انقسام في الشارع العراقي حيال الهاشمي.. والصدريون يدعونه لحضور توقيع «ميثاق الشرف الوطني»

النجيفي يدعو لجلسة طارئة لرؤساء الكتل البرلمانية اليوم للتعامل مع الأزمة السياسية

TT

مع تفاقم الأزمة السياسية في العراق على أثر المواجهة بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وخصومه من القائمة «العراقية» وتحديدا نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الذي أصدرت بحقه مذكرة اعتقال ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك الذي يريد المالكي إقالته، تجددت المطالب أمس بعد مؤتمر موسع للقيادات العراقية. إلا أنه حتى مساء أمس، لم يتقدم أي من الساسة العراقيين بحلول للأزمة السياسية أو برنامج محتمل لمثل هذا الاجتماع، ماعدا التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر والذي يطالب منذ أسابيع بتوقيع الأطراف السياسية «ميثاق شرف وطنيا». ومن المرتقب أن يجتمع اليوم رؤساء الكتل البرلمانية العراقية، أو ممثلون عنهم، بعد دعوة من رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي لعقد اجتماع طارئ للتعامل مع الأزمات السياسية والأمنية في البلاد.

ويشهد العراق انقساما حول كيفية التعامل مع الهاشمي والتهم الجنائية ضده. وأعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق أن نائب الرئيس العراقي الهاشمي «بريء حتى تثبت إدانته». وقال بيان صادر عن المجلس على خلفية التداعيات السياسية التي أعقبت صدور مذكرة الاعتقال الخاصة بالهاشمي وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته ويقول القضاء كلمته في موضوع الأدلة المتحصلة ضد طارق الهاشمي من خلال محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات المنصوص عليها في القانون». وأضاف البيان أن «الهاشمي يعتبر بريئا حتى تثبت إدانته بأدلة معتبرة بالنسبة للأفعال التي نسبت إليه»، مبينا أنه يعتبر بريئا أيضا «حتى تكتسب الأحكام درجة البتات من خلال مراحل الطعن المنصوص عليها في القانون».

وأعلن القيادي في التيار الصدري جواد الجبوري أن كتلة الأحرار التي تمثل الصدريين في البرلمان العراقي ستعلن في غضون يومين عقد ميثاق الشرف الوطني الذي دعا إليه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بحضور جميع قادة الكتل السياسية في البلاد. وأضاف الجبوري في تصريح صحافي أنه من المؤمل أن يعلن الميثاق بحضور أبرز قادة البلاد وفي مقدمتهم رئيس القائمة «العراقية» إياد علاوي والمالكي والمطلك والهاشمي أو من يمثلهم. وكان وفد من التيار الصدري قد التقى قبل يومين في أربيل الهاشمي وبحث معه تداعيات العملية السياسية. ويعد هذا اللقاء مع الهاشمي هو الأول من نوعه لطرف مهم في التحالف الوطني الذي يضم دولة القانون بزعامة نوري المالكي والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.

إلى ذلك فقد سجل الشارع العراقي انقساما واضحا حيال قضية الهاشمي بعد نحو أربعة أيام من صدور مذكرة إلقاء القبض بحقه ولجوئه إلى إقليم كردستان على أثر ضمانات تلقاها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من الرئيس العراقي جلال طالباني. ففي محافظة الديوانية جنوبي العراق طالب عشرات المتظاهرين سلطات إقليم كردستان بتسليم الهاشمي إلى السلطات العراقية وذلك على أثر اتهامه بدعم الإرهاب.

وحمل المتظاهرون الذين جابوا شوارع مدينة الديوانية لافتات دعوا فيها حكومة إقليم كردستان إلى التعاون مع القضاء العراقي وتسليم الهاشمي. كما حمل المتظاهرون صورا للهاشمي مكتوبا عليها كلمة «مطلوب». وتعد هذه هي المظاهرة الثانية المناوئة للهاشمي بعد المظاهرة التي خرجت أول من أمس في مدينة الحلة جنوب بغداد.

أما في مدينة الفلوجة غربي بغداد فقد خرجت مظاهرة كبيرة ضمت أكثر من خمسة آلاف مواطن تأييدا للهاشمي. وحمل المتظاهرون وهم من مناصري القائمة العراقية لافتات وشعارات تطالب بجهات حيادية تشرف على التحقيق مع الهاشمي لكشف ملابسات الادعاءات والاعترافات التي أدلى بها أفراد حمايته. كما اتهم المتظاهرون جهات في الحكومة بتلفيق تلك الاتهامات للإطاحة بالهاشمي، مطالبين الحكومة العراقية الالتفاتة إلى مطالب الشعب في توفير الخدمات ومعالجة البطالة.

وعلى خلفية الانقسامات في الشارع العراقي وبين القيادات العراقية، أعلن رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي في بيان له أن «رئاسة مجلس النواب ستعقد، في الساعة الثالثة من عصر يوم غد (اليوم) الجمعة، اجتماعا طارئا لرؤساء الكتل البرلمانية لمناقشة الأزمة السياسية والأمنية الحالية وإيجاد الحلول المناسبة لها والحد من تطورها». وأوضح أن «الاجتماع سيبحث أيضا التنسيق مع السلطة التنفيذية لحل تلك المشكلات».

من جهته، اعتبر نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي محسن السعدون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد الآن هو أكبر من مجرد دعوة لرؤساء الكتل البرلمانية»، مؤكدا في الوقت نفسه أن «هذه الدعوة وما سيتم خلال الاجتماع يمكن أن يكون خطوة أولى ضرورية لما هو أكبر حيث إن الوضع يتطلب الآن وبشكل عاجل لقاء على مستوى زعماء الخط الأول في البلاد وهم رئيس الجمهورية ورئيس إقليم كردستان ورئيس الوزراء وإياد علاوي وعمار الحكيم». وأشار السعدون إلى «أننا نأمل أن يتحقق ما هو ضروري خلال اجتماع الكتل الجمعة لوضع القطار على السكة قبل أن تنزلق الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه».

وكان هناك ربط أمس بين تفجيرات بغداد وقضية الهاشمي على لسان أكثر من طرف برلماني وحكومي. غير أن ما أعلنته مريم الريس المستشارة في مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي هو الأكثر وضوحا حيث قالت في تصريحات صحافية إن «التفجيرات التي ضربت العاصمة بغداد تقف وراءها ورقة ضغط تحاول بعض الأطراف السياسية لعبها للتفاوض بخصوص ملف طارق الهاشمي الذي أصبح بيد القضاء العراقي». وأضافت أن «الحكومة ستفتح جميع الملفات لأنها لن تتهاون بعد اليوم بالدم العراقي الذي كان يراق من قبل بعض الأطراف السياسية وستكشف الأوراق بوضوح للرأي العام».

المالكي نفسه أكد في بيان له أن «سلسلة التفجيرات الإجرامية التي استهدفت الأبرياء العزل في المدارس والأسواق والأماكن العامة تكشف مرة أخرى عن طينة العدو الذي يواجهه العراقيون وطبيعته الإجرامية التي لن تتورع عن سلوك أي طريقة لبلوغ أهدافها وتؤكد على نية العدو بخلط الأوراق للواقع السياسي في البلاد». وأضاف المالكي أن «توقيت هذه الجرائم واختيار أماكنها يؤكد مرة أخرى لكل المشككين الطبيعة السياسية للأهداف التي يريد هؤلاء تحقيقها من خلال الجريمة وقتل الأبرياء العزل ومحاولاتهم لخلط الأوراق على أمل الوصول إلى تلك الأهداف».

واستقبل الرئيس العراقي جلال طالباني أمس في السليمانية وفدا من الصدريين، برئاسة الناطق الرسمي باسم مقتدى الصدر الشيخ صلاح العبيدي لبحث ميثاق الشرف الذي يتم تناوله في بغداد منذ أسابيع. وعبر بيان من مكتب طالباني عن تأييد دعوة الصدر إلى «الحل السياسي للمشكلات السياسية التي تستدعي الحوار» فيما يخص قضية الهاشمي والوضع السياسي العام.

من جهته، التقى الرئيس بارزاني بالسياسي العراقي أحمد الجلبي وتباحثا في مقترح بارزاني لعقد مؤتمر وطني عراقي موسع بهدف الخروج من الأزمة السياسية الراهنة.

وشرح رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان العراق فؤاد حسين التفكير وراء مبادرة برزاني لعقد مؤتمر موسع للقيادات العراقية هي «الوصول إلى اتفاقات للخروج من هذه الأزمة والسعي لإعادة تنظيم الوضع السياسي في العراق، وربما سيؤدي ذلك المؤتمر إلى نشوء تحالفات جديدة أو تشكيل منظومة علاقات جديدة بين الكتل السياسية على أساس تعميق مبدأ التوافق وترصينه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ربما تكون مبادرة الرئيس بارزاني هي الفرصة الأخيرة قبل تداعي وانهيار العملية السياسية في العراق».