إشتيه لـ «الشرق الأوسط»: إما أن تعترف إسرائيل بنا كدولة وجغرافيا وإما أن نسحب اعترافنا

قال إن السلطة لن تفرق بين رام الله ويافا إذا ظل نتنياهو لا يفرق بين تل أبيب والمستوطنات

محمد إشتيه («الشرق الأوسط»)
TT

لمح محمد إشتيه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إلى ما يمكن أن تذهب إليه السلطة في حال ظلت جميع الطرق مسدودة في وجه عملية السلام، قائلا إنه «إذا أصر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على ألا يميز بين مستوطنة أبو غنيم (في الضفة قرب بيت لحم) وتل أبيب فنحن لن نميز بين رام الله ويافا».

وتشير تصريحات إشتيه إلى احتمال إلغاء السلطة الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، وهذا يشمل الاعترافات المتبادلة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهذه أحد خيارات السلطة المطروحة على طاولة البحث.

وقال إشتيه لـ«الشرق الأوسط»: «الاعتراف بإسرائيل لم يكن اعترافا متوازنا، فالمنظمة اعترفت بإسرائيل كجغرافيا، ولكن إسرائيل لم تعترف بفلسطين كجغرافيا بل كمؤسسة، اعترفت بمنظمة التحرير فقط، والآن نحن نطالب إسرائيل بأن تقوم باعتراف متبادل». وأوضح «نريد من إسرائيل الاعتراف بالأراضي الفلسطينية في عام 1967».

ويعتبر تصريح إشتيه الأول من نوعه، إذ لم يسبق أن لمح أي من المسؤولين الفلسطينيين إلى إمكانية سحب الاعتراف بإسرائيل إذا لم تعدل من اعترافها بفلسطين.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن تصريحات إشتيه بخصوص أن السلطة لن تفرق بين رام الله ويافا، أثارت ردود فعل كبيرة عند الجانب الإسرائيلي وبعض الدوائر الدولية الأخرى التي أسرعت بالاتصال به وبمسؤولين آخرين للاستفسار عن مضامين التصريح ومعانيه.

وجاء تصريح إشتيه، في وقت شارفت فيه مهلة الـ3 أشهر التي حددتها الرباعية الدولية، للتوصل إلى اتفاق بشأن مفاوضات الاتفاق على الحدود والأمن، على الانتهاء، في 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وقال إشتيه «إسرائيل لا تريد لهذا المسار (المفاوضات) أن يسير». وأضاف «إسرائيل تريد استمرار الوضع الراهن كما هو.. تريد مسارا تفاوضيا مشوها ومغلقا، والاستمرار في تصعيد عنف المستوطنين وتكثيف الاستيطان أيضا». وتابع القول «هذا لن يكون مقبولا لنا، وأحد أشكال مواجهته ستكون بإعادة بناء البيت الداخلي بوتيرة وطنية يتحقق فيها الاتفاق على الهدف، وأدوات تحقيق هذا الهدف، لأن فصيلا وحده لا يصنع الحرب ولا يصنع السلام».

وأكد إشتيه أن الجهد الفلسطيني سيتركز الآن على البيت الداخلي، وقال إن «أبو مازن يعنيه بشكل كبير أن يلتئم الشمل الفلسطيني، من أجل إعادة صياغة المؤسسة الفلسطينية بما يخدم المرحلة وما ينسجم مع المتغيرات الإقليمية».

وأضاف «أهدافنا الآن هي تحصين البيت الداخلي، وإعادة المؤسسة الفلسطينية للعمل، وتوحيد الجغرافيا والمؤسسة الوطنية عبر منظمة التحرير».

وطمأن إشتيه الفلسطينيين بأن جهود المصالحة ماضية وجادة، وأنه لا عودة للمفاوضات في شكلها الذي تريده إسرائيل على الرغم من الفراغ السياسي المتوقع العام المقبل.

وقال «في عام 2012 سندخل إلى فراغ سياسي كبير، فالولايات المتحدة ستكون مشغولة بالانتخابات، وأوروبا ستنشغل بأزمة اليورو، والعرب مشغولون بربيعهم، بينما بنيامين نتنياهو وحكومته لا يريدون إلا أن يستمروا في خلق سياسة الأمر الواقع.. يعتقدون أننا سنوافق على المفاوضات لأجل المفاوضات، هذا لن يحصل».

وبالإضافة إلى جهود المصالحة التي تركز عليها قيادة السلطة الآن، فثمة مسارات أخرى ستستأنفها بعد انتهاء مهلة «الرباعية»، ورجح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، أن تبدأ القيادة حملة دبلوماسية جديدة بعد 26 يناير المقبل، بهدف نيل عضوية فلسطين في بقية المؤسسات الدولية خاصة في ظل نجاح جهود انضمام فلسطين لليونيسكو.

وتوقع عريقات، كما إشتيه، أن تفشل إسرائيل من خلال ممارساتها وسياساتها الراهنة، جهود «الرباعية» الجارية لإحياء عملية السلام، على الرغم من أن الجانب الفلسطيني بذل كل جهد ممكن للتجاوب مع اللجنة الدولية وقدم تصوراته حول قضيتي الحدود والأمن. وقال إن «أحد الخيارات المطروحة بعد ذلك، هو استئناف العمل لنيل عضوية فلسطين في المؤسسات المختلفة».

وتسعى فلسطين للانضمام إلى مؤسسات دولية مختلفة من بينها منظمة التجارة العالمية، وهو الأمر الذي تعارضه إسرائيل بشدة. غير أن عريقات قال إن السلطة لن تسمح للحكومة الإسرائيلية بالاستمرار في استراتيجيتها الحالية القائمة على فرض الأمر الواقع والإملاءات والاستيطان وإبقاء الوضع على ما هو عليه، لافتا إلى أن العام المقبل قد يشهد قرارات فلسطينية تكون بمثابة تغيير وخروج عن المألوف لضرب هذه الاستراتيجية. وأضاف «إن القيادة لن تسمح لنتنياهو بالمضي في سياساته الحالية وفي تحويل وظيفة السلطة الوطنية التي قامت بناء على اتفاق تعاقدي لنقل شعبنا من الاحتلال إلى الاستقلال إلى سلطة فارغة المضمون ذات دور اقتصادي وأمني محدود»، مؤكدا أن «السلطة هي ثمرة جهود نضال شعبنا وكفاحه.. نحن لا نتحدث عن حل السلطة، لكن من غير المسموح به كذلك اقتصار وظيفتها على دفع الرواتب وحفظ الأمن، لأنها قامت لبناء مؤسسات الدولة نحو الاستقلال الناجز والسيادة الدائمة».