القوى السياسية تقترب من التوافق حول مبادرة لتسريع انتقال السلطة إلى المدنيين

تنتظر نتائج «جمعة رد الإعتبار لحرائر مصر».. في ظل 3 سيناريوهات للحل

نساء مصر في مظاهرة بوسط القاهرة أمس ينددن بالعنف ويطالبن برحيل المجلس العسكري (أ.ب)
TT

تتنافس في مصر ثلاث مبادرات لتجاوز انسداد الأفق السياسي، بعد سقوط نحو 15 قتيلا في اشتباكات بين عناصر الجيش ومتظاهرين أمام مقر رئاسة مجلس الوزراء خلال الأيام الماضية، بينما يرى مراقبون أن فرص التعاطي الإيجابي مع هذه المبادرات تظل مرهونة بنجاح دعوة قوى شبابية ثورية لمليونية «جمعة رد الإعتبار لحرائر مصر»، للضغط من أجل الإسراع في تسليم السلطة للمدنيين، خاصة مع قرب التوصل لتوافق بين قوى سياسية رئيسية بينها جماعة الإخوان المسلمين. وأعرب المجلس العسكري الحاكم في البلاد، أول من أمس، في رسالة عن أسفه الشديد لسيدات مصر، استعداده لـ«مناقشة أي مبادرة سياسية من أي من القوى السياسية قد تسهم في استقرار وسلامة مصر»، وهو ما قرأته القوى السياسية باعتباره تجاوبا مع دعوات بالإسراع في تسليم السلطة للمدنيين.

وكان المجلس العسكري قد استجاب لضغوط شعبية خلال الشهر الماضي، عقب سقوط 42 قتيلا في اشتباكات بين عناصر الشرطة المدنية ومحتجين في شارع محمد محمود، القريب من ميدان التحرير. وقرر المجلس العسكري بالتوافق مع القوى السياسية إجراء الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة لرئيس منتخب نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل.

لكن الانتقادات التي وجهت للمجلس العسكري باستخدام العنف المفرط ضد نشطاء معتصمين أمام مجلس الوزراء، وسوء إدارة المرحلة الانتقالية، دفعت قوى سياسية للمطالبة بتقليص مدة بقاء المجلس في السلطة.

وطالبت قوى شبابية ثورية تقديم موعد انتخابات الرئاسة، حيث اقترحت أن تتم الدعوة للانتخابات في 25 يناير (كانون الثاني) المقبل، بحيث تتزامن مع انطلاق شرارة الثورة في مصر العام الماضي، على أن يتم تسليم السلطة للرئيس المنتخب في 11 فبراير (شباط) وهو الموعد الذي يتزامن مع إعلان الرئيس المصري السابق حسني مبارك تخليه عن سلطاته، عقب 18 يوما من الاحتجاجات في البلاد.

ويرى سياسيون أن هذه المبادرة «أكثر عاطفية ورمزية مما يحتمل الواقع المعقد في البلاد»، مستبعدين احتمالات تنفيذها على الأرض. ويلجأ هؤلاء الساسة لمبادرة أخرى على أرضية دستور 1971 الذي كان معمولا به خلال سنوات حكم مبارك، حيث يطالبون بأن يتولى رئيس البرلمان المنتخب صلاحيات رئيس الجمهورية فور انعقاده في يناير (كانون الثاني) المقبل، على أن يشرف على إجراء الانتخابات الرئاسية خلال ستين يوما من توليه السلطة.

ويوضح شادي الغزالي حرب، مؤسس حزب الوعي المصري، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «نص الإعلان الدستوري الصادر في فبراير الماضي علق العمل بدستور 1971 ولم يسقطه وهو ما يعني إمكانية استدعائه في لحظات استثنائية».

يتابع شادي حرب الذي ينضوي حزبه تحت مظلة تحالف يضم قوى وحركات شبابية: «تولي رئيس مجلس الشعب سلطات رئيس الجمهورية كما هو مطروح يحقق شرعية دستورية، مؤسسة على شرعية شعبية، وهو ما يعطي هذا الطرح مصداقية تسمح بتطبيقه».

وردا على سؤال «الشرق الأوسط» بشأن تخوفات قوى ليبرالية من أن تحوز القوى الإسلامية التي حصلت خلال المرحلتين الماضيتين من الانتخابات البرلمانية على أغلبية مريحة، السلطة التشريعية والتنفيذية (متمثلة في رئيس الجمهورية)، قال شادي حرب، وهو عضو في ائتلاف شباب ثورة 25 يناير: «نحن على قناعة الآن أننا إذا خيرنا بين العسكر والإسلاميين.. فسوف نختار الإسلاميين».

وعلى الصعيد نفسه، طرح المجلس الاستشاري المعاون للمجلس العسكري سيناريو آخر مبنيا على تقليص المدة الزمنية لانتخابات مجلس الشورى أو إرجاء انتخابه، وقال الدكتور حسن نافعة عضو المجلس الاستشاري إن «هذا الطرح يقتضي تعديلا في الإعلان الدستوري للملائمة التشريعية.. المشكلة أن القوى الإسلامية تظن أن القوى الليبرالية معادية لها، وبالتالي، تعمل على تعطيل الحلول السياسية.. وهذه جهالة ما بعدها جهالة في هذه اللحظة الحرجة في مسار التحول السياسي في مصر».

وتنفتح قوى يسارية في مصر على أية مبادرة من شأنها تحقيق انتقال سريع للسلطة، وقال عبد الغفار شكر مؤسس حزب التحالف الشعبي (يساري): «نحن على استعداد لقبول أي حل سياسي لانتقال السلطة سريعا.. ونعتقد أن من مصلحتنا جميعا أن يعود الجيش لثكناته قبل أن يتورط في المزيد من أعمال القمع.. المهم أن يتم التوافق حول أي من هذه السيناريوهات». ويبدو أن هذا التوافق أصبح ممكنا، بعد أن أصدر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، تصريحا صحافيا على لسان الدكتور سعد الكتاتني أمينه العام قال فيه إن حزبه (الحرية والعدالة) موقفه ثابت بشأن إنهاء الانتخابات الرئاسية قبل 30 يونيو (حزيران) 2012، وبذلك يتم تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب بإرادة شعبية حرة.

وأكد الكتاتني أن الحزب يرى أن إجراءات وضع الدستور من خلال انتخاب الجمعية التأسيسية عقب الانتهاء من انتخابات مجلسي والشعب والشورى، لا تعطل البدء في إجراءات رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أن الحزب يلتزم بالجدول الزمني الذي اتفقت عليه القوي السياسية وأن أي خروج عنه سوف يؤدي إلى مزيد من الفوضى لأن الشعب هو الذي ينتخب رئيسه المقبل.

من جانبها، قالت جماعة الإخوان المسلمين إنها «على استعداد لقبول تقصير فترة الانتقال لأقل فترة ممكنة بعد ما رأيناه من أداء المجلس العسكري، وبعد تكوين مؤسسات دستورية وأن تتم هذه الإجراءات بالتوافق مع الأحكام الدستورية خشية الطعن عليها لاحقا».

ويرى مراقبون أن نجاح أو فشل الدعوة لمظاهرة حاشدة أطلقتها قوى ثورية الجمعة المقبل تحت شعار «جمعة الحرائر»، احتجاجا على القمع الذي مارسه الجيش في فض المظاهرات منذ مطلع الأسبوع الحالي، ربما يحسم الجدل السياسي في البلاد.