إسرائيل تطلق سراح الأسرى ليلا لمنع أبو مازن من استقبالهم

ثلثا عدد المحررين كانوا سيتحررون في السنة المقبلة من دون صفقة

فلسطيني من أقارب أحد المعتقلين يقوم بوضع ملصقات وأشرطة زينة في مخيم قلنديا استعدادا للاحتفال بإطلاق سراح المعتقلين (أ.ب)
TT

عداء الحكومة الإسرائيلية الحالية، بقيادة بنيامين نتنياهو، تجاه القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، بلغ حدا جعل نتنياهو يؤخر إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ضمن المرحلة الثانية من صفقة شاليط، إلى ساعات الليل، حتى لا يتاح للفلسطينيين إجراء احتفالات وطنية، وحتى لا يتمكن الرئيس عباس الذي يسافر إلى تركيا، حسب تخطيط مسبق، من استقبالهم.

ولم يخف مصدر مقرب من اليمين الحاكم في إسرائيل، أن هناك توجها انتقاميا من القيادة الفلسطينية، وقال: «هذه قيادة لا تستحق الهدايا. فهي ما زالت تصر على خوض حرب ضد إسرائيل في الهيئات الدولية، وفقط قبل أيام صرح وزير خارجيتهم بأن هناك جولة جديدة في هذه الحرب ستنفذ قريبا، بإعادة طرح مشروع قبول فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة، إضافة إلى طرحهم، في مجلس الأمن، مشروع قرار ضد الاستيطان».

المعروف أن صفقة شاليط نفذت على مرحلتين، ففي المرحلة الأولى أطلق سراح 477 أسيرا وأسيرة ممن اختارت أسماءهم حماس، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط. وكان يفترض أن تنفذ المرحلة الثانية، أمس، بإطلاق سراح 550 أسيرا فلسطينيا نوعيا تختار أسماءهم إسرائيل. وقد توجهت جهات دولية عديدة إلى الحكومة الإسرائيلية طالبة أن تكون المرحلة الثانية من الصفقة بمثابة «هدية إسرائيلية لرئيس السلطة الفلسطينية عباس، مثلما كانت المرحلة الأولى منها هدية لحماس». وكذلك هاجمت الصحافة الإسرائيلية وقوى المعارضة الحكومة على تشجيعها حماس على حساب السلطة الفلسطينية. في حينه، صرح الرئيس عباس بأن هناك اتفاقا مع رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، إيهود أولمرت، بأن يتم إطلاق سراح مئات الأسرى النوعيين من مختلف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، بعد إنجاز صفقة شاليط. وأبدت الحكومة الإسرائيلية استعدادا لأخذ هذه الآراء بعين الاعتبار لدى إقرار أسماء الأسرى المحررين في المرحلة الثانية.

ولكن مراجعة القرارات بخصوص المرحلة الثانية من صفقة شاليط، تبين أن حكومة نتنياهو قصدت توجيه ضربة للسلطة من خلالها. فهي قررت أولا، إتمام عملية إطلاق سراح الأسرى في الساعة العاشرة ليلا، مع علمها بأن الرئيس الفلسطيني سيكون في هذه الساعة في طريقه إلى تركيا، في زيارة رسمية مقررة مسبقا، وأن أهالي الأسرى وجماهير غفيرة ستحتشد من ساعات الصباح لاستقبال أبنائهم المحررين. وثانيا، يتضح من مراجعة أسماء الأسرى المحررين، أنه لا يوجد بينهم أسرى نوعيون ممن تسميهم إسرائيل «سجناء أيديهم ملطخة بالدماء». كما استثني الأسرى المصابون بأمراض مزمنة، والأسرى القدامى، والأسيران من «فلسطينيي 48». والتهم التي أدين بها هؤلاء الأسرى هي المشاركة في عمليات إطلاق رصاص أو قذف حجارة أو زجاجات حارقة أو طعن بالسكين. وقد تباهى الناطق بلسان الحكومة بذلك قائلا: «لم نطلق سراح أي سجين مدان بتهمة قتل». كما تبين أنه من مجموع 550 أسيرا، يوجد أكثر من 400 أسير، تنتهي محكوميتهم خلال السنة المقبلة. وقال مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية، عبد الناصر فروانة، إن 9 أسرى من المفرج عنهم كان يتبقى لهم ما بين 5 و8 سنوات، و9 آخرين ما بين 3 و5 سنوات، و22 أسيرا ما بين سنة و3 سنوات، و9 آخرين كان من المفترض أن يطلق سراحهم في غضون الشهور القليلة المقبلة.

وبالنسبة للأحكام التي صدرت بحق الأسرى المزمع الإفراج عنهم، أوضح فروانة أن 11 أسيرا كانوا يقضون أحكاما تتراوح ما بين 10 و14 سنة، و20 أسيرا ما بين 5 و10 سنوات، و9 أسرى يقضون أحكاما تقل عن 5 سنوات. وأشار فروانة إلى أن أكبر فترة محكومية أمضاها سجين من بين الأسرى المفرج عنهم في المرحلة الثانية من الصفقة، هي 10 سنوات، وأن الأعلى حكما بينهم 18 عاما، وأن 50 في المائة منهم متزوجون. وبين أن 10 أسرى اعتقلوا في الفترة الممتدة ما بين الأعوام 2001 وحتى 2006، و15 أسيرا اعتقلوا بعد عام 2006، و15 أسيرا آخرين بعد عام 2008. وأشار إلى أن قائمة أسرى غزة لم تشمل أسرى قدامى ممن مضى على اعتقالهم سنوات طويلة، أو مرضى السرطان أو المعاقين أو ممن يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، وأن جميع الأسرى المنوي الإفراج عنهم ممن كانوا قد اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى.

وأكد نادي الأسير في رام الله، أنه ستبقى 5 أسيرات في السجن، إضافة إلى ثلاث اعتقلن لاحقا وهن: لينا جربوني، وورود قاسم (4 سنوات)، وخديجة أبو عياش (4 سنوات)، والموقوفات من دون محاكمة: منى قعدان وفداء أبو سنينة ورانيا هلسة وهنية ناصر. ولم تصدق الأسيرة، لينا جربوني، المحكومة بالسجن 17 عاما والمعتقلة منذ 2002، كيف انتهت الصفقة من دون إطلاق سراحها وبعض زميلاتها، مع أنها تلقت وعودا من حماس بأن يتم شملها في المرحلة الثانية، بعد أن كان قد سقط اسمها و8 أسيرات أخريات سهوا في المرحلة الأولى من الصفقة.

يذكر أن من بين 550 أسيرا، 506 من الضفة الغربية، و40 من غزة، واثنان من القدس، واثنان من الأردن.

وكانت محكمة العدل العليا الإسرائيلية قد ردت جميع الدعاوى التي رفعها إسرائيليون لعرقلة هذه الصفقة، وقررت أمس أنها لا ترى داعيا للتدخل في قرار سياسي تتخذه الحكومة بهذا الشأن.