المظاهرات تعود إلى موسكو.. والكرملين يقبل إقالة رئيس لجنة الانتخابات

إعلان 2012 عاما للمعارضة «ضد السلطة التي تكذب والنظام الذي يسرق»

عشرات الآلاف تظاهروا مجددا ضد تزوير الانتخابات في موسكو، أمس (أ.ف.ب)
TT

تحت شعارات تطالب بـ«روسيا بدون بوتين» وإعادة الانتخابات البرلمانية الأخيرة ومحاكمة مزوريها خرج عشرات الآلاف أمس إلى ساحة ساخاروف، غير بعيدة عن قلب العاصمة موسكو، وشوارع وميادين كبرى المدن الروسية، في مظاهرات حاشدة تطالب أيضا بإجراء المزيد من التغييرات والإصلاحات السياسية والديمقراطية.

وفيما أعلنوا استنكارهم لوصفهم بـ«المعارضة» في الوقت الذي قالوا فيه إنهم يمثلون الشعب، استعرض المتحدثون في مظاهرات أمس الكثير من أوضاع روسيا الراهنة مطالبين بسرعة التغيير ورحيل فلاديمير بوتين والإفراج عن المعتقلين السياسيين ومنهم الملياردير ميخائيل خودوركوفسكي. وطالب هؤلاء بضرورة الخروج في 4 مارس (آذار) المقبل للتصويت بـ«لا» ضد انتخابه إلى جانب إعلان عام 2012 عاما للمعارضة. وفي كلمته التي افتتح بها مظاهرات أمس قال المعلق التلفزيوني الشهير ليونيد بارفيونوف إن «روسيا لا تريد الثورة لما لها من تبعات جسام ولكنها أيضا لا تريد الركود»، مشيرا إلى أن بوتين يواصل البقاء في السلطة للعام الثاني عشر على التوالي فيما يطمح للبقاء لست سنوات أخرى. وأضاف بارفيونوف أن بوتين اليوم صار أشبه بالزعيم السوفياتي الأسبق ليونيد بريجنيف في أواخر سبعينات القرن الماضي، وهي السنوات التي شهدت تدهور أحواله الصحية وجنوح البلاد نحو مرحلة الركود. وقال المتحدثون من زعماء المعارضة إنهم «لا يريدون السلطة التي تسرق ويرفضون السلطة التي تكذب».

وأكد المتظاهرون أنهم لن يتوقفوا عن الخروج إلى الشارع حتى تستجيب السلطة لمطالبهم فضلا عن ضرورة تشكيل آلية للرقابة على الانتخابات الرئاسية المرتقبة وإقالة فلاديمير تشوروف رئيس اللجنة المركزية للانتخابات. وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للرئاسة استبق مظاهرات الأمس بإصدار توصيته حول ضرورة إقالة تشوروف وهو ما كانت أوساط المعارضة طرحته في صدر مطالبها إلى جانب ما رفعته من شعارات تطالب بإلغاء نتائج الانتخابات وإجراء أخرى جديدة والإفراج عن المعتقلين في الوقت نفسه الذي أعلنت فيه مصادر اللجنة المركزية للانتخابات أن إقالة تشوروف مسألة يقررها أعضاء هذه اللجنة، مما يعني أن توصية مجلس حقوق الإنسان لا تعني أي قوة قانونية.

من جانبه، أعلن ألكسي نافالني أحد أبرز زعماء المعارضة في روسيا إصرار القوى المعارضة للنظام على الخروج إلى شوارع العاصمة وكبرى المدن الروسية وإعلان عام 2012 بوصفه «عام الانتفاضات» التي قال إنها تستهدف زعزعة أركان النظام. وأضاف نافالني أن ما أعلنه الرئيس ديمتري ميدفيديف في خطابه السنوي إلى الأمة حول الإصلاحات السياسية هو استجابة طبيعية لمطالب المعارضة «نظرا لأنهم قوم ليسوا أغبياء أبدوا قدرا كبيرا من الميل نحو التطور» على حد تعبيره، وإن أشار إلى أنه لا يثق كثيرا فيما يقوله ممثلو السلطة.

وكشف نافالني الحقوقي والناشط السياسي البارز في تصريحاته إلى وكالة أنباء «رويترز» عن استعداد ما يقرب من المليون نسمة للخروج إلى الشارع إعرابا عن الاحتجاج ضد سياسات النظام في الوقت الذي خرج فيه بالأمس إلى ميدان ساخاروف الذي انتقلت إليه مظاهرات المعارضة بعيدا عن قلب العاصمة ما يقرب من المائة ألف في الوقت الذي كان مصرحا به فقط لخمسين ألف متظاهر، وهو عدد يقترب من ضعف العدد الذي خرج إلى ساحة «بولوتنايا»، غير بعيدة عن الكرملين، في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وإذ عاد نافالني إلى المطالبة بإعادة إجراء الانتخابات البرلمانية بسبب تزويرها قال إنه لا يثق في نزاهة الانتخابات الرئاسية المرتقبة التي قال إن بوتين وميدفيديف لم يسمحا بخوضها إلا لمن تم التنسيق معه حولها. وعزا المعارض الروسي المشهور ما أعلنه ميدفيديف من خطوات للإصلاح السياسي إلى ضغط الجماهير التي خرجت في مظاهرات حاشدة في وقت مبكر من هذا الشهر، وقال إنه لا يطالب برحيل بوتين بقدر ما يطالب بإجراء انتخابات نزيهة سيكون لها القول الفصل.

ومن اللافت في مظاهرات الأمس أن كسينيا سوبتشاك نجمة التلفزيون المثيرة للجدل وابنة نجم المرحلة الديمقراطية أناتولي سوبتشاك المعروف بأنه أستاذ بوتين الذي جاء به إلى أروقة السلطة، كانت ضمن المتحدثين من زعماء المعارضة وأدانت صراحة توارث السلطة بين بوتين وميدفيديف، مؤكدة أن «السلطة ليست كرة يتقاذفها اثنان» إلى جانب ضرورة عدالة الانتخابات وعدم احتكار حزب بعينه للسلطة في روسيا.

وفيما كان المتظاهرون يرفعون الرايات الحمراء وأعلام الاتحاد السوفياتي السابق وعلم روسيا الاتحادية، انتشرت في سماء المكان البالونات البيضاء، وزينوا صدورهم بالأشرطة البيضاء التي طالب منظمو المظاهرات بعدم إزالتها بعد الخروج من المظاهرة وعدم الخوف من ملاحقة ممثلي الأجهزة الأمنية. ورغم تحذيرات قيادات المعارضة بضرورة الابتعاد عن كل ما من شأنه إفساد الطابع السلمي للمظاهرة وتحييد العناصر التي قد تنال من هذه الأجواء، نجح ممثلو التنظيمات القومية في التسلل إلى صفوف المتظاهرين تحت شعارات تدعو إلى العنصرية وإعلاء الجنس الروسي في دولة متعددة القوميات.

وكانت موسكو وسان بطرسبورغ وعدد من المدن الروسية شهدت أيضا عددا من مظاهرات الأحزاب الرسمية الممثلة في البرلمان، ومنها الحزب الشيوعي والليبرالي الديمقراطي المعروف تحت اسم «جيرينوفسكي»، وإن كان عدد المشاركين فيها أقل بكثير من تعداد مظاهرات المعارضة التي أقر زعماؤها بالعودة إلى مثلها خلال الأسابيع القليلة القادمة.