بوتفليقة: الجزائر تتأثر بمحيطها لكنها ترفض العودة إلى تجارب أجرتها منذ عقود

في رده على المتسائلين عن «الاستثناء الجزائري» في التغيرات الإقليمية

TT

قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إن بلاده «لن تعود إلى تجارب أجرتها منذ سنين وعقود»، ورد بحدة على من يرى أن الجزائر «شكلت الاستثناء» في التغيرات التي عاشتها بلدان عربية، أهمها توجد على حدودها. كما دافع بوتفليقة عن مشاريع إصلاح سياسي تتعرض لانتقاد شديد محليا.

وأفاد بوتفليقة في خطاب ألقاه أمس بمناسبة الانطلاق الرسمي لـ«السنة القضائية» الجديدة، أن «أصواتا تعالت هنا وهناك تتساءل عن الاستثناء الجزائري، وهل الجزائر من هذا المحيط أو من خارجه. إن الجزائر من هذا العالم تتأثر به وتؤثر فيه، ولكن ليس على الجزائر أن تعود إلى تجارب أجرتها منذ عقود وسنين»، في إشارة إلى تعاليق في الداخل والخارج، استفسر أصحابها عن «أسباب عدم ثورة الجزائريين على النظام القائم»، بدعوى أن ظروف الجزائر السياسية والاقتصادية تشبه إلى حد ما ظروف تونس وليبيا المجاورتين.

وقال بوتفليقة إن «الشعب الجزائري حريص على استقلاله وسيادته ولا تملى عليه الأمور، فقد نال حريته غلابا وكفاحا وبتضحيات جسام، وما جئنا هنا (إلى السلطة) لنساوم باستقلاله، ولا يحق لنا المساومة باستقلاله».

يشار إلى أن الموقف الجزائري كان شديد التحفظ من الانتفاضات التي وقعت في تونس وليبيا، وأيضا مما يجري في سوريا، وفسر ذلك محليا على أنه يعكس رفضا لإحداث تغيير في الداخل. ووجه بوتفليقة رسائل سياسية كثيرة، خصوصا إلى منتقدي الإصلاحات التي اعتبرتها المعارضة «غير عاكسة لإرادة حقيقية في التغيير، وفي توفير هوامش واسعة لممارسة الحريات والديمقراطية». ومن بين ما قاله في هذا الشأن: «الجزائر ما زالت في بداية الطريق بالنسبة للتجربة الديمقراطية، أنا لا أقول اجتزنا كل المراحل، ولا مجال للمقارنة بين ما يجري عندنا وما يجري في بريطانيا أو حتى في فرنسا، فهي دول سبقتنا في التجربة الديمقراطية منذ قرون».

واعتبر الجزائر «متربصة في مجال الديمقراطية، ومن ينتقدنا في الداخل والخارج نَقُل له لا لوم علينا فنحن في بداية الطريق، ومن الممكن أن تكون هناك نقائص وعجز وأشواط لم نصل إليها، ولكنها ستأتي بالتدريج وبما هو أحسن وبما يفرضه شعبنا، الذي لا يقبل إلا بما ينجزه شخصيا».

ويعتبر حديث بوتفليقة عن «الربيع العربي»، ولو ضمنا، أول رد فعل منه. وتعرض لانتقاد شديد من طرف قطاع من الصحافة الخاصة، التي اعتبرت «صمته محيرا» حيال ما جرى على حدود البلاد. وانتقدت أيضا «هزال الإصلاحات» التي تعهد بإدخالها على المنظومة التشريعية، عبر مراجعة قوانين الأحزاب والانتخاب والإعلام.

وانتقد بوتفليقة الحزب الإسلامي، حركة مجتمع السلم، المشارك في الحكومة وفي التحالف الرئاسي، الداعم لسياسة الرئيس، بسبب تحفظه على الإصلاحات بذريعة أنها «فارغة من حيث المضمون كونها لا تأتي بالتغيير ولا تضمن تداولا حقيقيا للسلطة». وقال بوتفليقة في هذا الشأن: «إن الإصلاحات هي إصلاحات الشعب الجزائري، فقد تدخل ضمن رؤية حزب من الكتلة الحكومية وقد لا تدخل».

ودافع الرئيس على مشروعه قائلا إنه نتاج مشاورات أجريت مع الأحزاب والشخصيات وممثلي المجتمع المدني، و«تسنى لنا على ضوئها وضع مشاريع النصوص القانونية ذات الصلة بممارسة الحقوق المدنية وبالحياة السياسية، على نحو يعزز الديمقراطية ويوسع مشاركة المواطنين والمواطنات في العمل السياسي».