حرب كلامية تتزايد اشتعالا بين «نيويورك تايمز» ونتنياهو

فريدمان: اللوبي الصهيوني اشترى تصفيق الكونغرس.. ومستشار رئيس الوزراء: تحريض خطير ضد إسرائيل ومؤيديها

TT

تتصاعد حرب الكلامية بين الحكومة الإسرائيلية وصحيفة «نيويورك تايمز»، على خلفية مقال رأي كتبه توماس فريدمان في 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، انتقد فيه سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد الفلسطينيين، وقال إن الحفاوة والتصفيق اللذين استقبلا بهما نتنياهو في الكونغرس هذا العام، لم يكونا لسياساته، وإنما دفع ثمنهما اللوبي الإسرائيلي.

وأثار المقال كثيرا من الجدل والانتقادات من الكتاب الأميركيين اليهود والمسؤولين الإسرائيليين. واتسع نطاق الانتقاد ليصيب سياسات الصحيفة بصفة عامة وكتابها واتهامها بمناوأة إسرائيل. كما اتسع نطاق الجدل، خاصة أن صحيفة «نيويورك تايمز» يديرها قادة من المحافظين واليمين اليهودي ويكتب بها عدد كبير من الكتاب اليهود، وبعضهم من اللجنة الأميركية للشؤون العامة (ايباك). وانقسم العاملون في الصحيفة بين مدافع عن فريدمان وحقه في الانتقاد وحرية التعبير الصحافية، ومهاجم لعداوة الصحيفة لإسرائيل، والكلمات غير اللائقة التي استخدمها فريدمان في انتقاد نتنياهو.

وفي محاولة لامتصاص الغضب، اقترحت الصحيفة أن يرد رئيس الوزراء الإسرائيلي على المقال، وأن يتم تخصيص مساحة كبيرة لرده على صفحات الرأي، إلا أن مكتبه رفض العرض. وأرسل دون ديرمر مستشار نتنياهو رسالة إلى الصحيفة تتضمن بعض التهديدات الدبلوماسية بعنوان «تراجعوا باحترام» انتقد فيها سياساتها المعادية لإسرائيل، واستشهد بعشرين عددا من إصدارات الجريدة كانت سلبية تجاه تل أبيب. ورفض مستشار نتنياهو إرسال مقال للرد على مقال فريدمان وقال إن صحيفة «نيويورك تايمز»، «ليست المكان الصالح لنشر مقال لرئيس الوزراء».

وسربت رسالة ديرمر إلى عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية منها صحيفة «جيروزاليم بوست» التي نشرتها وأبرزت رد ديرمر وانتقاداته لكتاب «نيويورك تايمز». وكتب ديرمر يقول «إن التشهير وتشويه صورة إسرائيل وصورة الغالبية العظمى للمؤيدين لإسرائيل في الولايات المتحدة من قبل فريدمان، هو تشويه حاقد ومدمر وضار بإسرائيل ومؤيديها وهذا التحريض ليس خاطئا فحسب، بل يساعد في التحريض الخطير على العلاقة بين واشنطن وتل أبيب». وأضاف ديرمر «من المعروف جيدا أن آراء بعض الكتاب في الصحيفة الذين يكتبون عن إسرائيل تأتي سلبية، بما يشوه باستمرار موقف حكومتنا ويتجاهل الخطوات التي اتخذتها لدفع عملية السلام، وهذا تشويه متعجرف لبلدنا، وأن إدانة رئيس الحكومة والمسؤولين هي تشويه لكل شخص في إسرائيل».

وخلقت رسالة نتنياهو الرافضة ضجة مع واشنطن، وزادت من الأجواء المتوترة بين واشنطن وتل أبيب، وجعلت بعض المسؤولين الأميركيين من الجماعات المؤيدة لإسرائيل في حيرة من أمرهم، ويقولون إنهم يتفقون مع تقييم ديرمر لـ«نيويورك تايمز» لكنهم لا يتفقون على رفض نشر مقال يرد فيه نتنياهو على المقال في صفحات الجريدة التي تعد الأكثر نفوذا في الولايات المتحدة. وبرزت آراء أخرى تشير إلى حساسية اليهود تجاه أي انتقادات توجه لهم، لأنها تذكرهم بالخطوات التي بدأها النازيون قبل استهدافهم واضطهادهم. وهاجم مايكل أورين سفير إسرائيل في واشنطن مقال فريدمان وادعاءه بأن اللوبي الصهيوني دفع ثمن تصفيق الكونغرس لنتنياهو قائلا «إنه يعزز خرافة خطيرة». واعتبر المدير التنفيذي للجنة اليهودية الأميركية ديفيد هاريس أن «نيويورك تايمز» لديها مشكلة مع إسرائيل، مشيرا إلى دأب فريدمان وزميله نيكولاس كريستوف على انتقادها، مشيرا إلى ما سماه «خللا واضحا في التحرير والبروتوكول الاختياري لصفحات الرأي في (نيويورك تايمز)». وقال هاريس إن فريدمان تجاوز الخط ووصف مقاله بأنه «مثير للصدمة وغير دقيق واستحضار لأبشع الصور النمطية المعادية للسامية».

وحاول فريدمان الدفاع عن نفسه، وأوضح أنه لم يتغير في دعمه الثابت لدولة إسرائيل رغم انتقاداته الحادة في بعض الأحيان، وأكد أن صوته كان الوحيد الداعم لإسرائيل في الصحافة خلال حملات الجيش الإسرائيلي ضد حماس وحزب الله، وقال فريدمان «ما زلت نفس الشخص لكني أعكس بعض المخاوف العميقة». وكان فريدمان الحائز جائزة «بوليتزر» الصحافية، قد أبدى قلقة إزاء التحولات السياسية والثقافية في المجتمع الإسرائيلي وانتقد في مقاله تصريحات نيوت غينغريتش أحد المتنافسين على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، حول اختلاق الشعب الفلسطيني واستعداده لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وأشار فريدمان إلى أن غينغريتش يعطي بذلك الحق لإسرائيل في احتلال الضفة الغربية بشكل دائم ويترك لها خيارات حرمان الفلسطينيين من الجنسية الإسرائيلية بما يضعها على طريق الفصل العنصري أو إخلاء الصفة من الفلسطينيين من خلال التطهير العرقي بما يضع إسرائيل على الطريق للمحكمة الجنائية الدولية.