سفارة الكونغو في واشنطن تغضب الجيران

انتقادات لمشروع رصيف اعتبر مشوها للطابع التاريخي للبناية

المبنى الجديد لسفارة الكونغو في واشنطن («نيويورك تايمز»)
TT

لم تعد الصراعات والنزاعات غريبة على جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث دبت الحروب الأهلية في هذه الدولة الأفريقية منذ استقلالها، وأرسلت دولة أنغولا المجاورة قوات إليها في عام 1997، كما قامت الميليشيا المعروفة باسم «نينجا» بشن حرب عصابات على مدار سنوات.

والآن، دخلت الحكومة الكونغولية في خصومة جديدة مع جيران سفارتها في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث كانت السفارة تخطط للانتقال إلى حي دوبونت سيركل، مما أثار حفيظة السكان بعدما تم قطع الأشجار واقتلاع الشجيرات ورصف الفناء الأمامي للمبنى.

وتعكس هذه المشكلة حساسية المنطقة التي توجد بها السفارات في العاصمة الأميركية، بسبب التعارض بين السيادة الوطنية الأميركية وبين حق السفارات في عمل ارتداد جداري، وما يسمى من الناحية القانونية بحق الارتفاق.

وفي مكالمة هاتفية معه من باريس، قال سيرج مومبولي، سفير جمهورية الكونغو: «الجيران ليسوا سعداء والمدينة ليست سعيدة، وأنا لست سعيدا على الإطلاق».

يذكر أن واشنطن بها أكثر من 170 سفارة، ودائما ما تنشأ خلافات بسبب وقوف السيارات والضوضاء وصيانة الممتلكات، وهو ما يتطلب تحكيما دقيقا في تلك الأمور.

ولهذا السبب، أصبحت وزارة الخارجية الأميركية تعمل كوسيط من نوع ما بين السفارات والمدن، كما يحضر السفير بنفسه اجتماعات تقسيم المدينة، ويتم فحص وابل من الرسائل المتعلقة بقوانين المدينة بنفس العناية التي تحظى بها المعاهدات التجارية.

وقال ريك بوسك (70 عاما)، وهو موظف اتحادي سابق ورئيس سابق لجمعية صيانة الموارد الطبيعية في دوبونت سيركل، والتي تنتقد انتقال السفارة: «إننا في عاصمة البلاد، وهؤلاء الناس يريدون تمثيل بلدانهم هنا، ونتوقع أن يكونوا جيرانا جيدين».

وقد استمرت تلك المشكلة الأسبوع الماضي، عندما لم تلتزم السفارة بالمهلة التي حددتها المدينة لإزالة الرصيف الخرساني الذي أقامته. وفي الحادية عشرة مساء من صباح يوم السبت، وصل ثلاثة عمال ومعهم أدوات لتكسير الرصيف المخالف. وتواصلت عملية إزالة الرصيف، التي أشاد بها الجيران، خلال الأسبوع الحالي، بعد عدة أشهر فاترة منذ أن سعت السفارة للحصول على موافقة من المدينة للانتقال إلى المبنى الجديد، والذي تم بناؤه في تسعينات القرن التاسع عشر لهنري براون الذي كان يعمل قاضيا في المحكمة العليا.

وكان الكثير من الجيران تحدوهم آمال كبيرة لتجديد المبنى، الذي ظل لفترة أيضا يعمل كمدرسة موسيقية وفندق على مدار سنوات طويلة، ولكن هذه الآمال اصطدمت برغبة السفارة بإضافة طريق خاص بها والسماح للسفير بإيقاف سيارته أمام المبنى، كما هو الحال مع عدد من السفارات الأخرى.

وقد أثار هذا حفيظة سكان الحي، الذين أكدوا أن هذا الأمر غير قانوني، بالإضافة إلى أنه يدمر مساحات الشوارع ويسلب المدينة طابعها الذي صممه المهندس المعماري بيير تشارلز لونفون الذي صمم المدينة على غرار المدن الكبرى مثل باريس وغيرها من المدن الأوروبية.

ومن جانبه، وصف روزيا آلي، وهو مهندس معماري والرئيس الحالي لجمعية صيانة الموارد الطبيعية في دوبونت سيركل، شارع «16 ستريت نورثويست»، الذي يعد محور المدينة الشمالي والجنوبي، والذي يمتد حتى البيت الأبيض، بأنه «واحد من أهم الشوارع في البلاد». وقال بيان خطي من مكتب وزارة الخارجية الأميركية للأمن الدبلوماسي، إن الحفاظ على المباني التاريخية التي تستخدمها السفارات «هو أمر ذات أهمية كبرى لوزارة الخارجية»، وإنه يتعين على البعثات الأجنبية الامتثال لقوانين المدينة.

وقد ألغت السفارة خططها لإضافة طريق خاص، بعدما رفض مجلس المدينة ذلك، غير أنها مهدت الفناء على أي حال وقطعت الأشجار وأغلقت الحديقة الأمامية بالخرسانة والطوب، وكانت النتيجة هي فسحة واسعة من الرصيف الممتد عبر الواجهة والدوران حول المبنى، مع بروز سارية العلم من الخرسانة.

وقال محمد يوسف (60 عاما)، وهو موظف في المدينة كان يعاين المبنى مع زوجته خديجة شكور قبل إزالة الخرسانة: «أعتقد أنه يبدو نوعا من الحق الواضح الآن».

ومع ذلك، أدت هذا الملاحظات إلى تعقيد القضية، حيث قالت شكور (52 عاما)، إن مباني السفارات ينبغي أن تكون واضحة ويمكن التعرف عليها بسهولة. وأضافت أنها لا ترى أي مشكلة في إقامة الرصيف.

ويشعر السكان بالخوف من أنه إذا ما تمت إقامة الرصيف، فسيبقى الشارع على هذا الحال ولن تتم إزالته بحجة حماية السيادة الأجنبية. وقال السفير الكونغولي، إن السفارة قد استجابت لقرار المدينة بإزالة الرصيف وأرسلت مجموعة من الأشخاص لإزالته يوم السبت، وفي وقت متأخر من يوم الأحد، كان قد تمت إزالة جزء من الرصيف وهناك أكوام من الأشياء التي تم تكسيرها.

وقالت دوكسي ماكوي، المتحدثة باسم عمدة المدينة فنسنت غراي، إنها تتوقع أن تؤدي المحادثات بين الطرفين إلى «قرار يرضي الجميع».

وقال السفير الكونغولي إن التجربة كانت «محبطة للغاية» لأنه لم يتم إبلاغه أبدا بأن إقامة الرصيف شيء غير مسموح به. ويخطط الآن لاستبداله بشجيرات وطبقة من النشارة لوقاية جذور النباتات. وأضاف: «لقد طلبوا منا إزالة الرصيف، وهذا ما نقوم به. أعرف أن ذلك لن يبدو لطيفا، ولكن هذا هو أقصى ما نستطيع القيام به. وإذا ما طلب منا القيام بأكثر من ذلك، فسوف نتقدم باحتجاج قوي للحكومة الأميركية».

* خدمة «نيويورك تايمز»