البحرين: فتح ملف قضايا التعذيب وإساءة المعاملة

النائب العام لـ«الشرق الأوسط»: النيابة تلقت قضايا ضد 107 من منسوبي الداخلية

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مسؤول بحريني رفيع أن النيابة العامة في البحرين تحقق في قضايا أحليت لها، ضد 107 من منسوبي وزارة الداخلية، رفعها ضدهم مواطنون بحرينيون شاركوا في الأحداث التي شهدتها المملكة الخليجية في فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين.

ويعد فتح ملف القضايا المتعلقة بالممارسات أثناء التحقيق والتوقيف، التي يصطلح على تسميتها بـ«شكاوى التعذيب وسوء المعاملة»، خطوة متقدمة على طريق المصالحة بين أطياف المجتمع البحريني، وإعادة الحقوق للمواطنين الذين خضعوا لتحقيق الجهات الأمنية وتم احتجازهم في مراكز التوقيف والسجون وتلقوا معاملة مهينة أو تعرضوا للتعذيب.

وقال الدكتور علي بن فضل البوعينين، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة الداخلية أحالت إلى النيابة العامة القضايا المرفوعة ضد 107 من أفرادها، وأوضح البوعينين أن بعض القضايا تم تحديد المتهمين فيها، ووصفهم بالمعروفين، وسيتم التحقيق معهم بكل وضوح، وقال إنه إلى جانب هذه القضايا أيضا قضايا لم يتم تحديد المتهمين فيها، لذلك ستستدعي النيابة العامة الشهود وستستمع إلى أقولهم لتحديد المسؤولين عن ارتكاب المخالفات التي جرت بحقهم.

وأوضح النائب العام أن معظم القضايا التي تحقق فيها النيابة العامة، تندرج تحت الإساءة بالقول، نافيا في الوقت ذاته أن تكون جميعها قضايا تعذيب، وقال: «معظم التهم التي أحالها وزير الداخلية إلى النائب العام الدعوى الرئيسية فيها الإساءة بالقول، وليس كلها قضايا تتعلق بالتعذيب». وأكد أن النيابة العامة ستحقق في هذه القضايا جميعها إذا عرف المتهم الرئيسي في القضية، أو قدم المجني عليه الأدلة الكافية على الشخص الذي يتهمه.

وفي السياق ذاته أسقط النائب العام في مملكة البحرين، أمس، 43 تهمة تتعلق بحرية إبداء الرأي عن 334 متهما، جرمتهم بشأنها الجهات الأمنية والعدلية وذلك في إطار تطبيق قانون السلامة الوطنية، ومراجعة المراكز القانونية للمتهمين في هذه القضايا، واتساقا مع ما انتهى إليه تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. وقال الدكتور علي بن فضل البوعينين، إن النيابة العامة أسقطت، أمس، جميع التهم المتعلقة بحرية التعبير، وقال إن ذلك سيحسم كثيرا من القضايا وبشكل نهائي، إلا أنه شدد على أن معظم الأشخاص الذين أسقطت عنهم التهم، يواجهون في الوقت نفسه قضايا أخرى خلاف حرية التعبير، نظرا لاشتمالها على جرائم أخرى من طبيعة مختلفة تنطوي على العنف والتخريب المتمثل في الاعتداء على الأشخاص والأموال.

وأضاف أنه إذا كان لديهم قضايا أخرى مثل العنف، أو كانت قضايا حرية التعبير مثلا مرتبطة بالاعتداء على الآخرين، أو الاعتداء على أفراد الشرطة، فستسقط النيابة العامة التهم المتعلقة بحرية التعبير، تنفيذا لتوصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق البحرينية «لجنة بسيوني»، لكن النيابة ستتمسك وبقوة بالقضايا المتعلقة بالعنف وتهديد سلامة الآخرين وتهديد سلامة أفراد الأمن، مشيرا إلى أن النيابة لا تزال مستمرة في تقييم القضايا ذات الصلة بممارسة الحق في التجمع ودراسة ما صدر أو يصدر فيها من أحكام.

وكانت النيابة العامة أعلنت يوم أمس أنها تسلمت من وزارة الداخلية القضايا والشكاوى المتعلقة بالتعذيب وإساءة المعاملة، وقال النائب العام إن القضايا التي أحيلت له ستخضع لفحص فريق من أعضاء النيابة بالتحقيق والتصرف فيها تحت إشراف النائب العام، وحدد مطلع الأسبوع المقبل موعدا لكي يبدأ فريق التحقيق في استدعاء المجني عليهم والشاكين لسماع أقوالهم. وأكد النائب العام أن النيابة تكثف جهودها من أجل إنجاز التحقيقات في آجال مناسبة وفي أقرب وقت ممكن، وستتعامل بشأنها بكل شفافية، ومن ثم ستعلن تباعا عن تصرفاتها في هذه القضايا فور الانتهاء منها.

وقال البوعينين إن النيابة العامة تعمل باستقلالية تامة منذ عام 2006، عندما صدر مرسوم بفصل النيابة العامة عن وزارة العدل، حيث أكد أن النيابة العامة تعمل باستقلالية تامة عن جميع أجهزة الدولة، وكان العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد أصدر في عام 2003 أصدر مرسوما يقضي بإنشاء النيابة العامة وألحقت حينها بوزارة العدل. وكانت لجنة تقصى الحقائق التي تشكلت من خبراء دوليين، برئاسة البروفسور محمود شريف بسيوني، توصلت في تحقيقاتها التي أجرتها بشأن أحداث فبراير ومارس الماضيين، إلى إن الأساليب المستخدمة في التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية، كان بعضها عقابيا والآخر كان لانتزاع الاعترافات، وأكدت اللجنة في تقريرها أن المحققين استخدموا الصعق الكهربائي والضرب والتهديد بالاغتصاب والسب والركل.. وكلها تندرج تحت قانون مناهضة التعذيب، كما توصلت اللجنة إلى أن عدم محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات أدى إلى ارتكاب المزيد منها. وأوصت اللجنة الحكومة البحرينية بضرورة تمكين النائب العام من التحقيق في حالات التعذيب والإهانات التي تعرض لها المواطنون.