مبارك رغم كل أخطائه تنحى من دون أن يستمر في مسلسل سفك الدماء وهذا يحسب له

المصريون ليسوا شعبا دمويا والحرب الأهلية مستبعدة والتقسيم مستحيل

صبية مصريون يلتقطون صورا تذكارية أمام حواجز خراسانية ضخمة بوسط القاهرة غطتها كتابات ورسوم غرافيتية تعبر عن حالة الاحتقان بميدان التحرير (أ.ب)
TT

* بالنسبة إلى العلاقة مع إسرائيل، هل تعتقد أن الاتفاقية ستحترم حتى لو جاء «الإخوان» و«السلفيون»؟

- ليس هناك أي مجال لعدم احترامها، لأن من يريد عدم احترام هذه الاتفاقية يعني إعلان حرب. تماما مثل إغلاق مضيق باب المندب الذي أقدم عليه جمال عبد الناصر عام 1967، فأدى ذلك إلى حرب.

ثم من الذي سيحارب؟ جيشنا يصب كل اهتمامه على حماية الداخل. ثم لماذا نريد أن نحارب وقد استعدنا أرضنا!

* سيأتي من يقول، وماذا عن حقوق الفلسطينيين وأرضهم؟

- أنا مع حقوق الفلسطينيين ومع إقامة الدولة الفلسطينية ولن أتنازل عن المطالبة. لكن، هذه الحقوق لن تتحقق عن طريق حرب غوغائية تشنها مصر. هذه تأتي عن طريق المقاطعة بكل أنواعها، تأتي بأن نعلن جميعا أننا لن نستقبل هذا المدعو نيوت غينغريتش في بلادنا، لأنه واضح أنه مجنون أو أهبل.. من يقول إن الشعب الفلسطيني اختراع. عليه أن يذهب أولا إلى غزة أو الأردن أو لبنان ليشاهد هذا الشعب المشرد، ونقول له إننا لن نتوقف إلى أن تقوم دولة فلسطين. والذي لا يقول هذا، ننزع عنه صفة العروبة.

والأمل الوحيد لإسرائيل كي تستمر في وسطنا بأمان هو أن تقام الدولة الفلسطينية المستقلة.

* هل أنت مطمئن للمستقبل؟

- كلا... لكن، هناك شعاع من الضوء عندما حصلت «الكتلة المصرية» وهي الكتلة المدنية في مصر، وعمرها أربعة أشهر على 15 في المائة، كان هذا بمثابة المفاجأة الثانية في مصر، المفاجأة الأولى كانت في حصول «حزب النور» على هذه النسبة العالية (20 في المائة) والمفاجأة الثالثة كانت في حصول «حزب الوفد» على 5 في المائة، لأنه فقد مصداقيته نتيجة تواطئه مع «الإخوان».

أما تخوفي، فسببه، تصريح لأحد زعماء «السلفيين»، وهو أن الديمقراطية كفر. أي إن الديمقراطية التي أوصلته إلى البرلمان هي كفر. هذا يذكرني بهتلر الذي جاء بانتخابات ديمقراطية وانقلب على الديمقراطية. خوفي الشديد أن تقوم هذه التيارات بإلغاء الديمقراطية حتى يتسنى لها حكم البلاد إلى أبد الآبدين.

لذلك المطلوب من الجيش أن يعلن ميثاقا للشعب. بأنه لن يسمح أبدا باختطاف الديمقراطية.

لا بد أن يلتزم الجيش بأن مدنية الدولة خط أمني قومي، وديمقراطية الدولة خط أمني. لأن الجيش حامي الشعب.

* لماذا الحملة مستمرة عليك؟

- لأنه لم يتصد أحد بهذا الوضوح للتيار الإسلامي المتشدد. أنا طبيعتي ليست طبيعة سياسية، وعندما أدافع عن حريتي الشخصية أو حرية أي مصري سواء في شكله أو ملبسه أو حياته الخاصة أقابل بوابل من الاتهامات بأني زنديق. وكذلك عندما أدين التدخل الخارجي المالي بالانتخابات، يُفسر كلامي بأنني طلبت تدخلا أجنبيا. ولا يعلق أحد، أي عندما تتدخل دولة لفرض نظام معين في مصر يكون تدخلها مقبولا، وعندما أطالب أميركا بأن تضغط على الدول الخليجية كي لا تتدخل في مصر يعتبر هذا طلبا للتدخل الأجنبي.

* أريد أن أسألك، لماذا زج برجال الأعمال والمستثمرين بالسجن، وما زلت أنت طليقا؟

- أولا، معظم الذين في السجن أبرياء.

* ولماذا أنت لست بينهم في السجن؟

- لأنه لا شيء علي إطلاقا.

* لكنك تقول إنهم أبرياء! - أنا في حياتي كلها، ولو أخطرتني الإدارة القانونية لدي بأن إجراء ما قانوني، ولا داعي للخوف وأستطيع أن أقوم به، إنما داخلي لا يستريح، فأنا لا أفعله، أنا أبتعد دائما عن أي صفقة، فيها أي شبهة استغلال نفوذ. بالتالي الذي يعرفني، يعرف أنني عندما أنزل في مطار القاهرة أقف في طابور الجوازات كأي مواطن، وأنتظر حقيبتي كأي مواطن، وعندما أقود سيارتي أتبع كافة التعليمات، أنا لا أحب أن أعطي أحدا أي فرصة كي يدخل منها. لا أخفي شيئا، ربما هذا هو السبب الأساسي، لكنني أكرر أن كثيرين من الذين زجوا في السجن ستظهر براءتهم إن شاء الله، وأستطيع أن أعطي أمثلة كثيرة سواء عن الذين في السجن أو خارج البلاد، وأعترف أنهم لم يرتكبوا أي خطأ.

* هل كنت مقربا من مبارك وأولاده؟

- كلا. لم يكن هناك من ود بيني وبينهم.

* هل أخطأ جمال مبارك؟

- طبعا.. أخطأ. مثلا أنا عندما جئت لأعمل مع والدي رفضت، وبدأت أعمل لوحدي، وبعدها نجحت لوحدي، قال لي والدي أريدك أن تعمل معي، اشترطت أن أبدأ في مجال بعيد عن مجاله كي أثبت نفسي. لو أراد جمال أن يعمل في السياسة كان عليه أن يبتعد عن «الحزب الوطني»، وينشئ حزبا خاصا به ويفتح هذا الحق للجميع. إنما محاولة أن يرث الدولة، لم تكن بالأمر المقبول.

* وهل أخطأ في مجال الأعمال؟

- طبعا، لأنه إذا أراد العمل العام فيجب تجنب خلط السياسة بالعمل. لقد رفضت الترشح لمجلس الشعب، بسبب أعمالي، رغم أن أعمالي معظمها في الخارج.

* ألا تخاف، إذا جاء «الإخوان المسلمون» أو «السلفيون» وحكموا، أن يركّبوا عليك تهمة وتصبح ممنوعا من دخول مصر؟

- هذا وارد.. كل شيء وارد.

* هل تدعو للمصالحة في مصر؟

- نعم، لا بد أن يتوقف مسلسل الانتقام، والتوقف عن التظاهر والاعتصام. وعندما يتم الاستقرار السياسي سيأتي الرخاء الاقتصادي.

* كيف سيأتي الرخاء الاقتصادي؟

- لأن مصر دولة غنية، ومليئة بالخبرات والفرص التي لا حد لها. وما نريده كمستثمرين من عرب وأجانب، الاستقرار للدولة والاستقرار للقوانين وعدم الرجوع عن التعهدات واستقرار الوضع الأمني.