واشنطن تواجه تحديا في أول أزمة عراقية بعد انسحاب قواتها

اتصالات مكثفة مع بغداد وسط تكتم إعلامي

TT

تواجه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تحديا حقيقيا في التعامل مع أول أزمة سياسية عراقية تنشب بعد سحب القوات الأميركية من العراق هذا الشهر. فبعد أيام من وصوله من واشنطن وبعد ساعات من خروج آخر قافلة عسكرية أميركية من العراق، قام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بمواجهة قادة من قائمة «العراقية» وعلى رأسهم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي. وبينما تؤكد مصادر أميركية رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة أوباما مهتمة بدرجة كبيرة بالملف السياسي العراقي وتداعياته، تبقى التصريحات العلنية لواشنطن مقتضبة خشية من الظهور بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية العراقية.

وبينما أجرى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالا مع الرئيس العراقي جلال طالباني أمس، التقى المالكي برئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال رايموند أوديرنو في بغداد أمس. وأوديرنو، الذي قاد القوات الأميركية في العراق حتى العام الماضي، يعتبر من أبرز القادة الأميركيين الذين على علم بالملف العراقي ويقدم المشورة لأوباما حول الخطوات المقبلة للتعامل مع الأزمة السياسية. وأفادت قناة «سي إن إن» بأن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ديفيد بترايوس أجرى لقاءات مع قادة قائمة «العراقية»، إلا أن وزارة الخارجية الأميركية والسلطات الأميركية رفضت تأكيد ذلك الخبر. وكان نائب الرئيس الأميركي بايدن، المكلف من أوباما بمعالجة الملف العراقي، قد اتصل برئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، بالإضافة إلى المالكي قبل يومين، وبعد ساعات من إصدار مذكرة الاعتقال بحق الهاشمي. وأفاد بيان من البيت الأبيض بأن «نائب الرئيس قال للزعيمين إن الولايات المتحدة تراقب الأحداث في العراق عن كثب»، وشدد على التزام الولايات المتحدة لشراكة بعيدة الأمد واستراتيجية مع العراق، و«نحن ندعم حكومة شاملة تعمل بشكل يتماشى مع سيادة القانون والدستور العراقي». إلا أن البيت الأبيض يتكتم حول فحوى النقاشات الجارية مع العراقيين للخروج من المأزق الحالي.

وتحرص إدارة أوباما على نفي أي روابط بين الأزمة السياسية وسحب القوات الأميركية من العراق، الأمر الذي يعتبره أوباما نجاحا سياسيا مهما قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقال الناطق باسم البيت الأبيض أمس: «من الخرافة التكهن بأنه لو كنا قد تركنا قوات هناك كان سيؤثر ذلك على الخلافات السياسية.. الخلافات السياسية استمرت عندما كان هناك 40 ألفا و80 ألفا وحتى 150 ألف جندي». ولكنه أضاف: «سنواصل إعطاء رأينا وتشجيع القادة العراقيين لاتخاذ القرارات الذكية بينما يواصلون المضي قدما في تطوير ديمقراطيتهم».

وهناك اهتمام خاص من البيت الأبيض لعدم تدهور الأوضاع بسرعة في العراق خشية من تأثير ذلك على الانتخابات الأميركية العام المقبل. وقد أعلن أوباما «الوفاء بالوعد» في الانسحاب من العراق ولكن عليه إظهار نجاح تلك الخطوة أمام الناخبين. وهناك مطالب مختلفة للإدارة الأميركية بتحمل مسؤوليتها تجاه العراق. واعتبر السيناتوران الجمهوريان جون ماكين وليندسي غراهام في بيان مشترك أن «التراجع الذي نراه في العراق لم يكن مفاجئا» بعد سحب القوات، الأمر الذي عارضه السيناتوران، وأضافا: «على الحكومة الأميركية فعل كل ما يمكنها فعله لمساعدة العراقيين على تحقيق الاستقرار». وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها أمس: «على واشنطن الضغط بشكل أكبر على السيد المالكي وكل القادة العراقيين للقيام بتنازلات على القضايا الصعبة». وأضافت: «حتى مع سحب القوات، لدى واشنطن مصدر نفوذ، فيمكنها مثلا تعطيل تسليم طائرات (إف-16) القتالية التي طلبها العراق ولم يستلمها بعد، ويمكنها أن تعطل الوعود بدعم الاستثمار الأجنبي». وستشهد الأسابيع المقبلة تحديا للإدارة الأميركية لاختبار نقاط نفوذها في العراق بعد الانسحاب العسكري من البلاد، وسط ترقب داخلي أميركي وتخوف حلفاء الولايات المتحدة في العراق.