوا أحيانا يتخلون عن السيارات المدرعة ويستقلون شاحنات تشبه الشاحنات التي يقودها الثوار. وفجأة لم يجد الطيارون أهدافا.

في 7 أبريل (نيسان) ومع تركز الثوار في منطقة الجبال التي تقع على بعد 20 ميلا من البريقة، بدأت قوات «الناتو» تشن هجمات جوية، وتمكنت، خلال سلسلة من الهجمات التي استخدمت بها قذائف موجهة بأشعة الليزر، من منع تجمع الثوار وتدمير دروعهم وشتتت القوات المناهضة للقذافي وقتلت الكثير منهم، على حد قول الناجين منهم. واستمرت الهجمات مع محاولة المدنيين، ومنهم فرق الإسعاف، التحرك وسط النيران وآثار القذائف لمساعدة الجرحى. وكان من ضمن الفريق ثلاثة من رعاة الغنم.

ومع اقتراب الرعاة من الرمال، سقطت قذيفة أخرى، على حد قول أحدهم، ويدعى عبد الرحمن علي سليماني سوداني. وأصابهم الانفجار وجُرح ابنا عمومته الاثنان. وأضاف أن جسد أحدهما انشق إلى نصفين، بينما أصيب الآخر بجرح غائر في الصدر. ولقي الاثنان حتفهما. وعاد سوداني مع أقارب آخرين له إلى موقع الانفجار وجمعوا رفات الجثتين ليدفن في مدينة الكفرة. لقد قتل الرجلان اللذان كانا يحاولان المساعدة. وأوضح: «لقد اتصلنا بأسرتيهما في السودان وأخبرناهما أن ابنيهما قد قضيا نحبهما». ورفض العقيد جوليان التعليق على هذه الواقعة، لكنه قال إنه في كل مرة كانت طائرة تابعة لقوات «الناتو» تعود لتضرب مرة أخرى في عملية منفصلة في إطار قرار منفصل، مشيرا إلى أن «الضربات المتتابعة» لم تكن نهجا تتبناه قوات «الناتو». وقد ذكر بعض الناجين من هجمات منفصلة أن هذا النوع من الهجمات حدث عدة مرات، ورأوا أن هذا من أسباب عدم تعاون المدنيين في المواقع التي تتعرض للهجوم، أو أنهم يغيرون رأيهم ويهرولون مبتعدين فزعا.

وقال العقيد جوليان: إنه كان من المرجح تبني هذه الطريقة عند مراجعة قوات «الناتو» للحملة الجوية.

هجوم طائش لم يحمِ تخطيط قوات «الناتو» أو حرصها عائلة علي مقهر الغراري عندما تهدم منزله في يونيو (حزيران) بظاهرة بدأت مع بداية الحرب وهي القصف عن طريق الخطأ. ويمتلك الغراري، الرجل المتقاعد، منزلا في طرابلس مكونا من ثلاثة طوابق يقيم فيه مع أبنائه وأسرهم. في وقت متأخر من 19 يونيو تم قصف المنزل، مما أدى إلى انهيار واجهته. وقالت العائلة إن الحطام ملأ باحة شقة تقيم بها ابنة الغراري مع زوجها وطفليها؛ جومانا البالغة من العمر سنتين، وخالد البالغ من العمر 7 أشهر. وقتل الأربعة إضافة إلى ابن آخر من أبناء الغراري يدعى فروجي؛ حيث سقط من سريره في الطابق الثاني على الحطام، على حد قول اثنين من أشقائه. وأصيب ثمانية آخرون من أفراد العائلة، إصابة أحدهم بالغة.

وزعمت حكومة القذافي مقتل 9 مدنيين، منهم أحد أفراد فرق الإنقاذ، في هجمات جوية كنوع من المبالغة. وذكرت أنه تم صعق أحدهم بالكهرباء وهو يخلي المكان من الحطام. ولم يتسنَّ التحقق من صحة هذه الحالات من مصدر مستقل. والخبر المؤكد هو مقتل أفراد عائلة الغراري المذكورين. في البداية، اعترفت قوات «الناتو» تقريبا بالخطأ الذي ارتكبته؛ حيث صرحت في بيان لقوات التحالف بعد الواقعة بفترة قصيرة: «ربما أدى خلل في نظام الأسلحة إلى إصابة عدد من المدنيين». بعد ذلك تم رصد ما حدث؛ حيث زارت كريستل يونس، مديرة العمليات الميدانية في «سيفيك» التي تتولى أمر الضحايا، الموقع وسلمت «الناتو» ما توصلت إليه من نتائج، لكنها قوبلت باستجابة فاترة؛ حيث قالت: «لقد أخبروني بعدم وجود تقارير تؤكد وقوع إصابات بين مدنيين».

وتشير إلى أن السبب هو صك قوات التحالف مفهوما خاصا بها لما هو «مؤكد» وهو القتلى الذين تتحقق بنفسها من مقتلهم. ونظرا لرفض قوات التحالف التحقيق في هذه الأحداث، لا تتجاوز إحصاءات إصابات المدنيين الصفر. وأضافت: «لقد كان موقفها سخيفا، لكنه واضح»؛ حيث أكدت «عدم رغبة قوات (الناتو) في التحقيق في هذه الحوادث». يتسبب هذا الموقف في حيرة عائلة الغراري ويمثل تهديدا اجتماعيا. وقال محمد، أحد أبناء الغراري، إن العائلة أيدت الثورة، لكن منذ هجمات «الناتو»، بدأت العائلة توصف بأنها موالية للقذافي، بسبب قصف قوات «الناتو» لمنزل الغراري. وتابع أنه سيقبل اعتذار «الناتو»، بل يمكن أن يتقبل ارتكابه للخطأ. وأوضح: «إذا كان ما حدث نتيجة خطأ من غرفة التحكم، لن يكون لي قول فظ وسأرضى بالقضاء والقدر». مع ذلك طلب من «الناتو» محو ما لحق بعائلته من عار وتصحيح الوضع. وأضاف: «ينبغي أن يوضحوا ما حدث حتى يعلم الجميع أننا أبرياء».

خطأ رهيب خلال ساعات قبل مقتل زوجته وابنيه، كان مصطفى ناجي المرابط يعتقد أنه يتخذ الاحتياطات اللازمة في 4 أغسطس (آب). عندما بدأ الضباط الموالون للعقيد القذافي الاجتماع في منزل بجواره في مدينة زليتن، رحل هو وعائلته عنها. وكان هذا في شهر يوليو (تموز). ويقول المرابط وجيرانه إن هذا المنزل القريب كان ملك طبيب موالٍ للقذافي وكان يستضيف فيه قادة عسكريين ينظمون الجبهة الداخلية. وبعد نحو شهر من ذلك التاريخ، ومع اقتراب الثوار، هرب الضباط على حد قول المرابط. وعاد هو وأسرته إلى منزله في الثاني من أغسطس بعد أن ظنوا أن الخطر قد زال.

حدثت الكارثة بعد يومين؛ فقد قطع دوي قذيفة هدوء الصباح الباكر، ضربت منزلهم الإسمنتي متسببة في سقوط واجهته.

وتوفيت ابتسام علي البربر، زوجة المرابط، جراء تهشم جمجمتها وقتل أيضا اثنان من أبنائهم الثلاثة – محمد (6 سنوات)، ومعتز (3 سنوات). وتحطمت ثلاث أصابع بالقدم اليسرى لفاطمة عمر منصور، والدة مرابط. وكسرت ساقها اليسرى.

«كنا في منازلنا في المساء»، هكذا تحدثت وهي تبرز ساقها المتورمة.

وأظهر الدمار الذي لحق بمنزلهم أنه حتى مع اتباع أدق معايير تحديد الأهداف، تحدث أخطاء. فحلف «الناتو» لم يوجه ضربته فقط للمبنى الخاطئ، حسبما ذكر الناجون والجيران، وإنما وجهها أيضا بعد أكثر من يومين من الموعد المحدد.

وشرح مرابط تفاصيل محزنة؛ فقد أوضح أنه يشك في أن القذيفة مصنوعة من الإسمنت؛ إذ لم تظهر نيران أو آثار تفجيرات عندما ضربت المنزل. وأضاف أنه ربما يكون حلف «الناتو» قد حاول أن يقلل الضرر إلى أدنى حد ممكن، غير أن المزايا التي كان من المتوقع تحقيقها من توخي الحذر لم تتحقق. وقال: «أريد أن أعرف السبب. لقد قال مسؤولو حلف (الناتو) إنهم على درجة شديدة من التنظيم ومحترفون. إذن، ما سبب وقوعهم في هذا الخطأ الفادح؟».

لم يتضح بعدُ ما إذا كان من ارتكب هذا الخطأ هو الطيار أم هؤلاء الذين قاموا بتحديد الهدف. ورفض حلف «الناتو» الرد على أسئلة حول الهجوم.

وفي 8 أغسطس، بعد 4 أيام من تدمير منزل مرابط، ضرب حلف «الناتو» مباني يقطنها مدنيون مجددا، وهذه المرة في مدينة المجير، بحسب ناجين وأطباء ومحققين مستقلين. وكانت هذه الهجمات هي أكثر ضربات حلف «الناتو» دموية خلال الحرب.

بدأ الهجوم بسلسلة قذائف موجهة بالليزر وزنها 500 رطل، تعرف باسم «جي بي يو 12»، حسبما يتضح من بقايا المعدات. كان المنزل الأول، الذي يملكه علي حميد قافز، 61 عاما، مكتظا بأقارب قافز، الذين تسببت الحرب في تشريدهم، على حد قوله هو وجيرانه.

ودمرت القذيفة الطابق الثاني ومعظم أجزاء الطابق الأول. ولقي 5 نساء و7 أطفال مصرعهم؛ وأصيب كثيرون آخرون، من بينهم زوجة قافز، التي كانت ساقها اليسرى بحاجة إلى بتر، حسبما أوضح الطبيب الذي أجرى لها الجراحة.

وبعد دقائق، هاجمت طائرة تابعة لحلف «الناتو» مبنيين في مجمع سكني ثان، يملكه إخوة من أسرة جارود. وقالت الأسرة إن الهجوم قد تسبب في مقتل 4 أفراد.

وبعد عدة دقائق من وقوع الضربات الجوية الأولى، ومع إسراع الجيران للتنقيب بحثا عن الضحايا، وجهت قذيفة أخرى أودت بحياة 18 مدنيا، على حد قول الأسرتين.

كان عدد القتلى غير مؤكد؛ فقد ذكرت حكومة القذافي أن 85 مدنيا لقوا مصرعهم. غير أن هذا الرقم لا يبدو حقيقيا. ومع اختفاء آلية دعاية القذافي، أصدرت الحكومة الجديدة قائمة رسمية بالوفيات، تضم 35 قتيلا، من بينهم جنين لأم تعرضت لإصابة مميتة، ذكرت أسرة قافز أنها وافتها المنية أثناء الولادة.

وأكد مستشفى زليتن أن هناك 34 حالة وفاة، كما طلب من 5 أطباء بالمستشفى علاج عشرات المصابين، بينهم كثير من النساء والأطفال.

وامتلأت أسرَّة وحدة الرعاية المركزة البالغ عددها 16 سريرا بأكملها بمدنيين مصابين إصابات خطيرة، بحسب أطباء. وقال أحمد ثبوت، المدير المشارك للمستشفى: إنه لم يكن أي من الضحايا، سواء الأحياء أو الموتى، يرتدي زيا عسكريا. وقال: «ليس ثمة أدنى شك. هذا ليس اختلاقا. هناك مدنيون قتلوا».

ويبرز وصف الجروح الاختلاف بين الأخطاء المرتبطة باستخدام صواريخ أرض - أرض التقليدية وطبيعة الأخطاء التي لا يمكن تجاوزها المرتبطة باستخدام قذائف وزنها 500 رطل، والتي تولد انفجارات من نوع مختلف تماما.

وقال مصطفى إخيال، ويعمل جراحا: إن الجروح التي سببتها قذائف حلف «الناتو» كانت أكثر فداحة من تلك التي قد تعامل معها فريق الجراحين على مدار عدة أشهر. وتحدث قائلا: «علينا أن نصرح بالحقيقة. ما شاهدناه تلك الليلة كان مختلفا تماما».

في تصريحات سابقة، قال مسؤولو حلف «الناتو» إنهم قد راقبوا المنازل جيدا قبل الهجوم وشاهدوا «مناطق تدريب عسكري». وذكروا أيضا أنهم قد قيموا الهجمات الجوية وأن مزاعم وجود إصابات بين المدنيين لم تؤكدها «المعلومات الفعلية المتاحة» لديهم. ولدى سؤالهم عن ماهية هذه المعلومات، لم يصرحوا بها.

تقدم قافز باعتراض؛ حيث قال إن مراجعة جميع مقاطع الفيديو الخاصة بعمليات المراقبة قبل الهجوم تثبت أن حلف «الناتو» مخطئ. وقال إنه لم يكن هناك سوى مدنيين، وطالب بأن ينشر الحلف الفيديو.

وقالت زوجة يونس: إن النزاع أغفل نقطة مهمة. فقد ذكرت أنه في ظل توجيهات إصابة الأهداف الخاصة بحلف «الناتو» وتماشيا مع الممارسات التي أكد الحلف مرارا وتكرارا أنه ينتهجها، فإنه في حالة ثبوت وجود مدنيين، كان يجب عدم توجيه أي ضربات جوية.

وقد أثارت النتائج الأولية بشأن الهجمات التي وجهت لمدينة المجير، التي تندرج ضمن تحقيق أجرته الأمم المتحدة حول الإجراءات التي انتهجتها جميع الأطراف في ليبيا والتي أضرت بالمدنيين، تساؤلات حول شرعية الضربة بحسب القانون الإنساني الدولي، وذلك حسبما أفاد مصدر رسمي مطلع على التحقيق.

تحديد المنازل كأهداف أظهرت هجمات حلف «الناتو» في مدينة المجير، واحدة من الضربات الخمس المعروفة التي وجهت للمناطق السكنية، نمطا؛ فحينما افترض أن الأهداف السكنية قد استخدمت من قبل القوات الموالية للقذافي، كان هناك مدنيون، مما يشير إلى وجود ثغرات في المراجعات وأشكال التقييم الأخرى الخاصة بـ«نمط حياة» حلف «الناتو».

وقد تسببت ضربات جوية تم توجيهها يوم 20 يونيو في تسوية منازل يملكها اللواء الخويلدي الحامدي، في مدينة صرمان بالأرض. يُذكر أن الحامدي كان واحدا من معاوني العقيد القذافي لوقت طويل وعضوا بمجلسه الثوري. وقد ذكر حلف «الناتو» أن مجمع الأسرة السكني كان يستخدم كمركز قيادة.

وأوضحت رواية الأسرة، التي أكدها جزئيا الثوار، أن الضربات أودت بحياة 13 مدنيا، كما تسببت في إصابة 6 آخرين. وتعرف مقاتلون محليون معارضون للقذافي على هوية 4 من القتلى، هم: زوجة ابن اللواء وثلاثة من أطفالها.

وقد أصيب اللواء الحامدي وفرَّ إلى المغرب، وفقا لما ذكره ابنه خالد. وقد أقام خالد دعوى ضد حلف «الناتو»، مدعيا أن الهجوم يمثل جريمة. وقال إنه هو وأسرته وقعوا ضحايا «أكاذيب» الثوار، التي تسببت في توجيه قذائف من جانب حلف «الناتو».

وفي 25 سبتمبر (أيلول)، تسببت هجمة أخرى أصغر في تدمير منزل العميد مصعب دياب في سرت، حسبما أشار جيرانه وأفراد أسرته.

ولقي دياب، الذي تربطه صلة قرابة بالعقيد القذافي، مصرعه. كما توفي 7 نساء وأطفال كانوا في منزله، حينما حاصر الثوار بعض المعاقل الأخيرة للقوات الموالية للقذافي، بحسب شهود عيان.

عند هذه المرحلة، انقلبت الأوضاع رأسا على عقب في ليبيا. فلم تعد بقية القوات الموالية للقذافي تسيطر على أي مناطق؛ إذ باتوا مجرد مجموعة فوضوية. وقال سكان من سرت إن القوات المعادية للقذافي هي التي هددت حياة المدنيين الذين شكت في تعاطفهم مع النظام السابق.

وفي ظهيرة أحد الأيام، تأمل محمود زروق مسعود، الذي كانت يده متورمة جراء عدوى بسبب جرح، الجزء المنهار من مبنى سكني مؤلف من 6 طوابق في سرت، التي تعرضت لضربة جوية في منتصف سبتمبر. وقد تطاير أثاث شقته جراء الانفجار.

ودخل المطبخ؛ حيث كان هو زوجته قد انتهيا للتو من تناول الإفطار في رمضان، حينما وجهت الضربة. قال: «لم نفكر مطلقا في أن حلف (الناتو) سيهاجم منزلنا».

وقياسا على حجم الضرر اللاحق وبقايا المعدات المستخدمة في توجيه الضربة، أسقطت قذيفة بها أجزاء تفجيرية جانبا آخر من المبنى، وأحدثت ثقبا بشقة أخرى، ثم انفجرت، مما أدى إلى تهاوي حوائط. وتطاير الحطام عبر ساحة المنزل وعند باب شرفة المطبخ.

ولقيت زوجته، عائشة عبده جديل، مصرعها، بعد أن قُطعت ذراعاها، على حد قوله. وما زالت آثار الدماء تلطخ الأرض والحوائط.

وبخلاف الأسئلة المكتوبة، رفض حلف «الناتو» التعليق على الهجمات الجوية الثلاث التي ضربت منازل في صرمان وسرت.

* خدمة «نيويورك تايمز»

* أعد التقرير سي جيه تشيفيرز من ليبيا وإريك شميدت من واشنطن وبروكسل ونابولي