موقف عشوائي لسائقي التاكسي في قلب ميدان التحرير

على هامش الاشتباكات.. ومن باب «رب ضارة نافعة»

TT

على بعد أمتار قليلة من موقع الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الجيش في شارع قصر العيني، أقام عدد من سائقي سيارات الأجرة (التاكسي) موقفا عشوائيا في قلب ميدان التحرير، يصطفون فيه بسياراتهم ويحكمهم الدور في نقل الركاب من الميدان الذي تحول جزء منه إلى ساحة لحرب الشوارع.

ورغم الأخطار التي تحيط بالميدان، من الإصابة بالحجارة التي يلقيها المتظاهرون أو قوات الجيش أو الوفاة نتيجة الطلقات النارية التي لم يُعرف مصدرها حتى الآن، أو تحطيم السيارة أو سرقتها نتيجة المواجهات المستمرة منذ فجر يوم الجمعة الماضي، إلا أن السائقين وجدوا في الميدان فرصة لتحقيق مكاسب في ظل الركود الاقتصادي الذي تعاني منه مصر منذ ثورة 25 يناير.

محمد عواد (56 عاما) قال لـ «الشرق الأوسط» وهو يرتكن على سيارته مدخنا سيجارة محلية الصنع «ماذا أفعل.. الحال واقف والتحرير فيه ناس كتير وبيحتاجوا تاكسي علشان يروحوا».

وأشار إلى أنه يدفع قسطا شهريا لسيارته يبلغ 700 جنيه (نحو 120 دولارا) وبسبب أحداث التحرير قل دخله اليومي، وقال «كنت يوميا أحصّل ما بين 300- 500 جنيه بعد خصم ثمن الوقود وصيانة السيارة، ولكن الآن لا أحصل إلا على 150 جنيها يوميا»، موضحا أن لديه 4 أطفال في مراحل التعليم المختلفة.

يضيف عواد أن الموقف الذي أقامه سائقو التاكسي لم يكن مرتبا بل نشأ تلقائيا، وبدأت فكرته خلال أحداث شارع محمد محمود الشهر الماضي، وكان مكانه عند بوابة الاعتصام أمام المتحف المصري عند مدخل التحرير من ناحية ميدان عبد المنعم رياض، وقال «لكن هذه المرة بما أن الميدان غير مغلق فالموقف أصبح في وسط الميدان بالقرب من الاشتباكات».

أما حمادة بيومي (40 عاما) فيقول «لفت أصدقائي نظري إلى ميدان التحرير وأنه أصبح مكانا مزدحما لتحميل الركاب»، مضيفا «أعلم أن الأمر به مخاطرة ولكن ما باليد حيلة».

ويضيف بيومي «يوم السبت الماضي كنت موجودا في الميدان وقت هجوم قوات الجيش عليه لإخلائه، واستطعت أن أنطلق بالسيارة بسرعة قبل أن تصل إليها القوات.. كانت تفصلني عن الجنود مجرد أمتار قليلة ولكن ربنا ستر».

ويقول بيومي «رغم أن الثورة أضرتنا اقتصاديا بشكل كبير لأننا نكسب قوتنا بشكل يومي، وكثيرا ما توقفنا عن العمل بسبب الاعتصامات والإضرابات والمظاهرات، إلا أن وجودنا في الميدان قد يساعدنا قليلا على كسب المزيد من النقود».

يتابع بيومي «الكثير من سائقي التاكسي ستجدهم لا يرحبون بالمظاهرات أو الاعتصامات بسبب تعطل مصدر رزقهم، بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من السائقين تعرضوا لحوادث سرقة بسبب الانفلات الأمني الذي ساد البلاد بعد الثورة، فمنهم من سرقت نقوده ومنهم من سرقت سيارته ومنهم من فقد حياته على يد لصوص وبلطجية».

وعلى الجانب الآخر من الميدان، وعند مدخل كوبري قصر النيل تحولت المنطقة المواجهة لدار الأوبرا المصرية إلى موقف عشوائي للحافلات الصغيرة (الميكروباص) التي تنقل الركاب من الميدان إلى أماكن مختلفة بمحافظة الجيزة، منها (الدقي، وشارع فيصل، وشارع الهرم، وميدان الجيزة)، ولكن بأجرة مرتفعة نسبيا عن مثيلاتها العادية.

وبرر عبد الله إبراهيم، سائق حافلة صغيرة كان ينتظر تحميل سيارته أمام الأسد الشهير الرابض عند مدخل كوبري قصر النيل، ارتفاع الأجرة بالمخاطرة التي يتحملها بالمجيء إلى الميدان وسط الاشتباكات لنقل الركاب، قائلا «نحن نقدم خدمة للجمهور، ونتحمل مخاطر كبيرة من أجل تقديم هذه الخدمة، لذلك نحصل على أجرة تزيد خمسين قرشا من كل راكب عن الأجرة المعتادة».