المالكي يطالب كردستان بتسليم الهاشمي.. ويحذر من «تسهيل» هروبه إلى الخارج

هدد باستبدال وزراء «العراقية» المنسحبين.. والمتحدثة باسم القائمة لـ «الشرق الأوسط»: نسف كل المبادرات الوطنية

عنصر أمن يعاين موقع انفجار أسفر عن مقتل قاض مكلف بالتحقيق في قضايا إرهابية في كركوك أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد يوم من دعوته رئيس الجمهورية والزعامات والكتل السياسية إلى عقد اجتماع عاجل لمناقشة الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد على أثر إصدار القضاء العراقي مذكرة إلقاء قبض بحق نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، صعد رئيس الوزراء نوري المالكي موقفه ضد القائمة العراقية التي يتزعمها خصمه الدكتور إياد علاوي.

وأعلن المالكي خلال مؤتمر صحافي عقده أمس داخل مبنى مجلس الوزراء رفضه طلب الهاشمي نقل ملف القضية ضده إلى إقليم كردستان الذي لجأ إليه عشية صدور مذكرة الاعتقال بحقه. وطالب المالكي «الإخوان في حكومة الإقليم أن يتحملوا مسؤوليتهم ويسلموا المطلوب إلى القضاء وإذا هرب إلى دولة أخرى فستكون هناك مشكلة.. لذا لا نتمنى من حكومة الإقليم أن تسهل ذلك». وتابع رئيس الوزراء العراقي «وفرنا محاكمة عادلة وصريحة لديكتاتور العراق صدام حسين، وسنضمن وسنكون حازمين في توفير محاكمة عادلة للسيد الهاشمي».

إلى ذلك، أكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الداخلية في حكومة كردستان، أن «تسليم الهاشمي مرهون بصدور إذن قضائي من المحاكم في كردستان». وقال فائق توفيق وكيل وزارة الداخلية في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن «الوزارة لم تتلق حتى الآن أي طلب رسمي يقضي بتسليم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي إلى بغداد، وإن الوزارة ودوائر الشرطة التابعة لها تعمل وفقا للقانون ولما يصدر عن المحاكم الكردستانية باعتبارها جهة تنفيذية لأوامر القضاء، ومن دون ورود طلب أو إذن رسمي من المحاكم بكردستان لا يمكن للوزارة أن تعتقل أي شخص مهما كان منصبه أو مسؤولياته، وحتى الآن لم تتلق الوزارة ولا الأجهزة التابعة لها أي طلب رسمي بشأن تسليم الهاشمي إلى بغداد». وكان رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» نشرت أمس أن تسليم الهاشمي «غير وارد إطلاقا».

وفي أول رد على المؤتمر الصحافي الذي عقده الهاشمي أول من أمس في أربيل كشف المالكي عن أنه قام قبل نحو ثلاث سنوات بتسليم أقراص مدمجة تدين أفراد حماية الهاشمي، إلى رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس المجلس الأعلى الراحل عبد العزيز الحكيم، إلا أنهما أكدا على ضرورة غلق الملف، لنجاح العملية السياسية.

وأضاف المالكي أنه «غير مستعد للمساومة على دماء العراقيين». وقال «القضاء العراقي مستقل واتخذ قراره، ومن الصعب التراجع، كما أنني لا أستطيع التدخل بالقرارات القضائية، ولا دخل للحكومة في هذه القرارات». وأشار المالكي إلى «وجود مساومات لغلق ملف الهاشمي وحمايته»، معلنا أنه رفض هذه المساومات من دون أن يكشف عن الجهات التي مارست ضغوطها عليه. وقال إن «دماء العراقيين يجب ألا تذهب سدى». كما أعلن رفضه «تدخل الجامعة العربية في قضية الهاشمي ولا الأمم المتحدة». إلى ذلك صرح مصدر مسؤول في جامعة الدول العربية أمس بأن الجامعة أجرت اتصالات مع جهات عراقية عدة حول قضية الهاشمي الذي يواجه مذكرتي توقيف وأعلن في مؤتمر صحافي في أربيل أول من أمس أنه مستعد للمثول فقط أمام القضاء في إقليم كردستان وطالب أيضا بأن «يحضر التحقيق والاستجواب ممثلون عن الجامعة العربية ومحامون عرب من أجل ضمانة التحقيق».

وبشأن تعليق وزراء القائمة العراقية حضورهم جلسات مجلس الوزراء بناء على أوامر القائمة قال المالكي إنه «ليس من حق الوزير تعليق حضوره في جلسات مجلس الوزراء»، مبينا أن «الوزير الذي سيمتنع عن الحضور سيعتبر مستقيلا». وهدد باستبدال القائمة إذا واصلوا مقاطعة الحكومة، ملمحا أيضا إلى إمكانية تشكيل حكومة «أغلبية سياسية». وقال إن وزراء «العراقية» التسعة «إذا لم يرجعوا في الاجتماع القادم (للحكومة) فسنتجه إلى تكليف وزراء آخرين»، علما بأن الحكومة العراقية عادة ما تعقد جلساتها يوم الثلاثاء من كل أسبوع. وأضاف «ليس من حق الوزير أن يقاطع جلسات الحكومة لأنه سيعتبر مستقيلا». وأعلن المالكي أن «مبدأ التوافق الذي كنا بحاجة إليه في الأعوام الماضية انتهى الآن»، داعيا إلى عقد اجتماع موسع «في الأيام المقبلة» لبحث الأزمة المستجدة. وقال «إذا لم ننجح في التوصل إلى صيغة تفاهم، فسنتجه إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية». وفي سياق آخر، أكد المالكي أنه «سيجمع القوى السياسية في اجتماع موسع»، لكنه لم يكشف عن الوقت والآلية التي سيتم بموجبها عقد مثل هذا الاجتماع.

من جهتها، أعلنت المتحدثة باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المالكي بمؤتمره الصحافي أمس «نسف كل المبادرات الوطنية التي تقدم بها في الآونة الأخيرة عدد من أهم الزعامات في العراق مثل المبادرة الكردية ممثلة بالرئيسين جلال طالباني ومسعود بارزاني ومبادرة السيدين مقتدى الصدر وعمار الحكيم وكلها تهدف إلى لم الشمل، بينما المالكي أعلن وبكل صراحة عدم وجود توافق وطني». وأضافت الدملوجي أن «هذا المؤتمر كان سيئا جدا ولا يعبر عن أي رغبة في التوصل إلى حلول ورأب الصدع وهو ما يعطي انطباعا بأن المالكي نسف كل أسس الشراكة الوطنية». وحول موقفه من تعليق وزراء «العراقية» عضويتهم في الحكومة وتهديد المالكي باستبدالهم، قالت الدملوجي، إن «المالكي يريد أن يعزو فشل حكومته التي ليس لديها حتى الآن برنامج حكومي على وزراء العراقية وهو أمر غير صحيح على الإطلاق لأن الحكومة تعمل منذ سنة بلا نظام داخلي». وردا على سؤال بشأن رفض المالكي نقل التحقيقات في قضية الهاشمي إلى كردستان قالت الدملوجي إن «هذا الأمر لا يخص المالكي وليس من صلاحياته وإنما هو من اختصاص القضاء»، مضيفة «إننا نحترم القضاء العراقي ونعتبر القضاة في العراق من أحسن القضاة، لكننا نشكك في نيات السياسيين الذين يعملون على تسييس القضاء». وبشأن الخيارات القادمة للقائمة العراقية في ضوء هذا التصعيد قالت الدملوجي إن «زعيم القائمة العراقية إياد علاوي دعا التحالف الوطني إلى استبدال المالكي بشخص آخر من التحالف الوطني لأن المالكي لم يعد قادرا على استكمال مسيرة العمل الوطني، لا سيما أنه يعمل على حصر السلطات بيده وهو أمر غريب ولا يستند على الدستور».