واشنطن تبلغ إسرائيل موافقتها على ضم النفط إلى العقوبات على إيران

دنيس روس: إسرائيل لم تطلب ضوءا أخضر لضرب طهران والعلاقات بيننا لا توجب التقدم بطلب

ووندي شيرمان
TT

أبلغت الإدارة الأميركية القيادات الإسرائيلية بأنها تجري استعداداتها لتضمين موضوع النفط الإجراءات العقابية ضد إيران، في إطار ممارسة الضغوط عليها لكي توقف مشروعها النووي العسكري. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية، إن هذا التبليغ ورد خلال اجتماعات وفد أميركي رفيع المستوى يزور إسرائيل حاليا، وكذلك خلال اللقاء الخاطف الذي عقد في واشنطن بين الرئيس باراك أوباما ووزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك.

وأوضح الأميركيون أن الرئيس أوباما ما يزال يعارض توجيه ضربة إسرائيلية إلى إيران، كونها لا تحل مشكلة النووي الإيراني جذريا، بل أقصى ما تفعله هو تأجيل المشروع، لكنها من جهة ثانية تهدد حياة الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط وتهدد بضرب اقتصاد أوروبا. وإن البديل الذي تطرحه الولايات المتحدة هو تشديد الإجراءات العقابية على إيران، حتى تكون «شديدة الألم».

وكان وفد أميركي برئاسة نائبة وزيرة الخارجية، ووندي شيرمان، التي تمثل الولايات المتحدة في المفاوضات مع إيران، وووب اينهورين، مستشار الوزيرة للشأن الإيراني، قد حضر إلى إسرائيل وأجرى لقاءات رسمية مع وفد برئاسة نائب وزير الخارجية، داني أيلون، ومع مجموعة من القادة والخبراء السياسيين والعسكريين. وقال أيلون في ختام هذه اللقاءات، إن إسرائيل والولايات المتحدة مصممتان على منع إيران من امتلاك قدرة نووية عسكرية.

وقال قادة الوفد الأميركي لنظرائه الإسرائيليين إن الولايات المتحدة تعمل بشكل دؤوب على التقدم في فرض الحظر على البنك المركزي الإيراني، وكذلك على بيع النفط الإيراني في العالم، وهما مطلبان لطالما طرحتهما إسرائيل مدعية أن الإجراءات العقابية غير مؤثرة حتى الآن، وأن هناك ضرورة ملحة بأن يتسع نطاقها لتكون موجعة ومجدية، ولكن الأميركيين أوضحوا لإسرائيل أن الحظر على النفط يحتاج إلى حذر شديد ودراسات معمقة. وهنالك خوف شرعي لدى دول الغرب أن يسفر عن رفع أسعار النفط في العالم مما يحدث أزمة نفط عالمية. فهناك عدد من دول أوروبا تعتبر اليوم معلقة بالنفط الإيراني، مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان. ولكي ينجح مثل هذا الحظر، هناك حاجة إلى إقناع الدول التي تصدر النفط بأن ترفع معدل إنتاجها. وهذا ما تحاول فعله الولايات المتحدة اليوم مع تلك الدول.

وكان أيلون قد أعرب عن ارتياحه للموقف الأميركي، وأشار إلى أن اللقاءات بين وفود البلدين تتم بشكل مكثف جدا وبوتائر متسارعة، منذ صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة، الذي يتحدث بوضوح عن مشروع نووي عسكري في إيران. وكشف عن أنه التقى في نهاية الشهر الماضي نائب وزير المالية الأميركي، ديفيد كوهن، المسؤول عن الإجراءات الاقتصادية ضد إيران.

من جهة ثانية، ذكر ناطق بلسان وزير الدفاع، باراك، أنه التقى الرئيس أوباما على هامش المؤتمر السنوي للتيار الإصلاحي في الدين اليهودي في واشنطن. وقال إن المخطط السابق كان أن يصافح باراك الرئيس أوباما، في الطريق من القاعة، ولكن الرئيس دعاه إلى غرفة جانبية والتقاه لمدة نصف ساعة.

وأشارت التقارير الإسرائيلية إلى أنه كان من المخطط أن يقتصر اللقاء على المصافحة بالأيدي، بيد أن قضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها البرنامج النووي الإيراني، أدت بالطرفين إلى إجراء محادثات على انفراد أطول من الوقت المحدد. ولفت الناطق النظر إلى أنه في أعقاب اللقاء مع باراك، قال الرئيس أوباما إن التعاون بين الجيشين الإسرائيلي والأميركي أقوى من أي وقت مضى. في حين قال باراك إنه تمت مناقشة القضايا المختلفة القائمة على جدول الأعمال، وإنه شكر الرئيس الأميركي على تعميق العلاقات الأمنية مع إسرائيل، وإن إسرائيل والولايات المتحدة لديهما الرؤية الاستخبارية نفسها، وإنه لا خلاف بين الطرفين بشأن الأوضاع على الأرض. وعندما خرج باراك من اللقاء رفض الإجابة عن أسئلة الصحافيين بشأن ما إذا كان أوباما يطلب من إسرائيل التنسيق الكامل في الشأن الإيراني، وذلك بهدف منع إسرائيل من القيام بعملية عسكرية ضد إيران. وقال باراك إن الولايات المتحدة وإسرائيل متفقتان على أن «إيران نووية أمر غير مقبول». وأضاف أن الجميع مصمم على منع إيران من التحول إلى قوة نووية، وأنه لن يتم إسقاط أي خيار عن الطاولة. وبحسبه فإن العالم يتركز الآن في العمل الدبلوماسي إزاء إيران، وخاصة في مجال تشديد العقوبات المفروضة عليها، مشيرا إلى أن أوباما توصل إلى اتفاق مع الكونغرس بشأن تشريع فرض عقوبات على البنك المركزي لإيران.

يذكر أن أوباما كان قد صرح يوم الجمعة الماضي، بأنه لا ينوي السماح لإيران بالحصول على أسلحة نووية، وأنه منذ أن احتل منصبه يتركز في هذه القضية مع شركاء وحلفاء للولايات المتحدة، وبالنتيجة فقد تم فرض أشد العقوبات على النظام الإيراني. وأضاف أن الولايات المتحدة تنوي الاستمرار في ممارسة الضغوط على إيران. ونقل عنه قوله «كونوا على ثقة بأننا لن نسقط أي خيار عن الطاولة». إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن باراك، وقبل لقائه مع أوباما، كان قد اجتمع مع وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، ومع مستشار الرئيس للأمن القومي، توم دونيلون، ولم يصدر أي بيان عن فحوى هذين اللقاءين.

ومن جهة أخرى، صرح المستشار السابق للرئيس أوباما، دنيس روس، في رد على سؤال بخصوص توجيه ضربة إسرائيلية لإيران، بأنه لا يرى أن المنطقة على شفا حرب، «فما زال هنالك وقت طويل حتى تستنفد الجهود الدبلوماسية لإقناع إيران بالتخلي عن مشروعها النووي العسكري»، وقال إن هناك جهودا دولية جبارة جارية حاليا لتشديد العقوبات على إيران، ويجب عدم الاستهانة بها. لكن روس أضاف، خلال لقاء نشر معه في صحيفة «معريب» الإسرائيلية، أمس، أن «إسرائيل لم تطلب من الولايات المتحدة ضوءا أخضر لكي توجه ضربة لإيران». وأن «العلاقات بين الطرفين (الإسرائيلي والأميركي) لا تسير بطريقة تجعل إسرائيل تطلب ضوءا أخضر، إنما إسرائيل تعمل ما تراه مناسبا للدفاع عن أمنها». وأضاف أن المشكلة مع إيران لا تقتصر على إسرائيل، بل تتجاوزها لتصبح مشكلة بين إيران والمجتمع الدولي بأسره.

وأكد مصدر في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» قرب فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران يشمل قطاعها النفطي. وقال المصدر: «إننا نقترب من هذا التنفيذ»، لكنه أوضح: «القرار النهائي للتنفيذ لم يتم بعد». وأضاف: «نحن نبحث عن طرق جديدة نضيق فيها نظام العقوبات على إيران». وتابع أن إيران كانت من أبرز القضايا التي بحثتها شيرمان في أول زيارة لها إلى إسرائيل، ضمن مجمل القضايا المهمة في المنطقة بما فيها ملف السلام.