توافق المسيحيين على قانون انتخاب يعطي كل طائفة حق اختيار مرشحيها يثير امتعاضا في لبنان

قباني لـ«الشرق الأوسط»: إذا طُبق سيؤدي إلى نهاية البلد

TT

لاقى توافق القادة الموارنة في لبنان على «الرؤية الأرثوذكسية» لقانون الانتخاب، التي تنص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، امتعاضا واسعا في صفوف باقي الأفرقاء من المسلمين الذين أعربوا عن صدمتهم، معتبرين أنه «يشكل منتهى التقوقع الطائفي في البلاد».

وبينما اعتبر رئيس الحكومة الأسبق، سليم الحص، أن «هذا المنحى من التفكير يشكل طعنا في فكرة العيش المشترك بين اللبنانيين، بل خروجا عليها»، رأى عضو كتلة المستقبل، محمد قباني، أن «اعتماد الرؤية الأرثوذكسية سيشكل بداية انتحار جماعي ستؤدي إلى نهاية لبنان»، مشددا على أن «البحث بمشروع قانون يقضي بأن تنتخب الطوائف ممثليها يمكن أن يبحث فقط ضمن نظام المجلسين، أي في ظل مجلس نواب لا طائفي ومجلس شيوخ تنتخب فيه الطوائف ممثليها كما تشاء». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أي بحث في هذا القانون خارج هذا الإطار أمر مؤسف جدا؛ كونه سيؤدي لتقسيم البلد لكانتونات مذهبية، مما يشكل انتحارا جماعيا ونهاية للبنان الوطن والشعب الواحد».

وإذ أعرب قباني عن تفهمه للمخاوف المسيحية، دعا «لمعالجتها عن طريق تعزيز الوحدة الوطنية وليس من خلال زيادة حدة الانقسام المذهبي». وأضاف: «إذا فقد المسيحيون دورهم الفاعل فسأهاجر وأترك لبنان قبلهم». وقال قباني: «النواب الذين تنتخبهم طوائفهم سيكون همهم الوحيد القتال الشرس لتحقيق مطالب الطوائف، وعندها سنقول على الوطن السلام»، مشددا على أن «تيار المستقبل يتمسك باتفاق الطائف وما نص عليه في هذا الإطار وهو ما يعاكس تماما الرؤية الأرثوذكسية».

ولم تختلف كثيرا مواقف 8 و14 آذار لجهة شجبها للتوافق المسيحي على الرؤية الأرثوذكسية؛ إذ اعتبر مستشار رئيس مجلس النواب علي حمدان أن «هناك شيئا غير دستوري في طرح اللقاء الأرثوذكسي»؛ لأن «النائب هو للأمة، في حين أن اللقاء يدعو إلى انتخاب نائب للطائفة»، بينما وصف عضو كتلة المستقبل، نهاد المشنوق، ما صدر عن بكركي بـ«غير المطمئن»، مؤكدا التزامه بـ«التفاهم مع المسيحيين على قانون عاقل لا يشجع الأمراض الطائفية».

وعبَّر رئيس الحكومة الأسبق، سليم الحص، عن «صدمته من دعوة القادة الموارنة إلى أن تنتخب كل طائفة نوابها»، مشيرا إلى أن «اعتماد هذا الطرح يعني منتهى التقوقع الطائفي في البلاد، إضافة إلى أن النائب لن يكون في موقع يشعر فيه ويتصرف أنه مسؤول أمام شعب ووطن وإنما أمام طائفته». واعتبر الحص أن «انتخاب كل طائفة نوابها سيكون مقدمة لتطبيق اللامركزية الطائفية»، لافتا إلى أن «هذا يشكل منتهى التخلي عن الاعتبار الوطني في النظام السياسي وطعنا في فكرة العيش المشترك بين اللبنانيين، بل خروجا عليها». ودعا الحص في هذا الإطار أطراف لقاء بكركي إلى «الإقلاع كليا عن طرح المشروع الأرثوذكسي لما فيه من إساءة للحياة الوطنية في لبنان ولما ينطوي عليه من تعقيد سيكون من شأنه الحيلولة دون تطوير الممارسة الديمقراطية مستقبلا على النحو الذي يتلاقى وطموحات الأجيال الصاعدة من اللبنانيين».

في المقابل، اعتبر النائب نعمة الله أبي نصر، عضو تكتل التغيير والإصلاح، الذي يرأسه النائب ميشال عون، أن «القانون الذي توافق عليه المسيحيون جدير بالتجربة، خصوصا أن من شأنه أن يؤمن تمثيلا حقيقيا للناخبين ما دام نظامنا السياسي طائفيا»، مشددا بالمقابل على «ضرورة أن يحظى بموافقة جميع الأفرقاء الشركاء في الوطن».

ورأى عضو كتلة القوات اللبنانية، النائب أنطوان زهرا، أن «من يهاجم محاولة تصحيح التمثيل النيابي على الرغم من الموافقة على (الطائف والمناصفة) هو خبيث، بمعنى أن قوانين الانتخابات التي جاءت بعد الطائف تقول إن هناك 64 نائبا مسيحيا و64 مسلما»، وقال: «إن انتساب النواب إلى طوائف تنتخبهم أو تعينهم طوائف أخرى، هو الخبث بعينه، وبالتالي هذا هو التخلف والعودة إلى الوراء ومصادرة الرأي الآخر والتمثيل الآخر والادعاء أن الدنيا بألف خير». واعتبر زهرا أن «اقتراح القانون المقدم من (اللقاء الأرثوذكسي) يشكل أفضل خروج من الجو الطائفي المشحون، أي أن تشعر الطوائف كلها أنها تمثل بشكل جيد وتسعى لترسيخ التنوع والشراكة الوطنية».