فشل الجيش في تأمين مربع التظاهر الصغير بوسط القاهرة يثير علامات استفهام

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: «العسكري» غير مؤهل.. والحل في عودة الشرطة المدربة

TT

أثار استمرار أعمال العنف لأكثر من خمسة أيام بميدان التحرير وأمام مجلس الوزراء المصري بالقاهرة وتعرض مبان حكومية منها «المجمع العلمي» للحرق والتخريب، علامات استفهام كثيرة حول قدرة قوات الجيش المصري الموجودة هناك على السيطرة على المتظاهرين وتأمين المنشآت الحكومية العامة، خاصة مع تكرار مثل هذه الأحداث على مدار الأشهر الماضية.

وبينما قال متظاهرون إن قوات الجيش عملت على القضاء على شباب الثورة وتركوا البلطجية يخربون ويحرقون المنشآت من أجل تشويه صورة الثورة وإظهار المتظاهرين على أنهم يريدون الفوضى وجر البلاد للعنف، قال خبراء عسكريون إن المجلس العسكري فشل بالفعل في التعامل مع المتظاهرين وعليه أن يعترف بذلك، لكنهم أرجعوا هذا الأمر لقلة خبرة قادة الجيش وجنوده في التعامل مع المظاهرات والاعتصامات الكبرى، مؤكدين أن الحل هو في عودة الوجود الأمني لقوات الشرطة المدربة والبعد عن ممارسات النظام السابق.

وكان اللواء عادل عمارة عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قد نفى أول من أمس (الاثنين) صدور أوامر لقوات الجيش أو الشرطة بفض الاعتصام أمام مجلس الوزراء بالقوة، مؤكدا أن الأحداث الأخيرة، والتي أسفرت عن مقتل 13 مواطنا وإصابة المئات، بدأت بعد الاعتداء على أحد الضباط.

وأكد عمارة أن هناك خطة ممنهجة لاستفزاز القوات والجنود ثم يقال بعد ذلك إن الجيش هو من يعتدي على المتظاهرين، مشيرا إلى أن هناك مؤامرة لإسقاط الدولة، وقال «إنهم لو لجأوا للقوة بالفعل لكانت النتائج كارثية وعدد الضحايا أكبر بكثير».

وخلص اللواء عادل سليمان الخبير الاستراتيجي، رئيس المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، إلى نتيجة أن قوات الجيش فشلت في هذه المهمة كما فشلت من قبل، لأنها عناصر غير مدربة ولا مؤهلة في التعامل مع التظاهرات أو التجمعات البشرية من هذا النوع، فهي لا تقارن بعناصر الأمن أو الشرطة المدنية التي شغلها الرئيسي هو التعامل مع مثل هذه المواقف، في حين أن هؤلاء عساكر مجندون لمدة عام أو عامين على الأكثر.

وأوضح سيلمان لـ«الشرق الأوسط»، أنه «طبيعي أن يحدث خلل وارتباك بسبب هذا الفكر»، رافضا الربط بين فشل الجيش في هذه الأحداث ونجاحه في تأمين الانتخابات، باعتبار أن هناك مؤامرة من المجلس العسكري، وقال «لو حدثت أي أعمال عنف أو مظاهرات في الانتخابات لكانت نفس النتيجة ولما استطاع الجيش السيطرة عليها إلا بوقوع عدد من القتلى والإصابات».

وتساءل سليمان: لماذا لا يتم تأهيل قوات الأمن والداخلية والإصرار على تولي الجيش زمام الأمور، رغم مرور 10 شهور منذ اندلاع الثورة، حتى الآن بحيث تنزل إلى المظاهرات بقيود في التعامل وممارسات غير التي كانت من قبل.

وشدد سليمان على أن «المجلس العسكري فشل ورسب في المهمة لكنه لا يريد أن يعترف بذلك ويحاول إلقاء التهمة على الآخرين، وينظر إلى كل أزمة على أنها بمثابة مفاجأة له».

وفي السياق ذاته، طالب اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية الأسبق، بأن تعطى وزارة الداخلية فرصتها في تأمين الشارع، داعيا لفرض حظر التجول في المناطق الساخنة بالقاهرة حتى تهدأ مواجهات العنف في ميدان التحرير وشارع قصر العيني، مشيرا إلى أن ذلك قد يكون حلا للتمييز بين الثوار والبلطجية، مشيرا إلى أنه من المعروف في الداخلية أن رجال المباحث من مهامهم الانتشار في الشوارع بملابس مدنية لضبط البلطجية، وأنه من الممكن أن يقوموا بالتمييز بين الثوار والمندسين وضبط المشتبه بهم ليتحروا عنهم.

وأوضح الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء طلعت مسلم، أن القوات المسلحة لديها نوع من الحرج في أن تستخدم القوة ضد المتظاهرين وبالتالي توقفت عن استخدام القوة ضدهم منذ بداية الثورة، لكن اتضح لها في النهاية أنها مضطرة لاستخدام القوة في أضيق نطاق.

وأكد مسلم لـ«الشرق الأوسط»، أن الحل هو أن يعيد المجلس العسكري النظر في هذا الأسلوب، وأن يكون هناك وجود أمني للجيش والشرطة بكثافة في أماكن الاعتصام، بدلا من تركها للمعتصمين أنفسهم لتأمينها، وهذا خطأ وقع فيه الجيش، مشيرا إلى أننا لا نستطيع أن نعفي القوات المسلحة من نتائج أي مظاهرة حتى وإن كانت غير موجودة باعتبارها مسؤولة عن إدارة البلاد.