«حواجز المتظاهرين».. بقعة في ثوب شوارع القاهرة

فتحت شهيتهم للتلصص وتدوين الرسومات والشعارات الساخرة

TT

«ثورة وحواجز».. يختصر هذا العنوان حقيقة الاشتباكات الدامية التي شهدتها شوارع وسط العاصمة القاهرة المتاخمة لميدان التحرير، بين قوات الجيش والشرطة والمتظاهرين، خاصة شوارع محمد محمود وقصر العيني والشيخ ريحان والتي أقام فيها الجيش 3 حواجز خرسانية ضخمة للسيطرة على الأوضاع فيها ومنع المتظاهرين من التقدم باتجاه منشآت ومقار حكومية تكتظ بها هذه الشوارع، خوفا من أن تطالها أعمال التخريب والحرق، مثلما حدث مع المجمع العلمي المصري، ومقري البرلمان ومجلس الوزراء خلال الأحداث التي جرت الأسبوع الماضي.

لكن مع تصاعد أعمال العنف وأمام تدهور الأحوال الأمنية تحولت هذه الحواجز إلى مصدر استفزاز للمتظاهرين، فبينما ترى قوات الأمن أنها الحل الأمثل لوقف نزيف العنف، يصفها مراقبون بأنها خطوة استباقية لمنع تدفق أعداد كبيرة من المواطنين إلى الميدان تزامنا مع موعد حلول الذكرى السنوية لاندلاع الثورة في 25 يناير (كانون الثاني) الشهر المقبل، فيما يرى متظاهرو التحرير أنها «حيلة العاجز»، ولن تعوق تقدمهم لاستكمال الثورة.

وتفصل الحواجز الخرسانية الذي يبلغ طول الحاجز الواحد فيها 3 أمتار، وعرضه متران، وبارتفاع 3 أدوار المتظاهرين عن الوصول إلى مقر وزارة الداخلية من شارعي محمد محمود والشيخ ريحان، وشارع قصر العيني المؤدي لمقري مجلس الشعب (البرلمان) ومجلس الوزراء، وخلف الحواجز الثلاثة تتمترس قوات الأمن المدججة بالمدرعات والعربات المصفحة والأسلاك الشائكة، في مشهد شبهه الكثير من الثوار بالجدار العازل الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة لقهر الفلسطينيين.

الطريف أنه رغم الدلالات النفسية والسياسية التي أفرزتها هذه الحواجز، فإنها أيضا أفرزت إيقاعا من التلصص، أصبح بديلا عن لغة الحوار المعطل بين الثوار وقوات الأمن، فراح كل طرف يتلصص على الآخر، يتشمم روائحه وخطواته من خلف الحاجز الخرساني.. هكذا وقف محمد حامد (24 عاما)، وهو موظف بشركة سياحية، مثبتا أذنيه وعينيه في ثقوب الجدار الواقع في أول شارع قصر العيني حيث مبنى مجلس الشورى، وحين سألته قال: «عايز أعرف إيه اللي بيدور وراء الجدار، فهو يجعلني كمتظاهر أرى أن أمامي حاجزا لا بد أن أتخطاه، النظام دائما ما يضع أمامنا العراقيل ويكسوها بزي العقلانية، الحكومة تعتقد أن الجدار سيجعلنا نعود لمنازلنا ونترك الميدان، لكن لن توقف الحواجز تدفق الثورة».

يضيف حامد: «استشهد الكثير منا، واعتقل أصدقاؤنا، وحرقت المباني، وكل ما تفعله الحكومة بناء حواجز خرسانية فقط، أيضا وقت أحداث محمد محمود بنت جدارا، هذا ليس حلا، لا بد أن تستمع لنا الحكومة وتسير على خطى الثورة، وإلا سيتكرر هذا في كل مكان، وتصبح شوارع مصر كلها عبارة عن حواجز خرسانية».

وتقول منى، وهي ناشطة سياسية «عايزين حواجز ديمقراطية بجد، تمنع المهازل اللي بتحاصرنا كل يوم، وآخرها وصول السلفيين إلى قبضة السلطة».

أضافت منى «صدقني الأمن لازم ينبع من داخلك، والثورة اللي كسرت حاجز الخوف، مش هيوقفها حاجز في شارع أو شارعين، طب عملوا إيه لما أقاموا الحواجز والمتاريس أمام السفارة الإسرائيلية.. اتكسرت وتم إسقاط العلم الإسرائيلي من على المبنى».