تسارع انخفاض العملة الإيرانية يثير ذعرا.. والبرلمان يستدعي وزير الاقتصاد

طهران تنفي تعليق المبادلات التجارية مع الإمارات وتتحدث عن «أسباب فنية» وراء الخبر

الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد يلتقي مؤيديه في بلدة فرامين أمس (أ.ف.ب)
TT

تسارعت وتيرة انخفاض قيمة العملة الإيرانية (الريال) أمس مقابل الدولار بشكل كبير، بينما تتضح أكثر فأكثر آثار العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على إيران منذ 18 شهرا. وجاءت موجة الانخفاض الجديدة، عقب قرار إيراني، سارعت طهران إلى نفيه لاحقا، بوقف المبادلات التجارية مع الإمارات العربية المتحدة «حتى إشعار آخر».

وأثار انخفاض الريال الإيراني، استياء وسائل الإعلام ومجلس الشورى، حيث تجاوز سعر الدولار، العملة المرجعية لمعظم الإيرانيين، الـ15 ألف ريال في السوق الحرة للمرة الأولى بعدما ارتفع نحو 15 في المائة منذ السبت ما عزز الفارق مع سعره الرسمي الذي حدده المصرف المركزي بـ11 ألف ريال. وسرت انتقادات حادة من قبل عدد كبير من وسائل الإعلام، بما في ذلك الرسمية منها، ضد البنك المركزي الذي يؤكد منذ أشهر أنه يحاول، من دون أن ينجح، الحفاظ على سعر الدولار في السوق الحرة قريبا من سعره الرسمي.

واتهم التلفزيون الحكومي حاكم المصرف المركزي محمود بهماني بـ«الإخفاق» في الدفاع عن العملة الإيرانية، بينما استدعاه مجلس الشورى بشكل عاجل مع وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني إلى جلسة مغلقة لتقديم توضيحات. وقلل الرئيس محمود أحمدي نجاد في خطاب في فارامين جنوب شرقي طهران من خطورة المسألة، ناسبا تراجع الريال إلى مضاربين يريدون أن «يملأوا جيوبهم على حساب الشعب». وقال إن إيران «لا تواجه أي مشكلة محددة»، وإن «الاقتصاد مستقر»، وطلب من السكان «مواصلة حياتهم بشكل طبيعي».

وتسارع انخفاض الريال بسبب معلومات بثتها وسائل الإعلام إيرانية، أول من أمس، ونفتها السلطات، تتحدث عن توقف الواردات من الإمارات العربية المتحدة التي تشكل معبرا لإعادة تصدير بضائع العالم إلى إيران، بسبب العقوبات الغربية. وسارعت إيران للحديث عن «أسباب فنية كانت وراء الحديث عن تعليق المبادلات التجارية مع الإمارات». وفي الوقت الذي أكد فيه مرتضى معصوم زادة نائب رئيس مجلس العمل الإيراني في دبي والذي يتواصل يوميا مع عشرات التجار الإيرانيين وغير الإيرانيين في إمارة دبي صدور مثل هذا القرار أول من أمس واصفا إياه بـ«الكارثة». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست، إن إغلاق موقع تسجيل الطلبات التجارية بوزارة الصناعة والمناجم والتجارة، «كان لأسباب فنية»، نافيا أن تكون إيران قد حظرت التبادل التجاري مع الإمارات.

وكان السفير الإيراني في أبوظبي محمد فياض أكد أول من أمس وقف المبادلات التجارية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وقال في تصريح نقلته وكالة أنباء «مهر» الإيرانية شبه الرسمية ضمن تأكيده خبر وقف تسجيل الطلبيات التجارية بين إيران والإمارات: «إن أسباب اتخاذ هذا القرار يجب متابعتها عبر النظام الاقتصادي والتجاري لإيران أي الوزير المختص ومنظمة تطوير التجارة»، مشيرا إلى أنه «لم يبلغ لحد الآن بهذا القرار». وكانت وكالة «مهر»، قالت أيضا إن وزير الصناعة والمناجم والتجارة مهدي غضنفري أصدر قرارا بحظر جميع أشكال التبادل التجاري بين إيران والإمارات «حتى إشعار آخر»، ولفتت إلى أنه «تم كذلك تعليق تسجيل الطلبات التجارية المتعلقة بالإمارات في منظمة تطوير التجارة الإيرانية».

يشار إلى أن طهران هي ثاني أكبر شريك تجاري لدبي، حيث وصل حجم التبادل التجاري العام الماضي بين الإمارات وإيران إلى 10.4 مليار دولار، ومن شأن قرار تعليق التبادل التجاري بين الإمارات وإيران في حال انتقل إلى حيز التنفيذ أن يصيب آلاف التجار الإيرانيين وغير الإيرانيين الذين تتحرك تجارتهم يوميا باتجاه الإمارات بالإحباط، وهو ما يشير إليه مرتضى زادة نائب رئيس مجلس العمل الإيراني في دبي بالقول «أكثر من 20 ألف تاجر قد يتضررون جراء القرار».

يذكر أن الإمارات تعد من بين الدول المتزايدة التي بدأت في تطبيق العقوبات المالية ضد إيران، بموجب القرارات الصادرة عن مجلس الأمن في يونيو (حزيران) الماضي. ويعيش في الإمارات نحو 400 ألف إيراني بينهم نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال الذين ينشطون في عدة مجالات، على رأسها التصدير والاستيراد. ويقول مرتضى معصوم زادة، نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني في دبي، إن حجم التبادل التجاري بين البلدين ينخفض بشكل مطرد يوما بعد يوم، وإن العشرة مليارات دولار التي كانت تمثل قيمة التبادل التجاري تقترب من أن تصبح خمسة مليارات في ظل التضييق الذي تمارسه البنوك، معتبرا أن البنوك الإماراتية تضاعف من حجم الأزمة على التجار.

وإلى جانب العقوبات التي تعاني منها إيران، فقد ارتفعت نسبة التضخم منذ عام عبر إلغاء الدعم على الطاقة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود والغاز والكهرباء أربعة أضعاف. في المقابل تسعى السلطات لتجنب انفجار اجتماعي، بقرارها دفع مبلغ شهري يبلغ أربعين دولارا لكل إيراني. لكن هذا النظام الذي يكلف الدولة ثلاثين مليار دولار سنويا ساهم في التضخم وزاد العجز في الميزانية نحو عشرة مليارات دولار، حسب تقديرات برلمانية.

وفي مواجهة هذه الصعوبات، قامت الحكومة بصك العملة مما زاد الكتلة النقدية، كما تقول وسائل الإعلام، بنسبة 20 في المائة منذ الصيف، كما اقتطعت مبالغ من الميزانيات ومن أرباح الاستثمارات النفطية، حسب البرلمان الذي يدين منذ أشهر السياسة الحكومية، إلا أن خبراء إيرانيين وأجانب يرون أن انخفاض سعر الريال يمكن أن تكون له آثار إيجابية على الحكومة التي يمكنها اللعب على أسعار الصرف لخفض عجزها.

من جهة ثانية، قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، إن بلاده ستصبح مصدرا رئيسيا للبنزين بحلول 2013 رغم العقوبات المشددة غير المسبوقة التي يفرضها الغرب على الجمهورية الإسلامية. وقال أحمدي نجاد إنه تم توفير المليارات نتيجة لعدم استيراد البنزين وذلك في أعقاب خطة لإصلاح نظام الدعم ألغت الحكومة بمقتضاها دعما ضخما على مواد أساسية مثل الغذاء والوقود.

وأضاف أحمدي نجاد في كلمة ألقاها أثناء زيارته لمدينة فارامين بشرق إيران ونقلها التلفزيون الحكومي في بث مباشر «بدأنا تصدير البنزين ونأمل أن نصبح بحلول العام المقبل مصدرا رئيسيا له». وأعلنت إيران في وقت سابق أنها حققت الاكتفاء الذاتي من إنتاج البنزين. وقالت مصادر تجارية في أبريل (نيسان) إن إيران أبرمت اتفاقا لبيع البنزين للعراق لكن هذه الشحنة النادرة لا تعني أن الجمهورية الإسلامية أصبحت مصدرا صافيا وتخلت عن اعتمادها على واردات البنزين.