وصول وفد عربي تمهيدي إلى دمشق غدا.. والعربي: المراقبون سيقررون في غضون أسبوع.. إن كانت سوريا ملتزمة

الأمين العام يطلب من الدول العربية تسمية مراقبيها.. ومقرب من المالكي لـ«الشرق الأوسط»: محاولة قطرية لتهميش الدور العراقي

نبيل العربي
TT

أعلن نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، أن بعثة المراقبين يمكن أن تصل إلى سوريا قبل نهاية الشهر الحالي في مهمة لتقييم ما إذا كانت دمشق ملتزمة بتنفيذ المبادرة العربية لإنهاء قمع الاحتجاجات بعد أسابيع من المماطلة السورية. وقال العربي لـ«رويترز»: «يمكنني القول بقدر من التأكيد، ولكن ليس على نحو قاطع، إنهم (المراقبين) سيكونون هناك بنهاية الأسبوع المقبل»، مضيفا أن هذه هي أول مهمة من نوعها منذ تأسيس الجامعة العربية عام 1945.

وقال: «إنها مهمة جديدة تماما ومهمة مجهولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ومثلما هو الحال مع كل اتفاقية في العالم، فإنها تتوقف على التنفيذ بحسن نية»، مضيفا أن المراقبين يمكنهم أن يروا في غضون أسبوع إن كانت سوريا ملتزمة.

وكشف العربي أن مجموعة صغيرة تمثل طليعة فريق المراقبين يترأسها مسؤول كبير من الجامعة العربية، ستتوجه إلى دمشق غدا للتحضير للمهمة. وبمجرد نشر المراقبين يمكن إجراء التقييم سريعا لمعرفة ما إذا كانت سوريا ملتزمة بالاتفاق. وأضاف العربي بشأن البروتوكول الذي تبلغ مدته شهرا مع احتمال التمديد: «في غضون أسبوع من بداية العملية سنعرف. لا نحتاج شهرا».

وكان مساعد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد بن حلي، أعلن أن أول فريق من المراقبين العرب سيتوجه إلى سوريا غدا، وقال في مؤتمر صحافي إن «مقدمة من المراقبين بقيادة سمير سيف اليزل ستتوجه إلى دمشق الخميس». وقالت الجامعة إن الفريق الأولي سيضم مراقبين أمنيين وقانونيين وإداريين وخبراء، ويتوقع أن يليه فريق من الخبراء في حقوق الإنسان. وأعلنت الجامعة العربية «الموافقة على تسمية الفريق أول ركن محمد أحمد مصطفى الدابي من جمهورية السودان رئيسا لبعثة مراقبي الجامعة العربية»، بحسب بيان الجامعة.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر في الجامعة العربية أن سيف اليزل سوف يصل إلى دمشق على رأس «وفد المقدمة» يوم غد، الخميس، للاتفاق على الترتيبات اللوجيستية التي تتعلق بالإقامة والاتصالات والتحرك وتأمين وسائل المواصلات. وأفادت المصادر أن رئيس بعثة المراقبة قد تم التوافق عليه خلال اجتماع المندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية وهو الفريق أول ركن محمد أحمد مصطفى الدابي (سوداني الجنسية). وأضافت أن البعثة ستتوجه إلى دمشق بعد عودة «وفد المقدمة».

وأشارت المصادر إلى أن العربي طلب خلال اجتماع مندوبي الدول الأعضاء في الجامعة صباح أمس سرعة تسمية الأعضاء الذين سيتشاركون من مختلف الدول العربية، واستبعدت المصادر مشاركة كل من تركيا وإيران وكذلك روسيا ضمن البعثة العربية المراقبة.

وكان بن حلي قد أكد أن المجلس وافق على تعيين الفريق الدابي، وهو شخصية عسكرية ودبلوماسية سودانية وعمل منسقا بين الحكومة السودانية وقوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي العاملة في دارفور، لرئاسة بعثة جامعة الدول العربية إلى سوريا. وأضاف أن الدابي سيأتي إلى القاهرة قريبا للقاء الأمين العام للجامعة للحصول على التوجيهات اللازمة والتعرف على مهام البعثة على أن يتوجه إلى دمشق خلال أيام، موضحا أن هناك مقدمة للبعثة برئاسة سيف اليزل للتحضير والإعداد لبعثة المراقبين التي ستكون لديها صلاحيات لزيارة مختلف المناطق السورية، ومنها السجون والمعتقلات والمستشفيات ولقاء ممثلين عن تنسيقيات الثورة السورية ورفع تقارير دورية إلى الأمين العام للجامعة العربية حول ملاحظتها.

وعبر بن حلي عن أمله في أن يكون عمل البعثة بداية لتنفيذ المبادرة العربية التي تحظى بدعم دولي، خصوصا من الأمم المتحدة والعواصم الدولية الكبرى التي رحبت بالجهد العربي، معبرا عن أمله في أن يكون الحل العربي للأزمة السورية هو الطريق، للخروج من الوضع الراهن في سوريا بعيدا عن أي تدويل.

ومن ناحية أخرى، صرح السفير صالح عبد الله البوعينين، سفير قطر في القاهرة، ومندوب قطر الدائم لدى الجامعة العربية، الذي ترأس اجتماع المندوبين، أمس، بأن هناك حرصا عربيا على إنجاح المبادرة العربية والحفاظ على وحدة واستقرار سوريا أرضا وشعبا، باعتبار سوريا من الدول المؤسسة للجامعة العربية.

وقال إن البعثة ستباشر مهامها في إطار البروتوكول الموقع مع الحكومة السورية، الذي تم التوصل إليه بعد 10 اجتماعات لوزراء الخارجية العرب، وأضاف البوعينين أن مجلس الجامعة العربية استمع إلى تقرير من الأمين العام للجامعة العربية حول نتائج زيارته إلى بغداد والترتيبات العراقية لاستضافة القمة العربية في بغداد، مارس (آذار) المقبل. وأكد المندوب القطري أن هناك حرصا عربيا على عقد القمة العربية العادية في بغداد في موعدها، نظرا لأهمية التطورات التي تشهدها المنطقة.

وسيرافق البعثة أفراد من وسائل الإعلام. وقال العربي لـ«رويترز» إن الدول الخليجية وافقت، أول من أمس، على إرسال 60 مراقبا ليصبح العدد الإجمالي نحو 150 حتى الآن. وأضاف أن المراقبين يتوقعون أن تتاح لهم حرية التحرك والاتصال بما في ذلك دخول السجون والمستشفيات في أنحاء البلاد.

من جهته، قال عضو ائتلاف دولة القانون ورئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج، إن «هناك محاولات لتهميش الدور العراقي على صعيد الأزمة الراهنة في سوريا واقتصاره على توقيع البروتوكول الخاص بالمراقبين». وقال السراج، وهو مقرب من رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «قطر تريد أن ينتهي دور العراق عند حدود التوقيع على البروتوكول الخاص بالمراقبين، وتسحب القضية إليها لاعتبارات معينة، وهو أمر يمكن أن يجهض المبادرة العراقية لأنها مستمرة ولا تنتهي بالتوقيع، بل يمكن القول إن المرحلة المقبلة هي الأهم، لا سيما على صعيد التنسيق العراقي على مستوى الحوار السوري – العربي، والسوري - السوري».

واعتبر أن «تحويل ملف القضية أو سحبها، يعني إبعاد العراق عن التأثير في المراحل اللاحقة، وهي مهمة جدا لكي لا يتم تقويض القضية، واعتبار أن السوريين منحوا فرصة ولم يغتنموها، وبالتالي يتم نقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي مثلما هو مخطط له باتفاق قطري مع دول خليجية أخرى». وكشف السراج أن «رئيس الوزراء نوري المالكي يواصل مساعيه باتجاه الاستمرار بهذا الدور، وأن وفدا من المعارضة السورية سيزور العراق الأسبوع المقبل وسيتم الاتفاق على آليات عمل بهذا الخصوص».

وبشأن دخول إيران على الخط، وما إذا كان ذلك تم بتنسيق ثلاثي عراقي – سوري - إيراني، قال السراج إن «لإيران قنواتها المفتوحة مع سوريا ولا نعرف ما هي الأمور التي طرحتها إيران لإقناع الجانب السوري، وإن ما قام به العراق جاء بناء على مقبوليته في القيام بهذا الدور، وأستطيع أن أؤكد أن ما قام به العراق على هذا الصعيد لا علاقة له بأي تنسيق إيراني لأن مثل هذا التنسيق لا أهمية له ولا ضرورة».

ووافقت سوريا في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) على خطة عربية تطالب بإنهاء القتال وسحب القوات من المناطق السكنية والإفراج عن السجناء وبدء حوار مع المعارضة. لكنها ماطلت لمدة 6 أسابيع في السماح لمراقبين بتقييم التنفيذ في الوقت الذي قفزت فيه أعداد القتلى. ووقعت دمشق على بروتوكول بشأن المراقبين، أول من أمس، الاثنين، في مقر الجامعة العربية بالقاهرة.

وبعد أن وافقت دمشق على الخطة في نوفمبر دون أن تظهر ما يشير إلى أنها تنفذها، أعلنت الدول العربية مجموعة من العقوبات استهدفت التعاملات المالية مع سوريا وشملت قيودا على سفر المسؤولين وخفض رحلات الطيران. وقال العربي إن هذه الإجراءات ستبقى سارية إلى أن يقدم المراقبون تقييمهم في تقارير يومية وأسبوعية سيتم إطلاع سوريا عليها، لكنها لن تفحصها. وأضاف العربي أنه سوف يتعين أن يقرر الوزراء العرب إن كانت العقوبات سترفع. وقال إن هذه الإجراءات «تبناها اجتماع للوزراء العرب وهو الجهة التي لها سلطة إنهاء العقوبات».

إلى ذلك، صرح الناطق باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، أمس، أن حكومة بلده تنتظر من سوريا أن تطبق «فورا» وعودها بقبول مراقبين على أرضها في إطار خطة عربية للخروج من الأزمة. وقال زايبرت في لقائه الدوري مع صحافيين: «نتوقع أن تصبح أقوالها أفعالا على الفور». وعبر عن قلق برلين «العميق» حيال أعمال العنف في سوريا.

وكان وزير الخارجية الألماني، غيدو فسترفيلي، قال أمس إنه ينتظر من سوريا أن تنفذ «فورا» وعودها بقبول مراقبين على أراضيها في إطار خطة عربية للخروج من الأزمة. وقال فسترفيلي في بيان: «سنحكم على سوريا فقط على أفعالها لا أقوالها، أي البدء فورا في تنفيذ اتفاقها مع الجامعة العربية».

وأضاف الوزير الألماني: «يجب وقف العنف وسحب الجيش والإفراج عن المعتقلين السياسيين والسماح بممر إنساني. إنها شروط هامة من أجل تغيير سلمي في سوريا، تحتاج إليه البلاد أكثر من أي شيء آخر».