ناشطون سوريون يسخرون من رواية النظام حول التفجير: «القاعدة» تأخذ دروسا من عصابة «البعث»

روايات حول طلب النظام من عناصر الأمن عدم الوجود في المكان قبل التفجير

TT

شكك ناشطون سوريون في صحة الرواية السورية حول حقيقة الانفجارين اللذين وقعا في دمشق أمس، وبث أحد الناشطين تحذيرا تداولته معظم الصفحات المؤيدة للثورة السورية معلومات وصفها بالـ«مؤكدة» عن «أحد العناصر في إدارة المخابرات العامة في دمشق» جاء فيها أن «إدارة المخابرات وقبل وقوع الانفجار فرضت على العناصر عدم الوجود صباح يوم الجمعة بالقرب من الموقع وأن ضحايا الانفجار هم من السجناء الذين أفرج عنهم يوم الجمعة ليكونوا ضحايا للانفجار وليتم تصوير الانفجار على أنه استهدف المدنيين».

ولفت الناشط إلى أن منطقة كفرسوسة يحتل فيها مقر إدارة المخابرات العامة مساحة كبيرة جدا، ومحاطة من جميع الجهات بشوارع عريضة وطرق سريعة ومراقبة، كما أن حركة المارة المشاة هناك ضعيفة جدا وتكاد تنعدم في أيام الجمع، ما عدا السيارات التي تمر مسرعة. كما لفت أيضا إلى أنه وعلى بعد مئات الأمتار من المقر الأمني نشر قناصة على أسطح المباني، وذلك منذ نحو شهر وبعد تعرض فرع المخابرات الجوية في مدخل دمشق على الطريق الدولي دمشق - حمص لهجوم من الجيش الحر. وأضاف أن «لكل هذه الأسباب تبدو رواية النظام عن تمكن انتحاريين من (القاعدة) من التسلل والوصول إلى تلك المنطقة مشكوكا فيها». وتابع يقول «إن العدد الكبير من الضحايا في منطقة شبه خاوية ومراقبة بدقة يدعم الشكوك بأن يكون هؤلاء إما من المعتقلين وإما من ضحايا التعذيب وإما من ضحايا الأمن والجيش سقطوا في أماكن أخرى وجيء بهم إلى هذا الموقع لتحقيق أكثر من هدف، منها التخلص من الجثث واتهام (القاعدة) وترويع المواطنين السوريين المطالبين بإسقاط النظام، وأيضا كي يدعم التفاف الموالين حول النظام تحت ضغط الخوف من الإسلاميين المتطرفين، هذا فضلا عن الهدف الأبرز وهو إقناع المراقبين العرب بأن ما يجري في سوريا هو عمليات إرهابية تقوم بها العصابات المسلحة وتنظيم القاعدة».

وتوقف ناشط آخر عند تعداد «عدة فجوات في الرواية الرسمية» لما جرى، أولها أن «تنظيم القاعدة انتظر اليوم التالي لدخول المراقبين ليقوم بعمليته وذلك لكي يثبت أنه المسؤول عن قتل أكثر من خمسة آلاف مواطن سوري، وأن تنظيم القاعدة تمكن من إدخال مئات الكيلوغرامات من المتفجرات رغم التشديد الأمني ليقوم بالعملية». وأضاف أن «نتائج التحقيق ظهرت خلال ربع ساعة وتم اتهام (القاعدة) فورا رغم أن العملية هي الأولى من نوعها في دمشق وبسيارة مفخخة، وقد وجد الخبراء والمحللون يوم العطلة الرسمية لكي يقوموا بالاستنتاج والتأكد، ومهد لذلك بتقارير عن تحذيرات غير مسبوقة من وزير الدفاع اللبناني بتسلل عناصر من (القاعدة) إلى سوريا، تلازمت مع تركيز على تصريحات عن 2000 جندي ورجل أمن قتلوا بسبب الإرهاب، وأنه فور الإعلان عن الانفجار تم إعلان القبض على شخصين ضالعين بالتفجير».

كما أشار الناشط إلى أن «التلفزيون ووسائل الإعلام سمح لهم فورا بالدخول وقد توجه وفد المراقبين فورا ليتفقد المكان، وأن الصور تظهر دخانا يتصاعد من بعض النوافذ في الطوابق العليا بينما بقية النوافذ سليمة وكأن التفجير لم يكن بسيارة مفخخة، وأن المكان المستهدف محاط بجدران خارجية مصفحة، والتفجير لم يطل سوى الأجزاء الخارجية والمناطق المدنية المحيطة». وأخيرا قال الناشط إن «العملية تمت في اليوم التالي لمجزرة إدلب التي كان من المفترض أن يقوم المراقبون بزيارة المكان ومعاينة هذا الحدث الجلل»، مشيرا إلى أن «التشويش الكبير الذي تعرضت له القنوات الفضائية العربية لا سيما (العربية) و(الجزيرة) و(الجزيرة مباشر) هو غير مسبوق، وقد تم فور التفجير وكأن الأجهزة مستنفرة قبل التفجير بساعات للقيام بالتشويش لتوجيه الأنظار الداخلية نحو القنوات المحلية لمعرفة تفاصيل ما يحدث».

ونبه الناشط إلى أن رسالة من النظام وجهت بهذا العمل للمراقبين بأنهم هم الآن «في خطر ولذلك يجب مراقبتهم لحمايتهم ومنعهم من الوجود في الأماكن غير الآمنة»، وهو ما سبق وأشار إليه وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمراته الصحافية وأكثر من مرة. وتوقع الناشط أن تعرض وسائل إعلام النظام «مجموعة جديدة من الاعترافات من المتهمين الضالعين بالتفجير والذين كانوا بجانب العملية يراقبونها وقبض عليهم في ربع ساعة».

كما أثارت التغطية الإعلامية الرسمية للحدث سخرية السوريين حيث استغرب عضو في مجموعة إخبارية على موقع «فيس بوك» ما ورد في خبر قناة «الإخبارية» السورية بأن «الجهات المختصة تحلل أجزاء الإرهابي لمعرفة جنسيته»، وقال متسائلا «هل هناك فحص (دي إن إيه) يكشف الجنسية التي يحملها الإنسان؟!». كما توقف آخر عند صور بثها تلفزيون قناة «الدنيا»، «تظهر عمليا لم الأشلاء البشرية من موقع الانفجار وإسعاف المصابين، وقد ظهر أشخاص يقومون بانتشال الجثث وهم يرتدون بذات مدنية رسمية، وأحدهم كان يحمل بيد النقالة مع عدة أشخاص وباليد الأخرى سيجارة يسحب منها النفس تلو الآخر، وكأنه يقوم بعمل عادي جدا أو اعتيادي». وقال الناشط الذي علق على تلك الصور «الغريب في الأمر أن تلفزيون (الدنيا) أعاد تلك اللقطات لمرات كثيرة دون الانتباه إلى فظاعة صورة يظهر فيها شخص يدخن وهو يلملم الأشلاء البشرية وكأنه يلتقط حبات بطاطا!».

وعلق أحد الناشطين على «فيس بوك» على اتهام النظام لـ«القاعدة»، بالقول إن «(القاعدة) تأخذ دروسا من عصابة البعث والمخابرات». وتخوف ناشطون من «مغبة تكرار هذه الانفجارات في ظل وجود طليعة المراقبين العرب»، على الرغم من أن بعضهم عبر بصراحة تامة عن «عدم الثقة» بهذه اللجنة. وأكد الناشطون الذين تهافتوا إلى تدوين تعليقاتهم على صفحات «فيس بوك» فور معرفة الخبر أن «من قام بهذه العمليات هو مجموعات تابعة للنظام حيث أشرف عدد من ضباط النظام على القيام بتنفيذ العمليتين».

وقد أكد أحد الناشطين على صفحة «الثورة السورية» أن «هناك أنباء متواترة تشير إلى أن ضحايا التفجيرين الذين يتم عرض جثثهم على إعلام العصابة، هم من المعتقلين الأبرياء الذين تم نقلهم في الأيام الماضية من السجون ومراكز الاعتقال إلى المراكز العسكرية والمخابراتية، حيث لا يستطيع المراقبون الدخول. وتشير هذه الأنباء إلى أن هؤلاء المعتقلين سيستخدمون كضحايا في مسرحيات النظام (القاعدية)، في إطار التجاوب مع البروتوكول العربي».

وقال مازن (اسم مستعار) إن «التفجيرات التي حصلت في دمشق كانت بالاتفاق مع جميع الأجهزة الأمنية والإعلام الأسدي. هذه المرة الأولى منذ بداية الثورة يوجد التلفزيون الأسدي بكامل جهوزيته للتغطية مع طاقم كامل من الأطباء والمنقذين وطاقم مخابراتي للتحقيق، حتى العديد من الجثث المتفسخة كانت جاهزة منذ عدة أيام بالإضافة إلى العديد من السجناء المدنيين والمنشقين المعتقلين الذين نقلوا مبكرا من أجل إقناع العالم بأكاذيبهم الواضحة لكل عاقل».