حماس والجهاد تشاركان لأول مرة في اجتماعات منظمة التحرير تحت رئاسة أبو مازن

الرئيس الفلسطيني يصدر مرسوما رئاسيا بتشكيل لجنة الانتخابات المركزية

المشير حسين طنطاوي أثناء استقباله الرئيس الفلسطيني أبو مازن قبل بدء الاجتماع في وزارة الدفاع المصرية أمس (إ.ب.أ)
TT

أصدر الرئيس محمود عباس (أبو مازن) أمس مرسوما رئاسيا بتشكيل لجنة الانتخابات المركزية وفق ما اتفق عليه في الحوار الشامل لفصائل منظمة التحرير إضافة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والذي اختتم أعماله في القاهرة أول من أمس.

وترأس أبو مازن في مقر إقامته في قصر الأمم في القاهرة أمس اجتماع الإطار القيادة الفلسطيني (لجنة منظمة التحرير)، الذي ضم الأمناء العامين للفصائل إضافة إلى حماس والجهاد وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومستقلين. وأطلع أبو مازن القيادات الفلسطينية على الوضع السياسي، والصعوبات التي تواجه عملية السلام بسبب عدم التزام إسرائيل بتنفيذ الاستحقاقات المطلوبة منها وفي مقدمتها الوقف التام للاستيطان وتهويد القدس.

وأكد على ضرورة استئناف عملية السلام وفق الأسس الموضوعية التي حددت منذ البداية ووافق عليها المجتمع الدولي، والتي تؤكد على ضرورة وقف الاستيطان والإقرار بمرجعية عملية السلام على أساس حل الدولتين وحدود 4 يونيو (حزيران) 1967. وأوضح عباس أن التحرك السياسي الذي تقوم به القيادة الفلسطينية منذ عدة أشهر بدأت تظهر نتائجه بحصول فلسطين على العضوية الكاملة في منظمة اليونيسكو، واعتراف العديد من الدول بها، مؤكدا استمرار هذا التحرك من أجل حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة ومؤسساتها.

ودعا أبو مازن الأمة العربية إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية ومنظمة التحرير حتى تتمكن من الصمود في وجه الضغوط والحصار ولتكون أكثر قدرة على المضي في الطريق نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس التي تحتاج إلى الحماية من الهجمة الإسرائيلية التي تحاول النيل من الحق الفلسطيني في كونها عاصمة فلسطين الأبدية.

وأكد المشاركون في الاجتماع ضرورة دورية اجتماعات هذه اللجنة لتنجز مهامها بالكامل، وفي مقدمتها نظام انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني وتشكيلته الجديدة. وأكدت اللجنة بعد استعراضها ما أنجز في اجتماعات الفصائل يوم الثلاثاء الماضي على ضرورة تنفيذ كل النقاط والآليات التي أقرت لإنهاء الانقسام، وتعزيز الوحدة، وصولا إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني لتعزيز الشراكة السياسية داخل المنظمة.

وشارك في الاجتماع، إلى جانب أبو مازن وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورمضان شلح أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية، وعبد الرحيم ملوح الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وواصل أبو يوسف الأمين العام للجبهة الفلسطينية، وجميل شحادة أمين عام الجبهة العربية الفلسطينية، وأعضاء اللجنة التنفيذية وهم فاروق قدومي وأحمد قريع وصائب عريقات وغسان الشكعة وتيسير خالد وحنا عميرة وصالح رأفت وأحمد مجدلاني وياسر عبد ربه وأسعد عبد الرحمن ورياض الخضري ومحمد زهدي النشاشيبي وزكريا الأغا وحنان عشراوي وعلي إسحق ومحمد إسماعيل، وثلاث شخصيات مستقلة هم منيب المصري ومصطفى البرغوثي وياسر الودية.

وقال مسؤول كبير في حماس إن الحركة تشارك لأول مرة منذ إنشائها في اجتماعات منظمة التحرير، ولأول مرة يترأس رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة عباس إطارا قياديا ممثلا به جميع الفصائل في مشهد لم يتحقق حتى في عصر الزعيم الراحل ياسر عرفات، مما يشكل منعطفا تاريخيا مهما في مسار الحركة الوطنية والإسلامية الفلسطينية.

وقال المسؤول الرفيع الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن الصورة التي ستخرج للعالم ويظهر فيها أبو مازن يترأس اجتماعا يضم مشعل ورمضان شلح ستكون رسالة مهمة جدا للمجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، ستدعم وتقوي موقف الرئيس عباس أمام هذه المحافل وهو يطالب بالحقوق الفلسطينية الثابتة.

وأكد المسؤول أن ما سيحققه أبو مازن من هذه الصورة مهم له ولحماس التي ترى في ذلك دعما للحقوق الفلسطينية ومطالبته بالدولة الفلسطينية المستقلة. في المقابل يرى المسؤول أن هذا لا ينقص من قدر ومكانة حماس، بل إنها تؤيد وتؤازر الرئيس عباس في استخدام ما لديه من أوراق ما دام ذلك يصب في صالح القضية الفلسطينية، موضحا أن عباس بعد هذا اللقاء التاريخي سيقول للإسرائيليين والأميركيين إنني الآن رئيس لكل هؤلاء ورئيس وممثل لكل الشعب الفلسطيني «وبالتالي سيكون موقفه أقوى، ونحن في حماس ندعمه بعد أن انسدت الطرق في وجهه، ولن نتخلى عنه لأننا في مركب واحد، وهدفنا وهو إزاحة الاحتلال، فقوة الرئيس قوة لنا جميعا، ولن تضعف حماس بل سنقوى جميعا».

وشدد المسؤول على أن حماس مع العمل مع الرئيس عباس وحركة فتح قوية متماسكة وليست ضعيفة متراجعة. وقال «إن قوة فتح مهمة لنا والعكس صحيح، فنحن لدينا قناعه بأننا لن نستطيع أن نتحمل هذا العبء، فتحرير فلسطين أكبر من حماس وأكبر من كل الفلسطينيين وأكبر من العرب، ونحن نحتاج إلى كل هؤلاء والعالم أجمع لكي نحقق حقوقنا».

وحول استفادة حماس من دخولها المنظمة قال المسؤول «إن المنظمة هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وهي الإطار المعترف به دوليا، وهي الإطار الذي يخاطب العالم، وبالتالي نحن سنكون جزءا من هذه المنظمة المعترف بها عالميا»، مشيرا إلى أنه من المبكر الحديث عن إعادة النظر في الاتفاقيات التي وقعتها المنظمة وكذلك البحث في دستور وميثاق المنظمة المنظور القريب خاصة قبل الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والوطنية.

ولا يعتبر المسؤول اعتماد المقاومة السلمية في هذه المرحلة كخيار والموافقة على هدنة في غزة والضفة، موقفا جديدا «فنحن حققنا التهدئة عدة مرات منذ عهد الرئيس الراحل أبو عمار، وعند تولي الرئيس عباس أعطيناه هدنة لمدة عام مباشرة، ونحن الآن في هدنة من دون اتفاق. فنحن وفتح لدينا مناطق يمكن أن نقيم شراكة فيها، فمثلا إقامة الدولة على حدود 1967، لماذا لا نتفق لاسترجاع أرضنا وإقامة الدولة على هذه الحدود وبعد ذلك لكل حادث حديث؟». وأضاف «بالنسبة للمقاومة نحن نؤمن بأن المقاومة بجميع أشكالها السلمية والمسلحة حق مشروع، لكن فتح تريد الشراكة معنا في هذه المرحلة على المقاومة السلمية، ولم لا ونحن في هذه المرحلة نريد أن نحقق المصالحة والعمل المشترك في مرحلة تتطلب توافقا في ظل ما يعصف بالمنطقة والعالم من تغييرات؟».

وأشاد المسؤول بإدارة أبو مازن لهذه المرحلة. وقال «إن الرئيس عباس رجل صريح وواضح في وطنيته، فلديه النية الحقيقية لتحقيق المصالحة، وكان يستطيع على سبيل المثال تأجيل تشكيل الحكومة حتى 24 يناير (كانون الثاني) من دون الرجوع لنا بتصميمه على اختيار سلام فياض رئيسا لها، بيد أنه أظهر جديته في تحقيق المصالحة»، مما عزز الثقة ودفع مشعل إلى المضي قدما في هذا الجهد الذي تكلل بنجاح كبير في لجنة الانتخابات ولجنة المصالحة المجتمعية وتفعيل المجلس التشريعي وتحديد آلية العمل للوصول إلى تنفيذ كل الاتفاقيات الموقعة بين الحركتين.

وحول ملف المعتقلين قال المسؤول الحمساوي «يجب ألا نضخم من هذا الملف، فالسلطة أطلقت أعدادا كبيرة، ولا يبقى إلا 50 أو 60 شخصا، وهذا العدد مقبول في إطار وجود سلطة وأجهزة أمن تحقق، وحماس أطلقت عددا كبيرا من المعتقلين وما دامت هناك سلطة وأجهزة أمن حتى لو تم تشكيل حكومة للوحدة بها حركة حماس سيظل في السجون أشخاص من كل الحركات ومن حماس أيضا، فنحن متفهمون، ولن نجعل من هذا الموضوع عقبة أمام المصالحة، فنحن في حماس وفتح كنا نتذرع سابقا بهذا الملف لعرقلة المصالحة بصريح العبارة، وعند نضوج الأمور يجب أن نتجاوز ذلك».

وردا على سؤال حول سر التغيير في موقف حماس والدخول في المصالحة بهذه السرعة قال «يجب أن تنظر حولك وترى التغيير الذي يحدث في المنطقة من ربيع عربي.. العالم كله يغير من استراتيجياته، فالولايات المتحدة وأوروبا ودول إقليمية كبيرة مثل إيران وتركيا تغير خططها بعد الربيع العربي وتتابعه عن كثب، وبالتأكيد سيهب هذا الربيع على إسرائيل أيضا وستتغير»، مؤكدا أن «صعود الإسلاميين ليس هو الذي حركنا نحو المصالحة بسرعة.. فبالعكس، فلو بهذا المنطق كان من الأفضل لنا أن نعرقل المصالحة وتذهب فتح إلى الجحيم.