مقتل 40 شخصا في انفجارين يهزان دمشق.. والنظام السوري يسارع باتهام «القاعدة» والإعلان عن القبض على متهمين

المقداد: شعب سوريا سيواجه آلة القتل المدعومة من بعض الأطراف العربية

المراقبون العرب يتفقدون مكان التفجير بدمشق أمس، في صورة وزعتها وكالة (سانا) السورية أمس (إ.ب.أ)
TT

في أول حادث من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية، هز انفجاران ضخمان العاصمة السورية أمس، ما أدى إلى مقتل 40 شخصا معظمهم مدنيون، وجرح نحو 150 آخرين. وسارعت السلطات السورية إلى اتهام «القاعدة» بالتفجيرين، بعد نحو 20 دقيقة على وقوعهما، كما أعلن التلفزيون السوري أن «السلطات المختصة تمكنت من إلقاء القبض على اثنين من منفذي الهجوم». وقد أثار ذلك تساؤلات حول مدى صدقية النظام وأسباب تسرعه في اتهام «القاعدة» بعد دقائق قليلة على وقوع التفجير.

كذلك أثار إسهاب التلفزيون السوري الرسمي وقناتي «الإخبارية» الرسمية وتلفزيون «الدنيا»، بعرض صور ضحايا الانفجارين، الشكوك في رواية النظام، إذ تزامنا مع وصول فريق من المراقبين العرب إلى دمشق للوقوف على حقيقة ما يجري على الأرض. وجاءت طريقة التعاطي الإعلامي الرسمي السوري لتثير عددا من الأسئلة التي طرحها الناشطون السوريون عبر صفحاتهم على موقع «فيس بوك» تتعلق بالفجوات الكبيرة التي تحفل بها الرواية الرسمية للحدث.

وأعلن رسميا أمس عن استهداف «عمليتين إرهابيتين نفذهما انتحاريان بسيارتين مفخختين إدارة أمن الدولة وأحد الأفرع الأمنية في دمشق». وقال بيان رسمي إن «العمليتين الإرهابيتين أسفرتا عن سقوط عدد من الشهداء المدنيين والعسكريين وغالبية الشهداء من المدنيين، وإن التحقيقات الأولية تشير إلى أن العمليتين الإرهابيتين من أعمال تنظيم القاعدة». وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «مقدمة بعثة مراقبي الجامعة العربية زارت موقعي العمليتين الإرهابيتين في دمشق واطلعت على آثارهما».

من جانبه أعلن نائب وزير الخارجية فيصل مقداد الذي رافق المراقبين في تصريحات لوسائل الإعلام أن «الإرهاب أراد منذ اليوم الأول لعمل الجامعة أن يكون دمويا ومأساويا»، مؤكدا أن «شعب سوريا سيواجه آلة القتل المدعومة أوروبيا وأميركيا ومن بعض الأطراف العربية». وأضاف: «اليوم بعد وصول المراقبين هذه هدية الإرهاب الأولى إرهاب وقتل و(قاعدة) (...) الإرهابيون مسؤولون عن مقتل أبناء سوريا الأبرياء». وأكد المقداد «سنقوم بتسهيل عمل مراقبي الجامعة العربية إلى أقصى حد»، مضيفا «هذه هي هوية الإرهاب كي يظهر للعالم ما تعانيه سوريا من أعمال إرهابية».

وردا على سؤال عن احتمال اتهام السلطات السورية من قبل معارضين بالوقوف وراء الانفجار، قال: «هؤلاء مجرمون ومن سيقول ذلك سيكون مجرما وسيكون داعما أساسيا للإرهاب والقتل».

واستهدف الانفجار الأول إدارة أمن الدولة في منطقة كفرسوسة، أما الثاني فاستهدف أحد الفروع الأمنية في مدينة دمشق وهو فرع المنطقة القريب من الجمارك في منطقة البرامكة وسط العاصمة دمشق، وقريبا من مبنى التلفزيون السوري في ساحة الأمويين. وقالت تقارير إعلامية إن مبنى التلفزيون تضرر من قوة الانفجار.

من جانبه، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي أن عدد ضحايا التفجيرين اللذين استهدفا المقرين الأمنيين بدمشق بلغ نحو 40 قتيلا وأكثر من 150 جريحا من المدنيين وأفراد الجيش. وقال ناشطون إن معظم القتلى من المدنيين، كون يوم أمس كان يوم جمعة، يوم عطلة أسبوعية، والمبنى خال من رجال الأمن. ونقلت وكالة «رويترز» عن مقدسي قوله في رسالة بالبريد الإلكتروني إن التفجيرين «أديا إلى مقتل نحو 40 شخصا وإصابة أكثر من 150 آخرين من المدنيين وأفراد الجيش»، مضيفا أن «المطالبين بالحرية يجب أن يعلموا أن هذا ليس هو السبيل لتحقيق الديمقراطية». وعن تسلل عناصر من تنظيم القاعدة إلى سوريا، أعلن مقدسي أن «السلطات اللبنانية حذرت سوريا قبل يومين من أن مجموعة من مقاتلي (القاعدة) تسللت إلى الأراضي السورية عبر بلدة عرسال اللبنانية الشمالية». وكان وزير الدفاع اللبناني فايز غصن أشار الثلاثاء الماضي إلى حصول عمليات تهريب للسلاح وعناصر من تنظيم القاعدة عبر المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان، مؤكدا ضرورة قيام الجيش اللبناني بضبط الحدود بين البلدين.

وفيما وجه أهالي حي بابا عمرو في حمص نداء استغاثة، وطالبوا فريق المراقبين العرب بالتوجه فورا إلى حمص لوقف ما وصفوه «بمجزرة» تجري هناك، وأسوة بمسارعتهم لزيارة موقع الانفجار في دمشق، طالبت ناشطة سورية المراقبين العرب أن يقوموا بسؤال إدارة المخابرات العامة التي حصل في مقرها الانفجار عن «كاميرات المراقبة الخاصة بالأفرع الأمنية والتي يجب أن تحتوي على تسجيلات دائمة ومن كل الزوايا خلال الأيام الماضية وحتى اللحظة»، لأنه وبحسب ما وصلها من معلومات أن «عملية التفجير في دمشق هي مفتعلة ومخططة مسبقا حيث تم جلب جثث مقتولة مسبقا إلى الأفرع وتفجير سيارة في كل من الفرعين من الداخل».

من جانبهم ظهر المحللون السوريون المدافعون عن النظام على شاشات التلفزة، للتأكيد على أن «عمليات (القاعدة) الإرهابية تقدم دليلا قاطعا على وجود مؤامرة دولية على سوريا». وحمل المحامي عمران الزعبي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وحكومته وكذلك أمير قطر وأطرافا في لبنان «مسؤولية جنائية وأخلاقية وسياسية ودينية عما يجري في سوريا». أما الكاتب غسان الشامي، فقال: «الذي لا يرى المؤامرة إما أحول أو ابن كلب..». وقالت مذيعة تلفزيون «الدنيا» إن الهدف من التفجير كان «حجب السوريين في منازلهم ومنع وصولهم في مسيرات التأييد للنظام إلى الساحات».