المستشار الخضيري لـ«الشرق الأوسط»: أدعو المجتمع الدولي لعدم التخوف من تولي «الإخوان» الحكم.. وأفضل النظام البرلماني

عضو مجلس الشعب المصري الجديد: دوري سيكون نقل ثقافة الثورة من الميادين إلى البرلمان لتكون ثورة تشريعية كاملة

المستشار محمود الخضيري (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

رفض المستشار محمود الخضيري، عضو مجلس الشعب (البرلمان) الجديد، التخوف الذي يبديه البعض من صعود جماعة الإخوان المسلمين للسلطة وحصولهم على الأغلبية البرلمانية، وقال إنه «غير مبرر على الإطلاق»، مؤكدا أنه سيكون حكما راشدا ووطنيا يعمل من أجل الصالح العام، واعتبر أن هذه فزاعة كان يقوم نظام مبارك السابق بترويجها لتدعيم حكمه.

ونفى الخضيري في حواره مع «الشرق الأوسط» من مدينة الإسكندرية، انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين رغم دعمها ومساندتها له في الانتخابات، مشددا على أن هذا الدعم لا يعني تبني مواقفهم بالضرورة في البرلمان المقبل.

وأوضح الخضيري، الذي تمكن من إنهاء احتكار أسرة رجل الأعمال طلعت مصطفى المنتمية للحزب الوطني المنحل لمقعد البرلمان عن دائرة سيدي جابر بالإسكندرية التي سيطرت عليها لنحو 20 عاما متصلة، أن دوره في البرلمان المقبل سيكون نقل ثقافة الثورة من الميادين المصرية إلى داخل البرلمان لتكون بمثابة ثورة تشريعية كاملة، وأنه ينوي تقديم طلبين إحاطة إلى وزير الخارجية المصري، للكشف عن اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل التي تفرط في ثروات البلاد، وعن استمرار حصار غزة ودور مصر الدولي في رفع هذا الحصار، مؤكدا أن على البرلمان الجديد أيضا مراجعة معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وإعادة النظر في بنودها. وفضل الخضري أن يكون النظام السياسي في مصر نظاما برلمانيا بدلا من أن تجتمع السلطات كلها في يد رئيس الجمهورية وفقا للنظام الرئاسي.. وفي ما يلي نص الحوار:

* قمت بخوض معركة انتخابية ضارية مع أحد رجال الحزب الوطني المنحل بالإسكندرية أسفرت عن فوزك بعضوية مجلس الشعب.. لكن واقعيا لم تفز من الجولة الأولى، كما حصل منافسك على مئات الآلاف من الأصوات رغم خسارته، وهذا يعني أن هناك مؤيدين للنظام السابق، كيف ترى ذلك؟

- الأمر ليس موضوع شعبية أو تأييدا للنظام السابق أبدا، فالدائرة التي انتخبت نيابة عنها مليئة بالمناطق الفقيرة والعشوائية، وقد استخدم منافسي سلاح المال بشكل لم تشهده أي انتخابات من قبل، سواء في الدعاية أو التأثير على الناخبين، ولم أكن أملك سوى حب الناس الذي أشكر الله عليه، فمن أعطاني صوته لم يكن سوى محب لي وآمل أن أحقق له شيئا من خلال عضويتي بمجلس الشعب لتحسين وضعه. وبالتالي، فلم يكن بيني وبين أحد من الناخبين مصالح شخصية وهذا ما أثلج صدري، وقد فزت والحمد لله بفارق 10 آلاف صوت، وأحمد الله على أن مدينة الإسكندرية باتت خالية ممن يطلق عليهم «فلول الحزب الوطني المنحل»، حيث لا يوجد أي منهم تمكن من النجاح في انتخابات البرلمان.

* أعلنت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة» دعمك في الانتخابات.. فهل تنتمي للجماعة أو تسعى للانضمام للحزب؟

- لست عضوا لا بحزب الحرية والعدالة ولا أي حزب آخر على الإطلاق، لكن ذلك لا يمنع أن حزب الحرية والعدالة قد ساندني أثناء الانتخابات بقوة، لكن ذلك لم يحدث فقط منه بل من الكثير من الأحزاب.

* وهل يعني ذلك التنسيق مع جماعة الإخوان في المجلس القادم؟

- الأمر لن يكون بالطبع على هذا النحو أبدا، فليس معنى مساندتهم لي أنهم ينتظرون مني ذلك، فلقد ساندوني لأنهم مقتنعون بي وليس من أجل أنهم ينتظرون شيئا وإلا كانوا قد أيدوا شخصا تابعا لحزبهم من الأصل كما حدث بكل دوائر الإسكندرية، لكنهم في دائرة سيدي جابر اعتبروني مرشحهم ولم يدفعوا بمنافسين أمامي، لكني أؤكد أن قراري ورؤيتي من رأسي وقد أختلف أو أتفق مع أعضاء حزب الحرية والعدالة أو غيرهم داخل البرلمان، وسأوافق على ما يتفق ورؤيتي، وسأرفض ما أراه يستحق الرفض دون اعتبار لأي شيء آخر فلست تابعا لأحد.

* بوصفك أحد الخبراء القانونيين، ما التشريعات التي يجب أن يصدرها مجلس الشعب القادم في هذه المرحلة؟

- سوف أسعى لإعادة النظر بشكل كامل في كافة القوانين المصرية، فلا بد أن يقود برلمان الثورة حملة كبيرة يتم خلالها نقل ثقافة الثورة من الميادين المصرية إلى داخل البرلمان لتكون بمثابة ثورة تشريعية كاملة، حيث توجد لدينا قوانين بالغة القدم لا تناسب عصرنا الحالي وهذه لا بد من إعادة النظر فيها، فضلا عن إعادة النظر في قوانين معينة تم تفصيلها في عهد نظام حسني مبارك السابق لتحقيق مصالح معينة لأشخاص معينين، ولا بد من أن تكون القوانين عامة تخاطب الشعب المصري كله ومجردة من أي أهواء خاصة.

* في ظل نتائج الانتخابات التي أظهرت أغلبية كبيرة للتيار الإسلامي على البرلمان القادم، هل نتوقع أن يقوم البرلمان بتشريعات ترسخ المرجعية الدينية كفرض الحجاب ومنع المقاهي.. إلخ؟

- (الخضيري ضاحكا).. بالطبع لا.. ليس هذا هو مجال اهتمامنا أبدا، بل سوف تتجه التشريعات التي سوف يتم طرحها، وهو ما أعلمه من خلال قربي من جميع هذه التيارات، نحو حل كل المشكلات التي تمر بها مصر لمعالجة قضايا تدهور التعليم وتوفير الأمن للمواطنين وإصلاح قطاع الصحة وتوفير مساكن للشباب، والإصلاح الاقتصادي بحيث يشعر المواطن بزيادة في دخله، وكل هذا كاف، ولا يوجد اتجاه للتفكير في سن تشريعات من النوع السابق ذكره.

* كيف ترى المحاكمات الجارية لرموز النظام السابق، وهل ترى أنها تسير ببطء شديد، هل من الممكن سن تشريع في البرلمان الجديد لإنشاء محاكم خاصة للنظر في هذه القضايا؟

- هناك نوعان من الجرائم، الأول هو تلك التي تمت إحالتها بالفعل وهي منظورة الآن أمام القضاء، وهذه من الصعوبة بمكان تشريع قانون خاص بها لئلا يكون هناك شبهة تدخل أو توجيه لقضايا منظورة بالفعل أمام هيئة من القضاة، ثم يتم تغيير المحكمة التي تنظرها تحت أي مسمى هذا أمر صعب.

أما النوع الثاني فيشمل الجرائم التي لم يتم التحقيق فيها بعد وهذه الجرائم من الممكن إقرار تشريع خاص بها بحيث يتم نظرها أمام محكمة خاصة يتم النص عليها بموجب قانون، وهو ما حدث من قبل بالعديد من التشريعات التي نصت على إنشاء محاكم خاصة مثل المحاكم الاقتصادية والأسرة.

* ما رؤيتك لشكل الجمعية التأسيسية للدستور التي سوف يختارها البرلمان لكتابة الدستور الجديد؟

- الأمر ليس به لبس، فقد نص الإعلان الدستوري على أن يتولى أعضاء مجلسي الشعب والشورى تشكيل هذه الجمعية التأسيسية، ورؤيتي الشخصية أنه لا بد أن تضم ممثلين عن جميع طوائف الشعب، بالإضافة لأعضاء من مجلسي الشعب والشورى، وأساتذة قانون دستوري، وممثلين عن جميع النقابات المهنية والعمالية. كما أن الدستور الجديد من الضروري أن يرسخ لحقوق الإنسان والمحافظة على كرامة المصريين وعدم إعطاء أي سلطة تنفيذية حق إقرار قوانين للطوارئ تعطل الحريات العامة أو الخاصة لأي سبب.

* كيف ترى تخوف شرائح كبيرة من المجتمع المصري والدولي من تولي جماعة الإخوان للحكم في مصر؟

- هذا تخوف لا مبرر له على الإطلاق، فأنا أطمئن الشعب المصري والمجتمع الدولي بأن حكم «الإخوان»، إن حدث، سوف يكون حكما راشدا ووطنيا يعمل من أجل الصالح العام. وأما الفزاعة التي كان يقوم نظام مبارك بتسويقها محليا ودوليا عن مخاطر تولي الإسلاميين الحكم، فهي مجرد أقوال مرسلة كان الغرض منه تدعيم حكمه، في حين أن الواقع يقول إن «الإخوان» هم فصيل من الشعب المصري من حقه أن يتولى الحكم كما هو الحال لغيره من الفصائل التي من حقها أيضا إن حازت أغلبية أن تتولى الحكم، وبإمكان الشعب أن يحكم بنفسه على تجربتهم، فإما أن ينجحوا فيعيد انتخابهم أو يفشلوا فينتخب غيرهم، وهذه هي الديمقراطية.

* هل ترى أن النظام البرلماني أنسب للحكم في مصر أم استمرار النظام شبه الرئاسي الحالي؟

- رأيي الشخصي هو تفضيل النظام البرلماني، حيث تكون هناك سلطتان في ظل هذا النظام؛ هما سلطة رئيس الجمهورية وسلطة مجلس الوزراء، وبذلك لا تتجمع السلطات في يد جهة أو شخص واحد، على أن يتم إعطاء سلطات معينة للرئيس لا تجعله مهمشا بحيث تكون هناك سلطتان لا سلطة واحدة، وأعتقد أن ذلك يمثل ضمانة لعدم تكرار تجربة الديكتاتورية في مصر من جديد، وسأسعى من خلال عضويتي بمجلس الشعب لإقرار النظام البرلماني والنص على الأخذ به في الدستور الجديد.

* كيف ترى العلاقات مع إسرائيل في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير؟

- لنتحدث بصراحة في هذا الأمر، إسرائيل يجب التعامل معها بحذر شديد جدا، كما أن معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية لا بد أن تتم إعادة النظر فيها خاصة بشأن إعادة إعمار سيناء، التي لم يتم تعميرها حتى الآن بشكل كامل. حيث لا يمكن أن تمنع اتفاقية دولة طرف فيها من إعمار أراضيها بحرية، وليس معنى هذا أن ذلك منصوص عليه بالفعل، لكن هناك غموض حول نصوص المعاهدة والملاحق الخاصة بها، وهو ما سيجعلنا نطلب طرح الاتفاقية برمتها وعرضها على نواب الشعب لبحثها ومناقشة بنودها من جديد.

* ما أول استجواب أو طلب إحاطة يعتزم المستشار الخضيري تقديمه في البرلمان المقبل ولمن؟

- هناك طلبان إحاطة أنوي تقديمهما لوزير الخارجية المصري، أولهما الكشف عن الاتفاقية التي يتم بموجبها تصدير الغاز لإسرائيل، حيث أراها غير قانونية أو دستورية، لأنها تفرط في ثروات البلاد الطبيعية التي هي من حق الشعب المصري وبغض النظر عن سعر تصدير هذا الغاز، أما طلب الإحاطة الثاني فسيكون عن استمرار الحصار لغزة ودور مصر دوليا في رفع هذا الحصار، باعتبار الوضع في غزة امتدادا للأمن القومي المصري.

* أخيرا، تم ترشيحك من جانب العديد من القوى الوطنية لتولي رئاسة مجلس الشعب القادم.. ما تعليقك؟

- أشكرهم على ذلك.. لكن الأمر سابق لأوانه على أي حال، وحينما يحين الوقت لذلك سيكون لكل حادث حديث.