قتلى في حمص وإدلب وانفجارات في خان شيخون.. وتوتر في جامعتي حلب ودمشق

القوات السورية تقتحم بلدة القورية في دير الزور بعد نشوب معارك مع منشقين

تظاهرة في حي الخالدية بحمص أمس
TT

واصلت القوات السورية أمس عملياتها العسكرية ضد المدنيين والجنود المنشقين، بعد يوم من موجة الاستنكارات الدولية لـ«المجازر» التي تنفذ ضد المناهضين للنظام، فيما أعلن النظام السوري أن ألفي عنصر من قوات الأمن والجيش قتلوا منذ بداية الانتفاضة السورية.

وقتل أمس 19 شخصا بينهم 12 مدنيا، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد إن تسعة مدنيين قتلوا في حمص (وسط) غالبيتهم في حي بابا عمرو برصاص قوات الأمن الذين أطلقوا النار بالمدفعية الثقيلة، موضحا أن العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود الكثير من الجرحى في حالة حرجة. وأضاف: «استشهد مواطنان اثنان إثر إطلاق الرصاص عليهما خلال مداهمة قرية حيش (بمحافظة إدلب شمال غربي البلاد على الحدود التركية) من قبل قوات عسكرية وأمنية» صباح أمس.

وفي درعا، مهد الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد، «استشهد مواطن خلال مداهمات نفذتها القوات النظامية السورية في بلدة طفس بحثا عن مطلوبين للسلطات الأمنية»، بحسب المرصد.

إلى ذلك، قتل أربعة جنود نظامين واثنان من المنشقين خلال مواجهات قرب حاجز في حي بابا عمرو في حمص، بحسب المرصد. وفي محافظة إدلب، قتل جندي وجرح ثمانية آخرون في هجوم شنته مجموعات من المنشقين ضد حواجز لقوات الأمن، وجرح عدد من السكان بينهم طفل في العاشرة من العمر بإصابات حرجة، وفق المرصد.

وتحدث المرصد السوري أيضا عن سماع إطلاق نار كثيف وانفجارات في خان شيخون بمحافظة إدلب بعد اقتحامها من قبل الجيش بالدبابات وناقلات الجند صباح أمس، مشيرا إلى مواجهات دارت بين قوات الأمن ومنشقين في شمال بلدة خربة غزالة «مع توافد نحو 25 حافلة كبيرة محملة بعناصر الأمن إلى المنطقة». وقال المرصد السوري إن القوات السورية قتلت قبل يومين 111 مدنيا وناشطا في محافظة إدلب، وهو الهجوم الذي أدانته فرنسا ووصفته بأنه «مذبحة غير مسبوقة». وأضاف المرصد أن ما يزيد على مائة من المنشقين عن الجيش قتلوا أو أصيبوا.

وفي ريف حمص في مدينة القصير، وفي اليوم الثاني من المداهمات، اتهم ناشطون قوات الأمن بإحراق المنازل بعد نهبها وذلك وفق قوائم بأسماء المعتقلين والقتلى والجرحى، وقالت مصادر محلية إن دبابة تموضعت على جسر العاصي وقامت بقصف البساتين المحيطة بالقصير، مشيرة إلى أن «الجيش الحر» في القصير استهدف سيارة يستقلها شبيحة على طريق الجسر العالي.

وفي دمشق، هزت قنبلة صوتية انفجرت في حاوية قمامة قلب العاصمة دمشق، في حي المزرعة، عصر أمس. وكانت الحاوية قريبة من سيارة بيجو تابعة للجيش، بحسب ما قال ناشطون.

وفي حلب، استمر توتر الأوضاع في جامعة حلب، حيث تم تنفيذ اعتصام بمشاركة كبيرة من الطلبة في كلية العلوم، قامت على أثره قوات حفظ النظام والشبيحة باقتحام الكلية وشن حملة اعتقالات في صفوف الطلاب المعتصمين. كما جرى اقتحام كلية الهندسة في دمشق والاعتداء على الطلاب من قبل قوات الأمن والشبيحة. وشهدت مدينة حلب أمس تشييع العسكري المنشق مصطفى مروان قصاب الذي كان يؤدي خدمة العلم في دمشق، وعندما جيء به إلى جبل الزاوية، رفض إطلاق النار فتمت تصفيته.

وقال ناشطون سوريون إن مدرعات تابعة للجيش السوري، اقتحمت فجر أمس بلدة القورية جنوب شرقي مدينة دير الزور بعد أن قامت بقصفها بشكل عشوائي. وكشف الناشطون أن البلدة التي يوجد فيها جنود منشقون رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين وانضموا إلى الثورة، تمت محاصرتها من أربعة محاور دارت على أطرافها اشتباكات عنيفة بين القوات التابعة للنظام والجنود المنشقين، أسفرت عن وقوع إصابات لدى الطرفين.

ونشرت صفحة «تنسيقية دير الزور للثورة السورية» على «فيس بوك»، مقطع فيديو يظهر دبابات الجيش السوري وهي تقوم باقتحام البلدة، زارعة الرعب في نفوس سكانها. وقال أحد الناشطين المعارضين في مدينة دير الزور لـ«الشرق الأوسط» بعد تواصله مع أشخاص داخل البلدة المقتحمة، التي لا يتجاوز عدد سكانها 45 ألف نسمة: «في صباح يوم الخميس، قام أكثر من 40 دبابة بدخول بلدة القورية، بعد نشوب معارك متفرقة مع جنود منشقين، كانوا يتمركزون على أطرافها حيث سمع الأهالي إطلاق نار كثيفا من جهة شاطئ النهر (الفرات)». ويضيف الناشط: «دخلت الدبابات السوق الرئيسية في البلدة مخلفة وراءها خرابا كبيرا، كما قامت العناصر الموالية للأسد بإحراق منازل الناشطين، ونشروا القناصة فوق خزانات المياه وعلى المباني العالية، وقطعوا التيار الكهربائي».

ويعزو الناشط المعارض توقيت الاقتحام إلى وجود عناصر منشقة في البلدة؛ إذ يقول: «القورية كانت تتظاهر بشكل شبه يومي، فتقوم عناصر الأمن بشن حملات اعتقال بحق أبنائها والناشطين فيها، إلا أن وجود منشقين فيها، سرّع عملية الاقتحام العسكري، فالنظام يخشى أن تتحول البلدة إلى بؤرة تؤوي عناصر من الجيش السوري الحر الذي ينفذ عمليات دورية ضد الجيش التابع للأسد».

وتعد بلدة القورية التي تقع على بعد 55 كيلومترا جنوب شرقي دير الزور، وعلى بعد 13 كيلومترا جنوب شرقي الميادين وترتفع عن سطح البحر نحو 77 مترا على الضفة اليمنى لنهر الفرات، وسط سهل زراعي خصب، ثالث أكبر مدينة في المحافظة بعد بلدتي البوكمال والميادين.

واشتهرت البلدة التي ينتمي معظم أهلها لعشيرة القرعان، إحدى بطون قبيلة العكيدات، بمقاومتها الاحتلال الفرنسي؛ إذ قام أبناؤها آنذاك بمهاجمة دورية فرنسية وقتل أفرادها، فرد الاحتلال بتدمير القرية وتهجير سكانها إلى البادية. وتحوي شوارعها أكثر من معلم أثري يعود معظمها إلى العصر الروماني. كما تشتهر القورية بكثرة الأشخاص الذي يحفظون القرآن الكريم، حيث يوجد أكثر من 350 شخصا يحفظون القرآن الكريم سنويا بين نساء ورجال، ويتم تخريج الحفظة في كل عام وذلك بإشراف لجان مختصة من محافظات أخرى وبالتنسيق مع مديرية الأوقاف في دير الزور. وتعد البلدة الصغيرة من أوائل المناطق السورية التي لحقت بركب الثورة السورية منذ بدايتها، معلنة التظاهر ضد نظام الأسد بشكل يومي، مما دفع عناصر الأمن لاقتحامها مرات عدة وتنفيذ اعتقالات عشوائية بحق أهلها.

يذكر أن «تنسيقية شباب دير الزور للثورة السورية» ذكرت على صفحتها على«فيس بوك»، أن الأمن السوري قد أصدر تعميما على جميع الدوائر الرسمية في دير الزور، بوجوب تمديد دوام الموظفين للساعة السادسة مساء، بهدف منع الناس من الخروج في مظاهرات معارضة للنظام، ولنصرة أهالي القورية المحاصرين، حسب الصفحة. وكانت قد خرجت أكثر من مظاهرة في ريف دير الزور تندد بالقصف الذي تعرضت له القورية، أبرزها مظاهرة حاشدة في منطقة الجرذي.

من جهتها، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس إن أكثر من 2000 فرد من قوات الأمن السورية قتلوا منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام قبل تسعة أشهر. وجاء في رسالة نشرتها الوكالة وقالت إن سوريا وجهتها إلى الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، أنه «سبق وتم إعلام مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان» أن عدد القتلى تجاوز «2000 شهيد من الأمن والجيش السوري». وطبقا للأمم المتحدة، فإن أكثر من 5000 شخص قتلوا في الفترة نفسها.