مصر تنقسم بعد أسبوع من العنف

المجلس العسكري: المتظاهرون نتاج مخطط أجنبي

TT

أعد النشطاء خطة في محاولة لمواجهة الخطاب الذي يبثه تلفزيون الدولة وقادة المجلس العسكري الحاكم والذي يصور من خلاله المتظاهرين المعارضين للمجلس العسكري على أنهم بلطجية ومثيرو شغب.

غادرت مجموعة النشطاء ميدان التحرير، أيقونة الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في البلاد في بداية الشتاء الماضي والذي أصبح الآن مركز ثورة موجهة ضد المجلس العسكري، وأقاموا شاشات وأجهزة عرض في العديد من مناطق العاصمة لبث مقاطع فيديو تعرض الأعمال الوحشية التي ارتكبتها قوات الجيش ضد المتظاهرين للمصريين الذين لم يشاهدوها بشكل حي هذا الأسبوع. لكن بدلا من المساعدة في كشف الحقائق، سار المخطط مسارا عكسيا في بعض الأحياء، حيث كشف عن فجوة تزداد اتساعا بين من يدعمون المجلس العسكري ومن يرغبون في أن يترك السلطة. وفي مكان واحد على الأقل، تم طرد النشطاء من قبل السكان المتعاطفين مع ادعاءات المجلس العسكري بأن المتظاهرين هم نتاج مخطط أجنبي وعملاء يتقاضون أموالا من أجل زعزعة استقرار مصر. ففي حي مصر الجديدة الراقي شرق العاصمة، اعترض عبد الحي جلال (38 عاما)، مسيرتهم إلى ميدان تريومف، حيث يعمل بمحل زهور. وانضم إليه آخرون وأجبروا النشطاء على مغادرة المكان وقاموا بتحطيم الشاشة التي كانوا يحملونها.

«ليبقوا في ميدان التحرير ويتظاهروا هناك. نحن لا نريد أن تعم هنا حالة من الفوضى»، هكذا تحدث. وأضاف: «لا نريد حرق مبان وخياما». في الأسابيع الأخيرة، بدت مصر أكثر انقساما من ذي قبل، من خلال خروج أعداد متزايدة من المصريين الذين يدعمون المجلس العسكري الحاكم إلى الشوارع لمواجهة هؤلاء المطالبين برحيله. كذلك، استجاب كثير من المصريين لدعوات من جانب المجلس العسكري بالإبلاغ عمن يشتبه في مشاركتهم في أعمال شغب وتخريب. ويرى محللون أن حالة التوتر الناشئة نتيجة لذلك ربما تقود إلى حرب أهلية. «إن الشعور المتقد بأن البلاد على شفا حالة من العنف الشديد، إضافة إلى التصريح باستخدام العنف ضد الخارجين عن القانون ومثيري الشغب والأطراف الخارجية، غاية في الخطورة»، هذا ما قالته هبة مورايف، الباحثة في الشؤون المصرية بمنظمة «هيومان رايتس ووتش».

تجلى هذا الانقسام بشكل واضح في القاهرة يوم الجمعة، حيث اندلعت مظاهرات مضادة على بعد بضعة أميال.

تدفق عشرات الآلاف من المصريين إلى ميدان التحرير حاملين صورا لنساء عزل تم سحلهن في الشوارع على أيدي ضباط جيش. وحمل آخرون صورا لشيخ وطبيب شاب وآخرين من بين 17 شخصا على الأقل راحوا ضحية الاشتباكات التي بدأت الأسبوع الماضي بعد أن حاول الجيش فض اعتصام أمام مقر مجلس الوزراء. يذكر أن كثيرا من هؤلاء الضحايا قد لقوا مصرعهم جراء إصابات بطلقات نارية.

وعلى بعد بضعة أميال، في حي العباسية، لوح آلاف من المتظاهرين المؤيدين للمجلس العسكري بالأعلام ووجهوا اتهامات للمراسلين الأجانب بفبركة صور تجسد انتهاكات من جانب الجيش ضد المدنيين وحمل بعضهم لوحة كبيرة طالبوا فيها وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، التي انتقدت الاستخدام المفرط للقوة في مصر هذا الأسبوع، بعدم التدخل في شؤون مصر والاكتفاء بمراقبة زوجها. وذكر عدد من الصحافيين أنهم طردوا من المنطقة، كما هوجم بعضهم وسط اتهامات بأنهم يساعدون في تدمير مصر.

وقالت رشا عزب، ناشطة سياسية، إنها ليست واثقة مما إذا كان جهاز عرض وبضع شاشات كافية لمواجهة التلفزيون الحكومي، الناطق باسم المجلس العسكري وتجديد «روح» الثورة. وقالت: «إذا ظلت أعدادنا قليلة جدا بهذا الشكل، فسوف تتم إبادتنا». وأشار كثيرون إلى أنهم يعتقدون أن مقاطع الفيديو التي تصور ضباط الجيش يطلقون النار على المتظاهرين العزل ويضربونهم ويسحلونهم بوحشية ما هي إلا مقاطع مفبركة وأن المتظاهرين يشوهون صورة مصر ويضرون باقتصادها بالغ الضرر.

وقد أطلقت فاطمة رياض، وتعمل محامية، صفحات على «فيس بوك» تروج فيها لتلك الأفكار وزارت ميدان التحرير في محاولة لإقناع المتظاهرين بالعودة إلى بيوتهم.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»