مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: نرحب بتوقيع دمشق.. لكن يبقى حبرا على الورق حتى تنفيذه

باريس: ما زلنا نعتبر الأسد فاقدا للشرعية * موسكو تعرب عن ارتياحها لتقبل دمشق لنصيحتها

جانب من مظاهرة حي الميدان بدمشق بعد تعرضها لإطلاق نار وتفريقها من قبل قوات الأمن
TT

رحبت الخارجية الأميركية بتوقيع سوريا على بروتوكول جامعة الدول العربية وقال مسؤول بالخارجية الأميركية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نرحب بالتوقيع لكن، حتى يبدأ التنفيذ، فإن التوقيع يبقى مجرد توقيع على الورق، ونعتقد أن الجامعة العربية تتوقع إرسال الفريق الأول من المفتشين إلى أرض الواقع في غضون 48 ساعة».

وشدد المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة تركز على تنفيذ النقاط الأربع الواردة في المبادرة العربية وهي الوصول غير المقيد للمراقبين إلى جميع المواقع في سوريا، واعتبرها المسؤول الأميركي أهم نقطة يجب تنفيذها في المبادرة. وأوضح أن النقاط الأخرى تركز على وقف جميع أعمال العنف، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين وسحب كل العناصر المسلحة من المناطق المأهولة بالسكان.

في الوقت نفسه أبدى المسؤول الأميركي قلقه من الأوضاع في سوريا وقال «هناك تقارير واردة عن النشطاء السوريين يؤكدون فيها مقتل ما لا يقل عن 78 مدنيا، بينهم ثمانية أطفال على يد القوات الأمنية الموالية لنظام الأسد خلال يومي السبت والأحد الماضيين في حي الميدان في دمشق».

إلى ذلك طالبت فرنسا أمس بأن يتمكن المراقبون العرب الذين وافقت دمشق على استقبالهم، من القيام «بمهمتهم على الأرض في أسرع وقت» في سوريا، مؤكدة أنها مع على الرغم من ذلك فإنها ما زالت تعتبر الرئيس السوري بشار الأسد «فاقد الشرعية». وقالت وزارة الخارجية الفرنسية «في اليومين الماضيين، سقط ثلاثون قتيلا آخرين والأمر ملح».

وأضافت أن إرسال مراقبين «يشكل أحد عناصر» خطة قدمتها الجامعة العربية إلى سوريا وتجاهلتها دمشق حتى الآن.

وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسي برنار فاليرو «لقد أخذنا علما بإعلان توقيع سوريا بروتوكول إرسال مراقبين، ويجب أن يتمكن هؤلاء المراقبون فعليا من أداء مهمتهم بأسرع وقت ممكن على الأرض».

وأضاف «عودنا نظام دمشق بالفعل منذ أشهر على عدم احترام التعهدات التي قطعها بنفسه وعلى تكثيف المناورات المماطلة حيال المجموعة الدولية»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد الناطق الفرنسية من جديد أنه بالنسبة لفرنسا، الرئيس السوري بشار الأسد «فقد كل شرعية».

وذكر الناطق بأن خطة الجامعة العربية تنص إلى جانب إرسال مراقبين عرب على «وقف القمع والإفراج عن كل الذين سجنوا خلال المظاهرات وعودة الجيش إلى الثكنات والسماح بدخول وسائل إعلام أجنبية».

وأثار توقيع سوريا على بروتوكول الجامعة العربية الخاص بإرسال مراقبين إليها موجة ارتياح في الأوساط السياسية والدبلوماسية الروسية في الوقت الذي بدأ فيه مجلس الأمن الدولي مشاوراته على مستوى الخبراء حول مشروع القرار الروسي بشأن وقف العنف من جانب كل الأطراف المعنية في سوريا. وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية سبق وكشف عن أن موسكو أسدت النصيحة لدمشق بشأن توقيع بروتوكول بعثة المراقبين العرب واستقبال المراقبين في أسرع وقت ممكن، مؤكدا استعداد بلاده لإيفاد مراقبين من روسيا. وقال: «لقد أبدينا استعدادنا خلال اتصالاتنا مع جامعة الدول العربية والحكومة السورية لضم مراقبين من الممكن أن توفدهم روسيا وغيرها من مجموعة دول (بريكس) التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا إلى مجموعة المراقبين العرب في حال توفر الاهتمام بذلك».

ومن اللافت أن لافروف أشار في ختام مباحثاته مع نظيره الجزائري مراد مدلسي في وقت سابق من هذا الشهر إلى احتمالات فرض العقوبات ضد سوريا حين قال «إن روسيا تعارض فرض العقوبات لأن ما سبق من تجارب بهذا الشأن لم يحقق النتائج المرجوة إلا في استثناءات نادرة جد ونحن غير مستعدين للجوء إلى استعمالها إلا عن الضرورات القصوى» على حد تعبيره.

وكانت روسيا تلقت إفادات من جانب كل من الصين والهند تدعم مشروع قرارها المقدم إلى مجلس الأمن وهو ما اعتبرته الدوائر السياسية في موسكو خطوة في الاتجاه المعاكس الذي يسحب غطاء الدعم الذي طالما تدثرت به القيادة السورية منذ اندلاع الأزمة في وقت سابق من هذا العام. وأكدت مصادر الخارجية الروسية ارتياحها لما قاله وليد المعلم وزير الخارجية السورية أمس حول أن «روسيا طلبت منا التوقيع على البروتوكول ونحن لبينا النصيحة». ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن فلاديمير بوليفانوف نائب رئيس الوزراء الروسي الأسبق قوله إن التوقيع على البروتوكول في إطار التطورات الحالية في سوريا أمر ضروري لأنه يعطيها مهلة مهمة لكي تستطيع الاستعداد لكسر الحصار الإعلامي الدولي المفروض حولها، وإن أشار لاحقا إلى أن شيئا لن يتغير من الناحية الاستراتيجية على حد تعبيره في تلميح يرقى حد التصريح إلى أن واشنطن سبق وأعلنت عن خطتها حول تغيير الحكومات في كل من العراق وسوريا وإيران وأفغانستان والسودان وليبيا ولبنان ما يعني توقع استمرار واشنطن وشركائها في ضغوطها للإطاحة بالنظام السوري.

من جانبه، رحب ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية المسؤول عن ملف البلدان العربية وشمال أفريقيا بموافقة دمشق على توقيع البروتوكول مع الجامعة العربية مشيرا إلى أن السماح بوصول مراقبي جامعة الدول العربية إلى سوريا سيوفر فرصة إضافية لتسوية الأزمة في البلاد. وكشف بوغدانوف عن «أن موسكو طالما عملت بصبر وبشكل جدي ودؤوب مع الزملاء السوريين لبسط رؤيتنا لهم حول ما يجب فعله وكيف ينبغي أن يتم ذلك».