الناطق باسم القوات المسلحة السودانية: نتحسب لمخططات إسرائيل ونتخذ كافة التدابير الاحتياطية

العقيد الصوارمي خالد لـ «الشرق الأوسط» : لا توجد طلعات جوية على الجنوب لأننا لسنا في حالة حرب

العقيد الصوارمي خالد
TT

* مطلوب تفادي «التوترات»

* حث الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد على ضرورة إكمال الترتيبات الأمنية التي أملتها بروتوكولات «نيفاشا» لتفادي حدوث أي سوء تفاهم بين الدولتين (الجنوب والشمال)، وقد يؤدي إلى توترات على الحدود بين البلدين. وأكد الصوارمي في حوار مع الـ«الشرق الأوسط» على أن الخرطوم فعلت كل ما في وسعها من أجل إكمال هذه الترتيبات وبعثت بلجنة إلى جوبا، ولكنها عادت لعدم تشكيل جوبا للجنة للتحاور حول القضايا العالقة، كما أكد أن القوات المسلحة تفرض سيطرتها على كافة الجبهات بصورة عامة، ولكن توجد جيوب وبعض الأماكن النائية تعيش صراعا مع بعض المنفلتين والمتمردين كلجوء حركة العدل والمساواة إلى مناطق وادي هدر بأقصى الشمال وبداية شمال دارفور، وتمرد الجيش الشعبي بالنيل الأزرق وجبال النوبة، حيث لا يسيطرون على شيء من المدن أو الطرق الرئيسية. وكشف عن أن القوات المسلحة وإبداء لحسن النية ستوفق أوضاع متمردي الجيش الشعبي المنتمين للشمال رغم خلو اتفاقية (نيفاشا) لأي نص أو فقرة تلزم بتسوية أوضاع متمردي الجيش الشعبي، وأن القوات المسلحة ترحب بمن يعود إليها منهم.

ونفى الناطق الرسمي ما تناقلته تقارير جوبا بدخول طائرات عسكرية أو طلعات جوية لأجواء الجنوب ووصفها بأنها «غير صحيحة ولا أساس لها من الصحة أبدا، لأننا لسنا في حالة حرب مع الجنوب»، واعتبر استيلاء الجيش على منطقة عتمور، بحيرة الأبيض الحدودية يشكل أهمية عسكرية قصوى وسياسية بحسبان أن المنطقة تمثل معبرا للدعم اللوجيستي لمتمردي الجيش الشعبي في جبال النوبة ومن ناحية سياسية لأهميتها الحدودية. واعتبر قرار المحكمة الجنائية بتوقيف وزير الدفاع السوداني بمثابة استهداف سياسي وأن القوات المسلحة ماضية في تنفيذ كافة برامجها وخططها من أجل إشاعة الأمن والاستقرار والحفاظ على حدود السودان ولن تلتفت لمن يحاول تعويق المسيرة، وأكد على أن القوات المسلحة تتحسب وتتحوط لأي نوع من المخططات المعادية من إسرائيل تجاه السودان.

وفيما يلي نص الحوار:

* هل اقترب سيناريو حرب الدولتين (الخرطوم - جوبا)؟

- حقيقة، ما يجري الآن أننا نعايش ما تبقى من ترتيبات أمنية التي أملتها علينا اتفاقية «نيفاشا» للسلام بين الجنوب والشمال، ويجب أن تكتمل لتفادي حدوث أي سوء تفاهم بين الدولتين قد يؤدي إلى توترات على الحدود بين البلدين.

نحن من جانبنا فعلنا كل ما في وسعنا من أجل إكمال هذه الترتيبات الأمنية وآخرها أننا كونا لجنة وبعثنا بها إلى جوبا لحسم قضية الحدود، وتم ذلك في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 2011 ولكن اللجنة عادت للخرطوم دون أن تحقق شيئا لأن الطرف الجنوبي لم يشكل أو يكون لجنة موازية للتحاور حول هذا الملف.

ونحن نعتقد أن القضايا العالقة هي دائما تكون وراء صراع محتمل، ولذلك فلا بد من حل القضايا العالقة.

* ألا تظهر تصريحات ومواقف مسؤولين حكوميين في جوبا عدم التفاهم؟

- هذا أمر نعتبره مؤشرا سلبيا من شأنه أن يؤخر حسم القضايا العالقة، ونحن نرجو من إخوتنا في الجنوب أن يكونوا حريصين وجادين في مواصلة وإنهاء ما تبقى من ترتيبات أمنية.

* كيف يبدو المشهد الأمني والعسكري في كافة المناطق وبوجه خاص الحدودية مع الجنوب؟

- حقيقة، أن المشهد العسكري عموما في كل السودان يبدو بوضوح لا تخطئه العين وهو أن القوات المسلحة تفرض سيطرتها على كافة الجبهات بصورة عامة، وإذا اقتربنا وتمعنا صوب ملامح دقيقة، نجد أن هناك الجيوب والأماكن النائية تعيش صراعا مع بعض المنفلتين والمتمردين كمثل لجوء حركة العدل والمساواة إلى مناطق هدر التي تقع في أقصى الشمال، وبداية شمال دارفور، وكمثل تمرد الجيش الشعبي في النيل الأزرق وهم لا يسيطرون على شيء من المدن أو الطرق الرئيسية أو الموانئ التي تعبر عليها.

* هل تم توفيق أوضاع العسكريين في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان؟

- الواقع أن اتفاقية نيفاشا لم تنص أو تحتوي في الترتيبات الأمنية على أي فقرة تشير أو تلزم بتسوية أوضاع متمردي الجيش الشعبي الذين ينتمون إلى الشمال ولكن من جانبنا أبدينا النيات الحسنة وأعلنا أننا سنوفق أوضاعهم، استيعابا ودمجا وتسريحا، ونحن ملتزمون بهذا العهد، وأن كل من يرجع من التمرد يرحب به ويجد نفسه بين إخوته في الجيش السوداني ولا يضار بشيء وإن أمر توفيق أوضاعهم يسير على قدم وساق.

* هل تشكل منطقة بحيرة الأبيض الحدودية بعد الاستيلاء عليها من جانب القوات المسلحة أهمية عسكرية خاصة؟

- نعم تشكل هذه المنطقة أهمية عسكرية قصوى وأهمية سياسية، ففي الجانب العسكري فهذه المنطقة تمثل معبرا للدعم اللوجيستي لمتمردي الجيش الشعبي في جبال النوبة ومن ناحية سياسية هي تدخل سافر من دولة في حدود دولة أخرى.

وقد حاول الجيش الشعبي التابع لحكومة الجنوب 6 مرات السيطرة على منطقة بحيرة الأبيض الحدودية ولكن القوات المسلحة تصدت لهم ببسالة وأجبرتهم على الفرار وتم الاستيلاء على دبابة (تي 55) ومعدات وأسلحة والسيطرة التامة على كافة المناطق الحدودية بولاية جنوب كردفان وأن القوات المسلحة تحتفظ لنفسها بحق الرد على أي عدوان يستهدف أراضيها وسيادتها.

* كيف تنظرون لاتهامات جوبا ضد الخرطوم وقيامها بطلعات جوية عسكرية في الجنوب؟

- هذا حديث غير صحيح ولا أساس له من الصحة أبدا لأننا لسنا في حالة حرب مع الجنوب، لكننا نكافح تمردا موجودا داخل الحدود السودانية والمتمثل في الحركات المتمردة بمختلف المسميات، وإن كنا نرى أن بعض الحركات المتمردة يتنقلون في بعض المدن ولكن ليست هناك مدعاة للقيام بأي طلعات جوية داخل الجنوب، لأنه ليس لدينا أهداف عسكرية داخل الجنوب.

* ما هو الموقف من طلب جوبا بوجود قوات دولية على الحدود المشتركة؟

- مثل هذا الطلب يتعلق بالعمل الدبلوماسي المشترك بين الدولتين، ولا أعتقد أنه يمثل نقطة عسكرية تتطلب من الجيش أن يقف ضدها أو معها أو إذا اتفقا أو اختلفا عليها، فهذا أمر يشير إلى مدى التعاون السياسي والدبلوماسي بين الدولتين الجارتين.

* ما هو الموقف من صيغة تعاون أو تحالف عسكري بين السودان ومصر وليبيا بحكم الحدود والجوار؟

- ليس هناك ما يمنع أو يحول دون قيام مثل هذا التحالف، والواضح والواقع غيابه الآن على الأرض ولكننا نؤمن بأن هذه التحالفات العسكرية هي ديدن هذا العصر في دفاع الدول عن أراضيها واستقرارها ومصالحها خاصة بين دول الجوار والحدود المشتركة.

* كيف تنظرون للتقارير الخاصة بتعاملات وتحالفات وعلاقات خاصة بين حكومة الجنوب وإسرائيل؟

- في حقيقة الأمر، نحن إعلاميا ما زلنا نتعامل وكأن الجنوب جزء من السودان، ولكن الواقع وبموجب الاستفتاء وتقرير المصير فإن الجنوب دولة قائمة بذاتها، وعضو في الأمم المتحدة، ولذلك فإن لها مطلق الحرية في إقامة علاقات ثنائية ودولية مع من تشاء، هذا جانب، ومن جانب آخر فإن علاقة الجنوب تعتبر متضخمة إعلاميا، وأكبر من حجمها ولا تمثل هذه العلاقات خطورة بمثل ما يتصورها الإعلام، والجنوبيون في تمردهم الطويل فإنه لا يخفى تعاون إسرائيل ودعمها لهم، ولذلك فإن التقارب والتواصل بين الدولتين متوقع بصورة كبيرة بعد انفصال الجنوب عن السودان.

* ألا يدعو هذا التقارب والتعاون بين دولة الجنوب وإسرائيل إلى القلق والحذر؟

- نحن من جانبنا في القوات المسلحة نؤكد على اتخاذنا كافة التدابير الاحتياطية والاحترازية للدفاع عن حدودنا حال حدوث أي اعتداء علينا علما بأن إسرائيل نفسها لها وجود وتمثيل دبلوماسي مع دول عربية.

* ما هو الموقف من قرار المحكمة الجنائية تجاه وزير الدفاع السوداني؟

- نعتقد أن هذا يشكل نوعا من الاستهداف الذي درجت عليه المحكمة الجنائية، حيث تختار في كل فترة وأخرى أحد كبار القادة أو السياسيين في السودان لاعتبارات سياسية بحتة بغرض إيقاف التنمية والتطور واستتباب السلام والاستقرار في السودان والاستهداف الأخير لوزير دفاع السودان، والذي شهد له بالنجاح في كافة الملفات التي اضطلع بها كوزير للداخلية وكوزير للدفاع، ولن يؤثر الأمر على حقيقة ثابتة وهي أن القوات المسلحة تمضي في تنفيذ كافة برامجها وخططها من أجل إشاعة الأمن والاستقرار وحماية الحدود ولن تلتفت لمن يحاول تطويق المسيرة.