طبوغرافيا الدم في ميدان التحرير

أصبح كئيبا مع تكرار سقوط الضحايا في الشوارع المجاورة

TT

بعد أن شكل «أيقونة الثورة المصرية» في 25 يناير (كانون الثاني)، وأصبح محط أنظار العالم، ومع تكرر المواجهات الدامية بين شباب الثورة وقوات الأمن عبر الطرق المؤدية إليه. توارى التحرير مفسحا الطريق أمام شوارع: محمد محمود، وقصر العيني، وطلعت حرب، ومع تكرار سقوط الضحايا بدا الميدان تائها بين دروب الدم التي حاصرته.. «الشرق الأوسط» ترصد طبوغرافيا الميدان، وتعيد رسم خارطته.

بينما تعبر كوبري قصر النيل التاريخي بأسوده الرابضة مخلفا دار الأوبرا الجديدة خلفك.. يستقبل الميدان الأشهر في عالم اليوم بأقصى اتساعه عبر شارع قصر النيل في آخر جنوب ميدان التحرير، على اليمين منك مبنى وزارة الخارجية القديم، وعلى اليسار قبالته مبنى جامعة الدول العربية. أمامك مباشرة «صينية الميدان» التي قضى فيها شباب الثورة 18 يوما أسقطوا خلالها نظام عمره 30 عاما.

قبل أن تصل فضاء الميدان الرحب، وعلى ناصية مبنى وزارة الخارجية شارع صغير يقودك إلى ميدان سيمون بوليفار حيث تقع السفارة الأميركية في القاهرة، وسيكون على زائر الميدان أن يمر أولا على تمثال عمر مكرم الذي يتوسط حديقة باسمه.. وهو زعيم شعبي عاصر الاحتلال الفرنسي لمصر وسلم مقاليد حكم البلاد إلى محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة قبل قرنين من الزمان.. قبل أن يصل إلى شارع عمر مكرم الذي يحملك إلى مسجد باسمه كان ولا يزال مقرا لمستشفى ميداني استقبل مئات الجرحى في المعارك الدامية التي شهدها ميدان التحرير.

قبالة المسجد الذي أصبح خطيبه وإمامه هو خطيب ثورة 25 يناير، يقع أكبر مجمع مصالح حكومية في مصر.. «مجمع التحرير»، الذي يشرف على الجهة الشرقية من الميدان.

من ناصية مجمع التحرير يبدأ شارع قصر العيني، الذي سرق الأضواء خلال الأيام الماضية، من شارع محمد محمود الذي شهد الشهر الماضي أحداث عنف راح ضحيتها 42 قتيلا، واستمرت المواجهات به لنحو أسبوع.

وربما يمكنك القول: إن شارع قصر العيني هو شارع الدولة المصرية حيث يقع به مقر البرلمان المصري بغرفتيه (الشعب والشورى)، كما يقع به مقر مجلس الوزراء (المؤسسة التنفيذية)، وعدد من الوزارات الحيوية بالدولة، بالإضافة لـ«المجمع العلمي» أقدم مؤسسة علمية في العام العربي والشرق الأوسط.. يقطع شارع القصر العيني باتجاه نهر النيل خلف مجمع التحرير شارع الشيخ ريحان الذي ينتهي بمقر وزارة الداخلية، حيث لا تزال المواجهات بين الثوار وقوى الأمن مشتعلة.

ومع التقاء شارع قصر العيني بميدان التحرير، إلى اليسار حيث المقر القديم للجامعة الأميركية بالقاهرة، يبدأ شارع محمد محمود، الذي أصبح واحدا من أشهر شوارع القاهرة بعد أن شهد الشهر الماضي مواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزي التابعة للشرطة المصرية.

على الجهة نفسها بعد نحو خمسين مترا يقع مدخل شارع باب اللوق، وهو أحد شارعين شبه آمنين يفضيان إلى وسط المدينة، حيث تقع المقاهي التي يرتادها المثقفون، والنشطاء السياسيون.

الشارع الآمن الآخر، الملاصق لمدخل باب اللوق، هو شارع طلعت حرب الذي يمر بميدان طلعت حرب الذي يضم دور كتب ومكتبات مصرية كثيرة بالإضافة لثلاثة مقار لأحزاب سياسية.. ثم تبدأ حركة البيع والشراء في أشهر أماكن التسوق بالقاهرة.

إلى اليسار من شارع طلعت حرب باتساع الميدان يوجد في الجهة الغربية شارع ميريت الذي يفضي إلى ميدان الشهيد عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش في حرب الاستنزاف، وعلى يمين الشارع من جهة ميدان عبد المنعم رياض «المتحف المصري».. أحد أهم متاحف العالم.. وهو الشارع الذي شهد أبرز مشاهد ثورة 25 يناير.. مشهد موقعة الجمل.