بيونغ يانغ: وفاة كيم جونغ ـ إيل.. وإعلان نجله الأصغر خليفة له

واشنطن ترد بحذر.. وروسيا والصين تقدمان التعازي.. وبريطانيا: وفاته قد تكون نقطة تحول

نساء يبكن في شوارع بيونغ يانغ زعيمهن كيم جونغ إيل أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت وسائل الإعلام الرسمية الكورية الشمالية أمس أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - إيل الذي يعاني منذ سنوات وضعا صحيا متدهورا، توفي السبت، وأن نجله الأصغر كيم جونغ - أون اختير خلفا له.

وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية إن الزعيم الكوري الشمالي البالغ من العمر 69 عاما «توفي نتيجة إرهاق فكري وجسدي كبير» السبت. وأضافت الوكالة أن كيم، الذي سبق أن أصيب بجلطة دماغية عام 2008 حدت من قدرته على الحركة بشكل كبير، توفي جراء «أزمة قلبية» ألمت به داخل قطاره خلال أحد تنقلاته الميدانية، مشيرة إلى أن تشريحا لجثته حصل الأحد. وقالت مذيعة اتشحت بالسواد وهي تبكي إن كيم توفي يوم السبت بسبب الإفراط في العمل البدني والذهني أثناء توجهه لإعطاء «توجيهات ميدانية»، في إشارة إلى النصائح التي يسديها «القائد العزيز» خلال رحلاته إلى المصانع والمزارع والقواعد العسكرية. وأظهرت لقطات فيديو بثها التلفزيون الرسمي الصيني سكان العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ يبكون، بينما ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن الناس «تتلوى من الألم» من فداحة المصاب. وفي حين كان الناس يبكون في شوارع بيونغ يانغ، بدا أن الحياة تسير بشكل طبيعي إلى حد كبير.

وتم تحديد 28 ديسمبر (كانون الأول) موعدا لتشييعه في بيونغ يانغ. وأعلنت السلطات الكورية الشمالية الحداد من 17 إلى 29 ديسمبر. كما أعلنت الوكالة أنه تم إعلان النجل الأصغر للزعيم المتوفى كيم جونغ - أون المولود عام 1983 أو 1984 لخلافة والده، واصفة إياه بـ«الخليفة الكبير» لوالده.

وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية إنه «في طليعة الثورة الكورية يوجد حاليا كيم جونغ - أون، الخليفة الكبير للقضية الثورية للزوتشيه والزعيم المميز لحزبنا وجيشنا وشعبنا»، مستخدمة في ذلك المصطلحات التقليدية للدعاية السياسية للنظام.

وزوتشيه أو جوتشيه هو الاسم الذي يطلق على العقيدة الرسمية للنظام الستاليني التي وضعها مؤسس الجمهورية الشعبية لكوريا الديمقراطية كيم إيل - سونغ والد كيم جونغ - إيل، وهي عقيدة تجمع بين الشيوعية والاكتفاء الذاتي.

وأضافت الوكالة أن «زعامة كيم جونغ - أون هي الضمانة الأكيدة لنا كي نضمن بقاء القضية الثورية للزوتشيه للأجيال المقبلة، القضية التي أسسها كيم إيل سونغ وقادها إلى النصر كيم جونغ - إيل». وأضافت الوكالة «على كل أفراد الحزب (حزب العمال الحاكم) والجيش والشعب أن يخضعوا بكل أمانة لسلطة الرفيق كيم جونغ - أون وأن يسعوا بحزم إلى حماية وتعزيز وحدة الحزب والجيش والشعب». ويكرس إعلان كيم جونغ - أون خلفا لوالده مبدأ السلالة الحاكمة الشيوعية الوحيدة في التاريخ، وقد تدرج هذا الشاب، الذي يقل عمره عن 30 عاما، خلال السنوات الفائتة في السلطة وتسلم أعلى المراتب العسكرية والسياسية. وتوالت ردود الفعل الإقليمية والعالمية على وفاة زعيم النظام الستاليني.

وفي سيول، وضعت كوريا الجنوبية جيشها في حالة تأهب وعززت الرقابة على حدودها مع كوريا الشمالية، كما طلبت من حليفتها واشنطن التي تنشر 28500 جندي أميركي على أراضي كوريا الجنوبية تعزيز المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية والطائرات، بحسب ما أوضح متحدث باسم رئاسة أركان الجيش الكوري الجنوبي. ولم يسجل أي نشاط غير اعتيادي في الساعات التي تلت الإعلان المفاجئ عن وفاة الزعيم الشمالي.

وألغى الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ - باك كل التزاماته ومواعيده ودعا إلى اجتماع لمجلس الأمن الوطني في «البيت الأزرق»، اسم القصر الرئاسي في سيول. وقال المتحدث باسم الرئاسة إن «كل موظفي البيت الأزرق وضعوا في حالة تأهب». وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية أوسامو فوجيمارو خلال مؤتمر صحافي إن «الحكومة تعرب عن تعازيها بعد الإعلان المفاجئ عن وفاة رئيس لجنة الدفاع الوطني لكوريا الشمالية كيم جونغ إيل». وأضاف أن «الحكومة اليابانية تأمل في أن لا تكون لهذا الوضع انعكاسات سلبية على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية».

بدوره بحث الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال اتصال هاتفي مع نظيره الكوري الجنوبي لي ميونغ - باك في التعاون الأمني الوثيق بين واشنطن وسيول بعد الإعلان عن وفاة زعيم كوريا الشمالية. وكان البيت الأبيض أعلن أن الولايات المتحدة تراقب «عن كثب» الوضع إثر إعلان وفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - إيل! مؤكدا رغبة واشنطن في «استقرار» شبه الجزيرة الكورية. كما أعلن ناطق باسم الكرملين أن روسيا، إحدى الدول القليلة التي أبقت على علاقات دبلوماسية واقتصادية مع كوريا الشمالية، قدمت أمس تعازيها بوفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل.

وقال المتحدث «البرقية ستنشر على موقع الكرملين». وقدم الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف تعازيه إلى كيم جونغ أون النجل الأصغر للزعيم الكوري الشمالي الذي اختير لخلافته كما أفادت من جهتها وكالة إيتار تاس. ووجه ميدفيديف أيضا برقية إلى الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ - باك لكي يتمنى له عيدا سعيدا مع بلوغه عامه السبعين مؤكدا أنه يثمن «مساهمته في تعزيز العلاقات الروسية - الكورية» كما أفادت وكالة إنترفاكس. ومن جهته قدم الحزب الشيوعي الصيني الحاكم تعازيه لحليفته كوريا الشمالية أمس كما وصفته «بالصديق القديم» للصين. وقال المتحدث باسم الخارجية الصيني ما زهاوشو لوسائل الإعلام «نحن نعرب عن خالص تعازينا وتحياتنا الصادقة لشعب كوريا الشمالية». ونشرت صحيفة «بيبول ديلي» الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي نعيا «للصديق القديم للشعب الصيني» على موقعها على شبكة الإنترنت تضمن وصفا تفصيليا للزيارات التسع التي قام بها للصين منذ عام 1983.

أما بريطانيا فقالت إن وفاة كيم جونغ إيل يمكن أن تكون «نقطة تحول» للدولة المعزولة، داعية خليفته إلى الدخول في حوار مع المجتمع الدولي. وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في بيان إن «شعب كوريا الشمالية في حالة حداد رسمي بعد وفاة كيم جونغ إيل. ونحن ندرك أن هذه أوقات صعبة بالنسبة لهم». وأضاف أن وفاة الزعيم الكوري الشمالي «يمكن أن تكون نقطة تحول بالنسبة لكوريا الشمالية».

كما دعا الدولة النووية التي تعاني من المجاعة إلى «العمل من أجل السلام والأمن في المنطقة وأن تقوم بالخطوات الضرورية لاستئناف المحادثات السداسية لنزع أسلحة شبه الجزيرة الكورية». كما عبر وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أمس عن أمله في أن «يتمكن الشعب الكوري الشمالي في أحد الأيام من الحصول على حريته» وذلك بعد وفاة الزعيم كيم جونغ إيل الذي كان يحكم البلاد بيد من حديد منذ 1994.

وقال ألان جوبيه على هامش مؤتمر صحافي في بوردو (جنوب غرب) إن «رحيل رجل لم يكن أبدا أمرا مفرحا لكن معاناة شعب تسبب لي الحزن، وهذا هو المهم»، موضحا أن السلطات الفرنسية ستكون «متيقظة جدا إزاء عواقب هذه الخلافة».

وقال الوزير الفرنسي إن كوريا الشمالية «نظام منغلق تماما، أحد آخر الأنظمة (الشيوعية) في العالم» وتملك السلاح النووي وبالتالي «لذلك نحن متيقظون». ومن جهة أخرى، صرح متحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أمس بأن الاتحاد يتابع «باهتمام» الوضع في كوريا الشمالية بعد وفاة زعيمها كيم جونغ إيل وتعيين نجله كيم جونغ أون خلفا له. وقال المتحدث «إن الاتحاد الأوروبي أخذ علما بإعلان وسائل الإعلام الكورية الشمالية الرسمية عن وفاة كيم جونغ إيل خلال عطلة نهاية الأسبوع بأزمة قلبية على الأرجح». وأضاف: «إن الاتحاد الأوروبي يتابع باهتمام الوضع ويجري اتصالات مع شركائه الاستراتيجيين لتبادل وجهات النظر معهم بشأن أي مضاعفات ممكنة» إثر الوفاة.

وكانت الولايات المتحدة الحليف المقرب لكوريا الجنوبية أعلنت أيضا أنها تراقب «عن كثب» الوضع بعد الإعلان عن وفاة كيم جونغ إيل الذي قاد بيد من حديد البلاد منذ 1994.