مجلس الأمن يدين الاعتداء في دمشق.. وبان يدعو لتغيير سياسي شامل في سوريا ويعزي أهالي الضحايا

إيران تعتبر الاضطرابات تهديدا للبلدان في المنطقة.. وتشييع قتلى التفجيرين يتحول إلى مسيرة مؤيدة للنظام

أهالي حي الميدان بدمشق في مظاهرة من جامع الدقاق نصرة لحمص (أوغاريت)
TT

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «بالغ قلقه» إزاء تصاعد أعمال العنف في سوريا، وأدان مجلس الأمن الدولي التفجيرين في دمشق أول من أمس «بأقسى العبارات» ووصفهما بأنهما «هجومان إرهابيان». وقدم «تعازيه الصادقة إلى ضحايا هذه الأعمال الشنيعة وإلى عائلاتهم وإلى الشعب السوري». وعادة يوجه مجلس الأمن تعازيه إلى حكومة البلد الذي يتعرض لهذا النوع من الاعتداءات.

ووفقا لبيان صدر في وقت متأخر من مساء أمس الجمعة دعا بان إلى إنهاء فوري لإراقة الدماء وحث الحكومة السورية على تنفيذ مبادرة السلام التي تقدمت بها الجامعة العربية. وتابع البيان: «يحث الأمين العام على الحاجة إلى عملية شاملة وموثوق بها وشرعية بقيادة سوريا لتغيير سياسي شامل يتعامل مع الطموحات الديمقراطية للشعب السوري». وأضاف في بيان: «الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره يمثل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن العالميين، وأي أعمال إرهابية جريمة غير مبررة بصرف النظر عن الدافع وعمن يرتكبها وفي أي مكان أو زمان ترتكب».

ويطالب مسؤولون أوروبيون وأميركيون مجلس الأمن بفرض حظر على السلاح وعقوبات أخرى على سوريا بسبب حملتها ضد الاحتجاجات المناهضة لحكم الرئيس بشار الأسد، والتي يقول مسؤولون من الأمم المتحدة إنها أسفرت عن سقوط خمسة آلاف قتيل.

وتقول الدول الغربية إن قوات الأمن الحكومية مسؤولة عن معظم أعمال العنف، ولكن روسيا وهي حليف قديم لدمشق تريد أن يكون أي قرار غير متحيز. وصرح فيتالي تشوركين سفير روسيا لدى الأمم المتحدة في نيويورك بعد أن تقدمت روسيا بمسودة قرار معدلة لمجلس الأمن: «إذا كان الطلب هو التخلي عن كل إشارة إلى العنف الصادر عن المعارضة المتطرفة فهذا لن يحدث. إذا كانوا يتوقعون منا فرض حظر على السلاح فهذا لن يحدث. نعرف ما يعنيه فرض حظر على السلاح هذه الأيام، فهو يعني أن لا نستطيع توريد أسلحة إلى الحكومة ولكن يمكن للجميع الآخرين توريد أسلحة إلى جماعات المعارضة المختلفة، ورأينا ذلك في ليبيا».

وقال بيتر فيتيش سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة إن أحدث مسودة قرار روسية لم تذهب إلى مدى بعيد بما يكفي لتلبية مطالب الدول الغربية. وأضاف: «نريد وضع ثقل المجلس وراء الجامعة العربية. هذا يتضمن مطالب الإفراج عن السجناء السياسيين ويتضمن إشارة واضحة لمحاسبة الذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان». ويستخدم الأسد الدبابات وقوات الجيش لإخماد احتجاجات مستمرة منذ تسعة أشهر، واستلهمت ثورات الربيع العربي التي اندلعت هذا العام. لكنّ تفجيرَي أمس يشيران إلى تصعيد كبير.

إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أن إيران «أدانت بشدة» الاعتداءات الانتحارية، وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان أن «التهديدات الموجهة إلى الأمن القومي في سوريا والاضطرابات التي يسعى الأعداء إلى التسبب في حصولها ليست تهديدا للسوريين فقط، بل للبلدان الأخرى في المنطقة أيضا».

من جهته أدان الرئيس العراقي جلال طالباني أمس الاعتداء الانتحاري المزدوج في دمشق، داعيا إلى تعاون أكبر على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية «لمحاصرة قوى الجريمة». وقال طالباني في بيان نشر على موقع الرئاسة العراقية إنه يدين «بشدة الأعمال الإجرامية التي طالت مدينة دمشق».

وأكد أن «هذا السلوك الإرهابي الذي كان العراقيون وما زالوا يعانون من جرائمه واعتداءاته على كل الحرمات... هو خروج على كل الأعراف والقيم والشرائع». وتقدم طالباني «بأحر تعازيه إلى العائلات السورية المنكوبة، متمنيا للجرحى الشفاء العاجل، وللشعب السوري الخير والسلام»، من دون أن يذكر الحكومة السورية أو نظيره السوري بشار الأسد.

وفي دمشق شارك آلاف الأشخاص أمس في الجامع الأموي بالعاصمة السورية في تشييع قتلى التفجيرين، وقد صلى المشاركون في داخل الجامع الأموي أمام النعوش التي لفت بالأعلام السورية، بينما احتشدت خارجه جموع حملت أعلاما طبعت عليها صورة الرئيس بشار الأسد وأعلام حزب البعث الحاكم في سوريا.

وتولى عناصر من الشرطة ومدنيون مسلحون حماية المحتشدين، وقرأ وزير الأوقاف السوري عبد الستار السيد في الجامع بيانا مشتركا أصدره رجال دين مسيحيون ومسلمون.

وقالت وكالة «رويترز» إن الجنازات تحولت إلى مسيرات مؤيدة للأسد طالب فيها المشيعون بالثأر وأدانوا وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي كانت بلاده من حلفاء سوريا ثم أصبحت من أشد منتقدي نظام الأسد. وردد المشيعون الذين حملوا صورا للأسد ورفعوا الأعلام السورية هتافات تطالب برأس الشيخ حمد إلى جانب الهتاف التقليدي «بالروح.. بالدم.. نفديك يا بشار»، و«الله.. سوريا.. وبشار وبس». وقالت «رويترز» إن الكثير من النعوش كان بلا اسم حيث كان القتلى من المجهولين.

وندد رجال الدين بـ«الاعتداءات الإجرامية التي وقعت الجمعة... وبعمليات القتل والتدمير والتخريب التي ارتكبت (في إطار) مؤامرة خطرة مدبرة ضد سوريا». وأضاف البيان: «نطلب من الشعب السوري أن يدرك أن سوريا مستهدفة». وقال رجال الدين: «نؤكد أننا نقف مع الشعب السوري في مواجهة المؤامرة. نرفض كل أنواع التطرف الذي تشكله المنظمات الإرهابية». ودعا رجال الدين الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى «تحمل مسؤولياتهما».