القضاء يأمر رسميا باعتقال الهاشمي.. ومقرب من طالباني لـ «الشرق الأوسط»: سيبقى فترة في كردستان

المالكي يمنع المطلك من دخول مجلس الوزراء.. و«العراقية» تقرر تعليق مشاركتها في الحكومة

مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان مستقبلا صالح المطلك نائب رئيس الوزراء العراقي ووزير المالية رافع العيساوي في مقره بصلاح الدين قرب أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في تطور لافت لأزمة نائب الرئيس العراقي والقيادي البارز في القائمة العراقية طارق الهاشمي، أعلنت الهيئة التحقيقية الخماسية التي شكلها مجلس القضاء الأعلى العراقي أول من أمس للتحقيق في التهم الموجهة إلى نائب الرئيس العراقي إصدار مذكرة إلقاء قبض بحقه وفق المادة 4 إرهاب بالإضافة إلى عدد من أفراد حمايته.

وكانت قيادة عمليات بغداد قد عرضت مساء أمس اعترافات 3 من أفراد حماية الهاشمي بعد أن تم تأجيل عرض المؤتمر لمدة 48 ساعة بعد وساطات قام بها عدد من الشخصيات السياسية مع رئيس الوزراء نوري المالكي. المالكي وافق على تأجيل عرض الاعترافات يومين فقط بهدف منح الهاشمي فرصة التبرؤ من حماياته الذين أكدوا طبقا للاعترافات أنهم كانوا يتلقون تعليماتهم من الهاشمي عن طريق سكرتيره الشخصي وزوج ابنته ويدعى أحمد قحطان. وطبقا لما عرضته قناة «العراقية» الرسمية فإن المتهمين اعترفوا بتنفيذ عدة عمليات من بينها اغتيال عدد من الضباط في الجيش والشرطة والمرور وأحد موظفي وزارة الخارجية، فضلا عن مسؤول حماية وزير النقل ومسؤول منظمة بدر هادي العامري.

وكان مجلس القضاء الأعلى قد أصدر أمرا بمنع الهاشمي وعدد من أفراد حمايته من السفر إلى خارج العراق. يأتي هذا التطور غداة قيام القوات الأمنية أول من أمس بمنع طائرة تقل الهاشمي برفقة النائب الثاني لرئيس الجمهورية خضير الخزاعي من التحرك إلى مدينة السليمانية بناء على دعوة وجهها لهما الرئيس جلال طالباني لحضور اجتماع مجلس الرئاسة، وذلك لمدة ثلاث ساعات على أثر الإعلان عن صدور مذكرة اعتقال بحق الهاشمي وعدد من أفراد حمايته.

وفي اتصال مع مصدر مقرب من الرئيس جلال طالباني الموجود حاليا في السليمانية أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الهاشمي والخزاعي «وصلا إلى السليمانية فعلا، ويتوقع أن يجتمعا بالرئيس طالباني في غضون الأيام المقبلة، والخزاعي سيعود إلى بغداد بينما يمكث الهاشمي لفترة قليلة في منتجع دوكان حيث مقر إقامة الرئيس طالباني».

وكان مكتب نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي قد أصدر بيانا جاء فيه أنه «بعد مضايقات متعمدة تعرض لها نائب رئيس الجمهورية الأستاذ طارق الهاشمي في مطار بغداد الدولي مساء (أول من) أمس الأحد مما أخر إقلاع الطائرة العراقية المتوجه إلى السليمانية لمدة ثلاث ساعات تلبية لدعوة وجهها السيد رئيس الجمهورية لنائبيه للاجتماع هناك، فإن قوة عسكرية كانت مرابطة في طريق المطار اعترضت موكب نائب رئيس الجمهورية أثناء العودة واعتقلوا ضابطين من أفراد حمايته كما تم اقتياد سيارته الخاصة مع الضابط المرافق والسائق إلى دائرة استخبارات الدفاع دون بيان الأسباب وتم الإفراج عن السيارة بعد ثلاث ساعات مع سائقها ولا يزال الضباط الثلاثة رهن الاحتجاز حتى ساعة إعداد هذا البيان، خلافا لتصريح الناطق الرسمي باسم (عمليات بغداد) الذي ادعى بأن الضباط المعتقلين تم إطلاق سراحهم، وهو غير صحيح. من جهة أخرى، تم تعزيز القوة العسكرية التي تحاصر مقر سكن نائب رئيس الجمهورية منذ أسابيع ولحد الآن، كما حاصرت قوة عسكرية مقر حركة (تجديد) في اليرموك ومكتب شؤون المواطنين التابع له في القادسية، لكنها انسحبت بعد ساعات. ونائب رئيس الجمهورية وهو يتذرع بأقصى درجات الصبر وينتظر سلوكا عقلانيا من جانب الأطراف الحكومية المعنية، فإن من الضروري إطلاع الشعب العراقي على هذه الحقائق أملا في أن يحمل الجهة التي تدفع باتجاه التصعيد كامل المسؤولية، كما يطالب السيد النائب فورا بإطلاق سراح الضباط الثلاثة الذين تم احتجازهم في غياب أوامر قضائية ورسمية للقبض عليهم».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادرها الخاصة أن اثنين من مرافقي الهاشمي متهمان بالضلوع في التفجيرات التي طالت مبنى البرلمان العراقي أخيرا «قد رافقا الهاشمي في زيارته إلى السليمانية بقصد الهروب من إلقاء القبض عليهما على خلفية التحقيقات التي تجري حاليا في ذلك الملف تحت إشراف مدحت المحمود». أما عن بقية المسؤولين العراقيين الذين رافقوا الهاشمي، فقد ذكرت تلك المصادر أن «كلا من نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك ووزير المالية رافع العيساوي قد توجها إلى مدينة أربيل» من دون أن تذكر تفاصيل أخرى حول هذا الموضوع.

إلى ذلك، أعلن زعيم القائمة العراقية إياد علاوي رفضه الاتهامات التي وجهها المالكي للهاشمي مؤخرا. وفي أقوى هجوم لاذع يشنه علاوي ضد المالكي بعد لهجته التي بدت تصالحية في الآونة الأخيرة، اعتبر علاوي في تصريحات أن المالكي يقتل العملية السياسية في البلاد، مشيرا إلى أنه يقود لخراب العراق. واعتبر علاوي أن سبب الأزمة يعود إلى عدم تنفيذ المالكي مطالب قائمته وهو ما يمكن أن يدفعها لتعليق مشاركة وزرائها في اجتماعات الحكومة. من جهته، أكد القيادي في القائمة العراقية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القائمة العراقية لا تزال تتحلى بأعلى درجات ضبط النفس وأنها تأمل أن لا تلجأ إلى اتخاذ خيارات صعبة في ظل التوتر الحالي».

وفي تطور آخر ذي صلة، وبعد أن طلب المالكي من البرلمان سحب الثقة من نائبه والقيادي في القائمة العراقية صالح المطلك، فإنه، حسب مصادر مطلعة، منع أيضا الأخير من دخول مبنى مجلس الوزراء. وطبقا للتقارير الصحافية الواردة من مكتب المالكي، فإن الأخير قرر إيقاف عمل مكتب المطلك داخل مجلس الوزراء وسحب صلاحياته كاملة ومنعه من دخول مبنى المجلس.

وفي وقت لاحق أمس، قررت القائمة العراقية تعليق مشاركتها في الحكومة اعتبارا من اليوم. وقالت القيادية في القائمة ناهدة الدايني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بعد الاجتماع الذي عقدته القائمة إن «من بين أهم القرارات التي اتخذتها القائمة هو تعليق عضوية وزرائها في الحكومة بعد أن كانت قد علقت عضويتها في البرلمان بدءا من جلسة السبت الماضي». وأوضحت الدايني: «القائمة العراقية اضطرت لاتخاذ مثل هذه القرارات بعد أن صبرت طويلا على الكثير من الإجراءات التعسفية التي اتخذها ضدها البعض من شركائها في العملية السياسية وفي مقدمتهم ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي». وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، فإن رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري كان يسعى حتى لحظة إعداد هذا التقرير إلى تأجيل المؤتمر الصحافي للقائمة العراقية الخاص بإعلان القرارات التي تم التوصل إليها. ويسعى الجعفري إلى إقناع المالكي بالتراجع عن سلسلة الإجراءات التي تم اتخاذها ضد الهاشمي والمطلك.

بدورها، قالت المتحدثة باسم القائمة العراقية، ميسون الدملوجي، في بيان إنه «وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على تشكيل الحكومة، فإنه لا يزال النظام الداخلي لمجلس الوزراء غير موجود كما نص عليه الدستور، ما يؤدي إلى حصر الصلاحيات بيد رئيس مجلس الوزراء بشكل فردي، فضلا عن إبقاء الوزارات الأمنية شاغرة». وأوضحت الدملوجي أن «المطلك جزء من (العراقية) التي كلفته لشغل هذا المنصب أملا في تحقيق الجزء اليسير من مفردات الشراكة الوطنية التي لم تتحقق، وكان الأولى أن يوجه الطلب إلى ائتلاف العراقية لاستبدال السيد المطلك، بدلا من الإيغال في تأزيم العلاقات بين الكتل السياسية».