لبنان: الائتلاف الحكومي يهتز مجددا.. وميقاتي يحذر من التداعيات الخطيرة على الاقتصاد

تحالف عون وحزب الله وأمل يسدد ضربة قاسية لرئيس الحكومة بمشروع تصحيح الأجور

TT

اهتز الائتلاف الحكومي في لبنان من جديد، على خلفية إقرار مشروع تصحيح الأجور للعمال والموظفين، بحيث سدد «الحلف الثلاثي» المكون من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، ضربة قوية لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي وللفريق الوزاري التابع لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، بعدما انقلب الحلف المذكور على المشروع الذي أعده ميقاتي ونال رضا الاتحاد العمالي العام والصناعيين وأرباب العمل والقاضي برفع الحد الأدنى للأجور من 500 ألف إلى 675 ألف ليرة (نحو 450 دولارا)، وصوت على المشروع المقدم من وزير العمل شربل نحاس (من فريق النائب ميشال عون) الذي رفع الحد الأدنى إلى 858 ألف ليرة (نحو 540 دولارا) من ضمنها بدل النقل، رغم أن وزراء حزب الله و«أمل» كانوا رفضوا المشروع في جلسة سابقة للحكومة. لكن ميقاتي حذر من «التداعيات الاقتصادية الخطيرة والفادحة»، مبديا خشيته على البلد الذي «سيدفع الثمن، لأن المشروع المُقر سيتسبب بحالة تضخم كبيرة».

وقد اعتبرت مصادر قيادية في فريق «8 آذار»، أن «التبدل في المواقف جاء ثمرة اجتماعات مكثفة لممثلين عن (الوطني الحر) و(أمل) وحزب الله بعد الأزمة التي شابت العلاقة بين الثنائي الشيعي والنائب عون، الذي اعتبر أن حلفاءه أضعفوه داخل الحكومة وأمام قاعدته الشعبية». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن عون «كان أبلغ حليفه الأول (حزب الله) بأنه عازم بشكل جدي على سحب وزرائه من الحكومة إذا ما استمر في معارضته للمشاريع التي يطرحها في مجلس الوزراء، وهو ما استدعى عقد لقاء عاجل بين عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وكانت أولى ثمار هذا اللقاء إعادة إقرار مشروع نحاس في مجلس الوزراء رغم رفضه مسبقا». ولفتت المصادر إلى أن «إسقاط مشروع ميقاتي لصالح مشروع نحاس لن يكون جائزة الترضية الوحيدة، وأن حزب الله سيجاري عون في ملفات أخرى ستطرح على طاولة مجلس الوزراء قريبا، وأبرزها التعيينات الإدارية والدبلوماسية والقضائية، وفي مقدمتها تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى يسميه العماد عون»، مشيرة إلى أن «الوعود التي قطعها السيد نصر الله في خطابه، وشدد فيها على الأخذ بعين الاعتبار طروحات عون سلكت طريقها إلى التنفيذ».

إلى ذلك، رأى مصدر وزاري في الفريق الذي بدل موقفه من رافض لمشروع نحاس إلى مؤيد له، أن «التصويت على مشروع وزير العمل جاء لكون هذا المشروع أكثر تلبية لمصالح العمال وحقوقهم». وقال المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط»: «كنا مع مشروع رئيس الحكومة لأنه حظي برضا الاتحاد العمالي وأصحاب العمل، لكن بعدما قدم الوزير شربل صيغة جديدة لمشروعه، مع متممات غير متوفرة في طرح الرئيس ميقاتي صوتنا لصالح مشروع الوزير نحاس»، نافيا وجود «انقلابات أو تبدلات لأن ما يعني الجميع داخل مجلس الوزراء هو إعطاء العمال أقل ما يمكن من حقوقهم».

من جهته، علق وزير السياحة فادي عبود (من فريق عون الوزاري) على إقرار مشروع القانون المتعلق بالأجور الذي تقدم به وزير العمل شربل نحاس، بالقول: «أنا صوت بالسياسة على هذا المشروع ولكنني غير مقتنع بالخطة التي وضعها الوزير شربل نحاس»، مؤكدا أن «هذا الأمر سيؤدي إلى ضغط اقتصادي وإلى بطالة»، آملا أن «لا يكون هناك فخ نصب لتكتل التغيير والإصلاح ونكون قد وقعنا فيه»، مشيرا إلى أن «البلد يمر بفترة ركود اقتصادي على الصعيد العالمي وليس فقط على الصعيد الداخلي». وسأل «هل هناك عاقل يزيد المعاشات في هذه الفترة؟».

واعتبر وزير الدولة أحمد كرامي أن «التصويت في مجلس الوزراء على مشروع زيادة الأجور المقدم من وزير العمل شربل نحاس، كان تصويتا سياسيا وليس اقتصاديا أو معيشيا». وقال «يبدو أن الاجتماع الذي انعقد بين (رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب) ميشال عون وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أعطى نتائجه في مجلس الوزراء، إذ إن القسم الأكبر من الوزراء الذين صوتوا على هذا المشروع ليسوا مقتنعين به، بدليل ما قاله الوزير فادي عبود بأنه ليس مقتنعا بطرح نحاس لكنه صوت سياسيا». وأضاف كرامي «أعتبر نفسي حليفا لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لكني لا أصوت على أمر لست مقتنعا به حتى ولو طلب مني ميقاتي ذلك»، مستغربا «كيف أن بعض الوزراء كانت مواقفهم داخل مجلس الوزراء مناقضة وضد المشروع المقدم من وزير العمل، لأنهم أرباب عمل، ونفاجأ عند التصويت أنهم أيدوا ما كانوا يرفضونه، وبالتالي هذا ما يؤكد أكثر فأكثر أن التصويت سياسي».

وشدد رئيس تجمع غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير على أن «الهيئات الاقتصادية لن تقف مكتوفة الأيدي بل ستتحرك للتعبير عن رفض قرار مجلس الوزراء لتصحيح الأجور». وأضاف «كل شيء مطروح، من إضرابات إلى اللجوء إلى مجلس شورى الدولة، فلا يمكن أن نرى لبنان ينهار اقتصاديا ولا يمكن أن نرى الاقتصاد اللبناني يتدهور جراء قرار سياسي متهور».