واشنطن: الخوف هو الذي يبقي الأسد في السلطة.. ورحيله مسألة وقت

باريس تعبر عن قلقها من التزام دمشق بالبروتوكول العربي

أهالي أم ولد بحوران يرفعون لافتة كتب عليها «الموت لا المذلة» في تظاهرة مناهضة للنظام أمس
TT

قالت واشنطن أمس إن «الخوف هو الشيء الوحيد الذي يبقي» نظام الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وبعد بيان متشدد من البيت الأبيض أول من أمس قال فيه إن الأسد هو الذي سينهي القتل، قال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، أمس إن رحيل الأسد «صار مسألة وقت فقط». وأضاف: «إنها فقط مسألة وقت قبل أن يصل هذا النظام إلى نهايته. الخوف هو الشيء الوحيد الذي يبقي هذا النظام، وأي حكم قائم على الخوف دائما محكوم عليه بالفشل».

وتابع كارني: «طوال هذه الفترة عملنا، منفردين ومجتمعين، لزيادة الضغط على نظام الأسد، ولعزله، لكننا لا نرى في سوريا غير استمرار العنف، العنف الذي لا داعي لها، ضد الشعب السوري. صار واضحا أن كل تطور جديد هو ضد الأسد: حالات الفرار من القوات المسلحة تزيد. ومزيد من الدبلوماسيين السوريين تركوا وظائفهم، وخرجوا لدعم المعارضة. والمعارضة أكثر شمولا وأكثر توحيدا. وانشقت سوريا عن الجامعة العربية، وعن حلفائها التقليديين، وعن الدول المجاورة مثل تركيا. والنظام يواجه عقوبات دولية وضعفا في سياساته الاقتصادية المحلية». وأضاف كارني: «المكتوب مكتوب على الحائط. والأسد يواجه مزيدا من العزلة. ومزيد من أعضاء المجتمع الدولي يطالبونه بالتوقف عن هذا السلوك الوحشي».

وفي وزارة الخارجية رفضت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الوزارة، أن تقول، في إجابة على سؤال من صحافي، إن «الخطوة الدولية التالية في سوريا ستكون مثلما حدث في ليبيا»، إشارة إلى تدخل حلف الناتو لحماية المدنيين من نظام الرئيس السابق معمر القذافي. وقالت نولاند: «يوجد هنا تزايد في القلق من أن سوريا تقدم وعودا ثم تنقضها، وأنها تستعمل تكتيك المماطلة. وحسب تقارير القتل المتزايد، صار واضحا أن تعنت نظام الأسد في تزايد. هذا التعنت ليس سلوك حكومة تستعد حاليا لتنفيذ مقترحات الجامعة العربية التي كانت قالت قبل سبعة أسابيع إنها وافقت عليها. هذا تعنت حكومة لا تمكن الثقة فيها».

وفي باريس عبرت فرنسا مرة جديدة عن تشكيكها في النيات السورية وجدية عزم سلطاتها على الالتزام حقيقة ببروتوكول إرسال المراقبين العرب الذي وقعت عليه الاثنين الماضي. واستبق الوزير آلان جوبيه وصول طليعة المراقبين العرب أمس باتصال بأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، ليشدد على الشروط التي يتعين أن يعمل المراقبون من ضمنها. وبحسب ما أفادت به الخارجية أمس فإن جوبيه الذي عبر عن دعمه لدور الجامعة العربية ركز على ضرورة أن يتمكن المراقبون العرب من الوصول بأسرع وقت إلى المناطق السورية بحرية تامة ومن غير استثناء، بل من غير إعلام السلطات السورية مسبقا بوجهتهم، وذلك ليتمكنوا من التحقق من وقف العنف ومن إطلاق كل الموقوفين السياسيين وعودة الجيش إلى ثكناته ودخول الوسائل الإعلامية لسوريا. وأكدت الخارجية الفرنسية أنها «لن تترك المجال للتلاعب عليها أو أن تكون ضحية مناورة من طرف النظام السوري».

ويعكس كلام جوبيه والخارجية شكوك باريس بصدق نيات الرئيس السوري ومدى جديته بتنفيذ مضمون البروتوكول الموقع والمبادرة العربية بأكملها التي ترى أنها كل لا يتجزأ.

وكما أن عين باريس على ما يجري ميدانيا، فهي تراقب عن كثب تطور المناقشات في مجلس الأمن الدولي بعد أن طرح الروس مشروع قرار واجهته الدول الغربية وبكثير من الفتور، لكنها رغم ذلك قبلت النقاش بشأنه باعتبار أنه يعكس بعضا من التحول في الموقف الروسي الذي كان يرفض بتاتا صدور قرار بشأن سوريا.

وأشار الناطق باسم الخارجية برنار فاليرو أمس إلى أن فرنسا «تنتظر من روسيا أن تعمل بكل ما يتوفر لها من أجل إحراز تقدم سريع في المفاوضات» الخاصة بمشروع القرار، داعية لأن يكون اجتماع أمس «فرصة لإحراز تقدم حاسم».

وأفادت مصادر فرنسية رسمية على اطلاع على ما يحصل في نيويورك بأنها «تتوقع أن تأتي روسيا بالرد على مطالب الغربيين لإجراء تعديلات» على مسودة المشروع الروسي، مضيفة أن اجتماعا آخر سيحصل الاثنين أو الثلاثاء القادمين، غير أن باريس تعي أن ما بين رغبتها في إحراز تقدم سريع وواقع المفاوضات مع روسيا «هوة كبيرة».

ولا تخفي المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» مخاوفها من أن تأتي روسيا بحجة جديدة مفادها أنه ما دامت دمشق قبلت مجيء المراقبين العرب إلى أراضيها فالأحرى انتظار ما سيصدر عنهم وما ستؤول إليه المبادرة العربية قبل أن يعمد مجلس الأمن إلى استصدار قرار.

ويريد الغربيون إدخال تعديلات أساسية على مشروع القرار الروسي، ليس أقلها المطالبة بدعم وتبني الخطة العربية واستصدار إدانة كاملة لقمع السلطات السورية ورفض مساواته بما يعتبرونه «دفاعا عن النفس» من قبل المتظاهرين، فضلا عن المطالبة بإجراءات وربما عقوبات دولية على دمشق وإجراءات لحماية المدنيين. وإذا تمسك الغربيون بهذه التعديلات فإن المساومات يمكن أن تأخذ وقتا طويلا.