وزير الخارجية السعودي: زيارة وزير الأمن والاستخبارات الإيراني محاولة لإظهار استعدادهم للتفاوض

بعد تمنيه أن يكون «حديث المعلم خاطئا»: على سوريا البدء بتطبيق البروتوكول فورا

خادم الحرمين الشريفين في وداع قادة دول مجلس التعاون الخليجي بالرياض أمس (واس)
TT

اعتبر الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي زيارة حيدر مصلحي وزير الأمن والاستخبارات الإيراني الأخيرة إلى الرياض وعقده لقاء ثنائيا مع الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات السعودي، والتي تأتي عقب تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين، ومحاولة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن، محاولة لإبراز استعدادهم للتفاوض، رغم كشفه عن محاولات سابقة متعددة لعقد لقاءات مشتركة مع وزراء الخارجية الخليجيين، وتقديم مقترحات للجانب الإيراني بمواعيد مختلفة إلا أنهم لم يقوموا بتلبيتها كما أكد الفيصل، في إجابة على سؤال لـ«الشرق الأوسط» خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي والدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي في ختام أعمال القمة الخليجية الـ 32 في الرياض. وأشار إلى وجهة النظر الإيرانية التي قد ترى في اللقاءات المشتركة على مستوى الاستخبارات أكثر فاعلية، وخلق أجواء أفضل للمحادثات الثنائية، من أن تكون على مستوى دبلوماسي معلن.

وفي إشارة إلى ما ورد في إعلان الرياض للقمة الخليجية الـ 32 بشأن ترسيخ الوحدة الوطنية، استنادا إلى المساواة بين المواطنين والمواطنات قال لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة الخارجية السعودية ستبدأ بتحويل وظائف المنتميات حاليا للوزارة إلى الصفة الدبلوماسية.

ودعا الجانب السوري لضرورة البدء بالتطبيق الفوري للبروتوكول بوقف القتال وسحب آليات الدمار من المدن وإطلاق سراح المحتجزين، حتى يتم تطبيق باقي فقرات البروتوكول.

ويأمل الفيصل أن يكون ما سمعه من وزير الخارجية السوري وليد المعلم بشأن عدم الموافقة على المبادرة العربية رغم التوقيع على البروتوكول «حديثا خاطئا».

وطالب وزير الخارجية السعودي العراق بضرورة توضيح سياستها الخارجية وبسرعة مطلقة تجاه دول المنطقة، حتى تتمكن دول المنطقة من التجاوب معها بصورة مطلوبة، وعدم التفرقة بين عراقي وآخر.

وأبدى وزير الخارجية استعداد بلاده للتفاوض مع طهران على أي مستوى ترغبه وتحبذه دولة جارة للمنطقة الخليجية، آملا تحسن العلاقات في المستقبل مع دول المجلس.

وبشأن تطوير العلاقات الثنائية وعودة النشاط الدبلوماسي بين الدولتين، اعتبر أن ما يقوم به الإعلام الإيراني من دور في تصوير الإنسان العربي كائنا لا يستحق وجودا في الحضارة العالمية، إلى جانب التهديدات الأخيرة العلنية المباشرة لدولة الإمارات على قضية الجزر لم يكن أمرا إيجابيا، وما تقوم به إيران من مناورات في المياه الإقليمية الخليجية كلها مؤشرات غير إيجابية ولا تدل على حسن النوايا.

وقال وزير الخارجية السعودية «إذا خطت إيران خطوة فسنخطو خطوتين»، مضيفا «العلة ليست مع السياسة التي تتبع مع إيران، وإنما مع سياسات إيران المتبعة في المنطقة».

وأكد وزير الخارجية السعودي بحث القمة وفي ظل الأحداث الساخنة في كافة الجوانب التفصيلية سواء أكانت المتعلقة بالتعاون المشترك ما بين الدول، إضافة إلى الجوانب الأمنية والسياسية التي تحيط بالمنطقة، واصفا الاجتماعات البينية بين القادة والوزراء بالشفافية والصراحة والصدق.

واعتبر الفيصل الاتحاد الخليجي نقلة نوعية للتعاون ما بين دول المجلس، الأمر الذي سيرفع من مستوى الاتفاقات الخليجية المشتركة، عما هي عليه في مرحلة التعاون، الأمر الذي عده بالغ الأهمية في المرحلة الراهنة، والتي تتطلب – بحسبه - أن تكون دول المجلس يدا واحدة.

ونوه وزير الخارجية السعودي إلى وقوف دول مجلس التعاون مع اليمن في الفترة الانتقالية وحتى تستقر الأمور الداخلية، ليتم عقبها البدء بعقد اجتماعات مجموعة أصدقاء اليمن لجمع التبرعات لليمن من سائر الدول لدعم التنمية اليمنية.

وفي مجال التسابق نحو الطاقة النووية، أكد الأمير سعود الفيصل على ضرورة وضع حل للطاقة يكون شاملا باعتبارها مشكلة عالمية، إلا أنه اعتبر استخدام الطاقة الصديقة للبيئة ذريعة للحصول على الطاقة النووية أمرا مقلقلا، سيتحول بسببه الأمر إلى صنع آلة دمار.

وفي الشأن العراقي اعتبر الأمير سعود الفيصل الانسحاب الأميركي من العراق شأنا «عراقيا - أميركا» ونتيجة لاتفاق ثنائي، نافيا أن يكون له أي تصورات أو توقعات لما ما سيتبع ذلك من ردود فعل على دول المنطقة، آملا استقرار العراق وألا يكون هناك فرق بين عراقي وآخر، وأن يكون العراق عامل استقرار وركيزة أمن للدول العربية بعد أن كان ركيزة دمار في المنطقة.

وطالب وزير الخارجية السعودي العراق بضرورة توضيح سياستها الخارجية وبسرعة مطلقة تجاه دول المنطقة، حتى تتمكن دول المنطقة من التجاوب معها بصورة مطلوبة. وفيما يتعلق بموقف مجلس التعاون الخليجي من توقيع سوريا على البروتوكول، أكد الفيصل حرص الجامعة العربية على وقف القتال وسحب آليات الدمار من المدن وإطلاق سراح المحتجزين، منوها إلى أنه طالما كانت النية السورية صافية أثناء توقيع البروتوكول فسيتحتم عليها تطبيق هذه الخطوات فورا، حتى يتم تطبيق باقي فقرات البروتوكول.

واستغرب وزير الخارجية السعودي تصريح وليد المعلم وزير الخارجية السوري والذي أكد فيه على قبول سوريا للبروتوكول دون الموافقة على المبادرة العربية، وأكد الأمير سعود الفيصل أن البروتوكول جزء لا يتجزأ من المبادرة، آملا أن يكون ما سمعه من المعلم حديثا خاطئا، منوها «فمع توقيعهم على البروتوكول، يفترض أن يسبقه موافقة على المبادرة العربية».

وشدد الفيصل على نفيه أن تكون هناك أي نوايا تضمر الشر لسوريا، مشيرا إلى أن المصيبة تكون عندما تأتي من السوريين للسوريين، حيث يصبح الألم أقوى وأكثر فزعا ولم يعد التدخل الخليجي والعربي مجرد خيار.

ودافع وزير الخارجية السعودي عن مبدأ الحل «العربي - العربي»، مشككا في فعالية وصواب الحلول الخارجية، قائلا «لا نشكك في نوايا كل الناس كما أنني لست من أصحاب نظرية المؤامرة» إلا أن الغرب لا يفهم المنطقة ومشاكلها، وأكد الفيصل على أن الحل العربي هو الأمثل لإنهاء الأزمة السورية، مستدركا حديثه بأن من سينقل الأمر إلى المنظمات الدولية هي سوريا وليس الجامعة العربية، آملا أن يكون توقيع السوريين على البروتوكول الخطوة الأولى لتطبيق المبادرة.

وأكد وزير الخارجية السعودية استمرار دول مجلس التعاون في تقديم الدعم المادي لمصر في ظل توتر الأوضاع الراهنة الداخلية، مشيرا إلى وجود مفاوضات على بعض النقاط لتقديم المساعدات، أما المساعدات المباشرة للاستخدام المباشر فقد صرفت، وما تبقى سوى المشاريع الإنمائية التي ستقدم من جانب مصر.

وقال «مصر تعتبر قلب العالم العربي، وهي أكبر وأهم دولة في العالم العربي، هناك تضامن في النظرة للشرق الأوسط والتعاون العربي، رغم ما تعانيه من آثار الربيع العربي، ورغم المشاكل مصر تقوم بواجبها في كل مرة، آخرها التصالح الفلسطيني - الفلسطيني التي رعته، ورغم أنك مصري فهي غالية علينا مثل ما هي غالية عليك».

وبحسب ما صرح به الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد صدر عن الدورة 32 إعلان الرياض بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد بتبني مبادرة العاهل السعودي لتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد لتشكل دول المجلس كيانا واحدا ليوجه القادة بتشكيل هيئة متخصصة من 3 أعضاء لكل دولة يكون رئيسها من رئاسة المجلس، واعتماد استخدام البطاقة الذكية كإثبات هوية لمواطني دول المجلس في كلا القطاعين العام والخاص، والموافقة على إنشاء هيئة للاتحاد الجمركي تبدأ أعمالها منذ يونيو (حزيران) 2012، تتلخص مهامها في استكمال دراسة آلية توزيع الحصيلة الجمركية وفق برنامج زمني ملزم، لتطبيق الوضع النهائي للاتحاد الجمركي بكافة متطلباته. وقرر المجلس الأعلى اعتماد برنامج تنمية مجلس التعاون بتمويل مشاريع التنمية في كل من مملكة البحرين وسلطنة عمان، على أن يبدأ تنفيذ البرنامج على وجه السرعة، وفيما يتعلق بالتعاون مع الأردن والمغرب قرر المجلس الأعلى إنشاء صندوق خليجي للتنمية لتقديم الدعم لمشاريع التنمية بالبلدين.

وركز القادة الخليجيون على القضايا التي تعزز مسيرة التعاون وترسخ الأمن والاستقرار بدول المجلس والمنطقة عموما، والقضايا المرتبطة بالتنمية والتطوير وتحقيق التكامل لدول المجلس، وبحث التطورات الاقتصادية والسياسة والدولية والإقليمية في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث وتطورات.

وأكد الزياني وفي خطوة لإكمال اتفاق الشرطة الخليجية تم تكليف مديري شرطة العواصم بالاجتماع ووضع الآلية والأسلوب الأمثل لتطبيق الاتفاقية، وبشأن قوات درع الجزيرة أكد الأمين العام لدول مجلس التعاون أنها في تطور مستمر سواء أكانت على مستوى منظومة الأسلحة والتدريب أو منظومة القيادة والسيطرة.