قيادي إخواني يتراجع عن اتهامه لـ«الاشتراكيين الثوريين» بمحاولة إسقاط الدولة

مراقبون يعتبرونها خطوة لردم الهوة التي أبعدت الجماعة عن القوى الثورية

شابان مصريان يتطلعان من ثقوب في جدار أمام مجلس الوزراء غطته الرسوم الجدارية التي تعبر عن روح الثورة أمس (أ.ف.ب)
TT

في خطوة مهمة، احتوت جماعة الإخوان المسلمين في مصر بوادر أزمة بينها وبين عدد من القوى السياسية في البلاد، بعد تنازل قيادي بها عن بلاغ للنائب العام يتهم فيه حركة الاشتراكيين الثوريين، التي لعبت دورا مهما في تنظيم ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، بالتخطيط لحرق مؤسسات الدولة وإسقاطها، وهو ما رفضته القوى الثورية معتبرة إياه محاولة لتخوين الثوار، وتقديم الجماعة الأكثر تنظيما في البلاد أوراق اعتمادها للمجلس العسكري (الحاكم)، لتحل محل الحزب الوطني (المنحل) كذراع سياسية له.

وكان القيادي الإخواني جمال تاج الدين، رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين، تقدم قبل يومين ببلاغ للنائب العام ضد 3 من أعضاء حركة «الاشتراكيين الثوريين»، اتهمهم فيه بالتحريض على إسقاط وحرق بعض مؤسسات الدولة، إلا أن تاج الدين تراجع عن بلاغه أمس، عقب تصريحات أدلى بها أمين عام حزب الحرية العدالة، الدكتور محمد البلتاجي، وأكد فيها أن محاربة الفكر لا تكون إلا بالفكر. وقال تاج الدين لـ«الشرق الأوسط»: «تراجعت عن البلاغ بعد أن تأكدت من عدم وجود نية لديهم لاتخاذ أي إجراءات من التي أعلنوها بأحد مؤتمراتهم حول إسقاط الدولة والصدام بين الجيش والشعب».

وقال القيادي الإخواني علي عبد الفتاح، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه اقنع جمال تاج ومقدمي البلاغ بالتراجع عنه، وتابع «إننا نمر بمرحلة فارقة في تاريخ مصر تقتضي أن نتحرك برؤية استراتيجية واسعة تستوعب الجميع من دون تخوين أو تخويف لأحد»، مشيرا إلى أن «الإخوان» رغم كونهم مختلفين مع «الاشتراكين الثوريين» في منهج التغيير؛ فإنه لا يصح أن تتصدى تيارات سياسية لبعضها بعضا وأن تقوم بتصيد الأخطاء، لافتا إلى أن مثل هذه الخطوة (البلاغ) يجب أن يقوم بها النظام لا القوى السياسية.

وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان، التي حصلت على أكبر عدد من مقاعد مجلس الشعب حتى الآن، استنكرت على لسان متحدثها الإعلامي الدكتور محمود غزلان، البلاغ المقدم من أحد قيادييها ضد حركة الاشتراكيين الثوريين، مؤكدا أنه لا يعبر عن الجماعة وأنه موقف شخصي لمقدم البلاغ؛ فإن الصحيفة الرسمية لحزب الحرية والعدالة والتي تحمل اسم الحزب (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) واصلت حملة وصفت بـ«الشرسة» ضد الحركة.

ونددت اللجنة التنسيقية للقوى الاشتراكية والشعبية في مصر، والتي تضم حزب التجمع والحزب الاشتراكي المصري والحزب الشيوعي المصري وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي وحزب العمال والحركة الثورية الاشتراكية، في بيان لها أمس بما سمته بالهجمة الشرسة ضد الثورة المصرية وقواها الرئيسية، معتبرة أن أحد مظاهر هذه الهجمة الحملة ضد «منظمة الاشتراكيين الثوريين»، داعية كل القوى الوطنية والديمقراطية للتصدي لهذه الممارسات اللاديمقراطية.

من جانبه، اعتبر ائتلاف شباب الثورة البلاغ ضد «الاشتراكيين الثوريين»، يُذكر بما قام به الرئيس الأسبق أنور السادات عندما أعطى الضوء الأخضر لـ«الإخوان المسلمين» والإسلاميين الجهاديين للقضاء على الفصائل الثورية الاشتراكية في عهده، ثم تفرغ لهم وأمعن في قمعهم، معتبرا أن التاريخ يعيد نفسه في تلك الواقعة.

وأكد ائتلاف شباب الثورة الذي يضم عددا من قيادات شباب «الإخوان» المفصولين من الجماعة، اعتزازه بفصيل الاشتراكيين الثوريين كأحد أبرز الفصائل الثورية التي أسهمت في نجاح الثورة المصرية، معتبرا أن تهمة حرق مؤسسات الدولة التي وجهت لهم هي تهمة زور وزائفة؛ لأن ذلك ليس من وسائل الاشتراكيين الثوريين الذين يعتمدون دائما على الإضرابات والمظاهرات والاحتجاجات السلمية كوسيلة للتغيير.

ويقول مراقبون إن جماعة الإخوان المسلمين فقدت كثيرا من ثقة القوى السياسية بغيابها المتكرر عن الدعوات المليونية التي دعت لها قوى سياسية خلال الشهور الماضية، وهي تحاول جسر الفجوة التي لا تزال تتسع.

وتفاقمت حدة الاختلافات بين القوى السياسية وجماعة الإخوان المسلمين وحزبها (الحرية والعدالة)، على خلفية موقفيهما من أحداث شارع محمد محمود (محيط وزارة الداخلية) والتي شهدت اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين في ميدان التحرير الشهر الماضي، وسقط خلالها 42 قتيلا، حيث رفضت الجماعة دعوات للتظاهر لوقف العنف، وارتفعت حدة السجال عقب أحداث فض اعتصام مجلس الوزراء قبل أسبوعين، والتي شهدت سقوط 18 قتيلا عقب اشتباكات بين قوات الجيش المصري ومعتصمين احتجاجا على تكليف كمال الجنزوري برئاسة الوزراء.

وتشكلت منظمة الاشتراكيين الثوريين أواخر ثمانينات القرن العشرين، بين عدد صغير من الطلاب المتأثرين بالأفكار الاشتراكية والشيوعية، وتم اعتماد الاسم الحالي بحلول أبريل (نيسان) من عام 1995.