ارتباك في المشهد السياسي العراقي بعد قرار القضاء إعادة التحقيق في قضية الهاشمي

قيادي في ائتلاف المالكي لـ«الشرق الأوسط»: مذكرة اعتقال نائب رئيس الجمهورية لم تصدر من قاض منفرد

TT

فاجأت السلطة القضائية العراقية جميع الأطراف السياسية عندما أعلنت أنها قررت إعادة التحقيق في قضية نائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، الذي أجراه من قبل قاض منفرد. وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان له أمس إن «الهيئة القضائية الخماسية المكلفة بالتحقيق في التهم الموجهة لنائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، قررت إعادة التحقيق الذي أجري من قبل قاض منفرد».

ويأتي إصدار هذا البيان المقتضب بعد أن بلغت الأزمة السياسية في العراق ذروتها، لا سيما بعد فشل الاجتماع الذي كان مقررا الجمعة الماضي لقادة الكتل البرلمانية، بسبب اعتراضات ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء، نوري المالكي، وأطراف من التحالف الوطني زج قضية الهاشمي في المعترك السياسي، بينما يراد لها أن تظل قضائية بحتة.

الرئيس العراقي جلال طالباني فاجأ هو الآخر الأوساط السياسية، وفي مقدمتها رئيس الوزراء نوري المالكي، وقبل يوم واحد من قرار القضاء إعادة النظر بالقضية، عندما أعلن أن نائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، ضيف عليه، وأنه مستعد للمثول أمام القضاء متى توفرت شروط العدالة، وهو ما يعني ضمنا عدم اعتراف طالباني بـ«قصة التحقيق» التلفزيوني الذي أجري مع عناصر حماية الهاشمي.

من جهته، أعلن ائتلاف دولة القانون أنه «يحترم القضاء العراقي ولا يشكك في نزاهته تحت أي ظرف من الظروف، ومهما كانت الأسباب». وقال عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون، إحسان العوادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على خلفية قرار القضاء إعادة التحقيق في قضية الهاشمي: «نحن في التحالف الوطني بشكل عام ودولة القانون بشكل خاص لا يمكن أن نشكك في نزاهة القضاء العراقي، لأننا نريد أن نرسي دولة القانون وأن نبعد القضاء عن التجاذبات السياسية»، مشيرا إلى أن «دولة القانون تدعم كل ما يصدر عن القضاء وعبر مختلف الآليات التي تبعها في عمله، من منطلق ثقتنا في الإجراءات القضائية، وبالتالي فإننا لا مشكلة لدينا في هذه الناحية، حتى لو أصدر القضاء قرارا ليس في إعادة النظر بالتحقيق في قضية الهاشمي، بل حتى لو تمت تبرئته أو إدانته».

وأوضح العوادي أن «ما أريد تأكيده هنا نقطة أساسية، وهي أن المذكرة التي صدرت بحق السيد طارق الهاشمي لم تعتمد على تحقيق انفرادي من قبل قاض واحد، بل هي صدرت من قبل خمسة من قضاة التحقيق وبالإجماع، بعد أن درسوا القضية بكل حيادية ودون تدخل من أحد»، واعتبر أن «من الضروري إخضاع الملف للجوانب القانونية بعيدا عن الأجواء السياسية وهو ما لا نعتقد خضوع القضاء له»، معترفا بوجود «بعض الثغرات في القضاء إلا أننا لا نملك إلا أن ندعم أي إجراء تتخذه السلطة القضائية، في حال تم الالتزام بالسياقات القانونية الصحيحة».

وفي سياق متصل، أكد رئيس الجمهورية جلال طالباني أن الأطراف المختلفة ستعقد اجتماعا لحلحلة الأوضاع في البلاد خلال الفترة القليلة المقبلة. وقال الطالباني في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي أمس على هامش اتصال هاتفي مع الأمين العام لجامعة العربية نبيل العربي: «إننا ماضون باتجاه إيجاد حل سريع، وقد تم الاتفاق على تهدئة الأوضاع»، مؤكدا أن «الأطراف المختلفة ستعقد اجتماعا لحلحلة الأوضاع في البلاد».

بدوره، زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أن إثارة قضية الاعترافات المتعلقة بالهاشمي يمكن أن تؤدي إلى أمور مضرة بالبلد ووحدته الوطنية. وقال بيان للمركز الإعلامي للهيئة السياسية لمكتب الصدر إن «إثارة هذه القضية يراد منها إجهاض العملية السياسية الحالية، لأن البعض قد يجمد عمله أو ينسحب منها، ومنها إجهاض الاستتباب الأمني الصوري الموجود حاليا، ومنها تشويه سمعة رئيس الوزراء من ناحية التحالفات معه، ولم يجد ولن يجد شريكا له في المستقبل، وكذلك تشويه سمعة العملية السياسية برمتها». وأضاف الصدر أن «هذا يزيد من العزلة التي يعيشها العراق، ومن هذه الآثار أيضا أن تلك الأمور تؤدي إلى صيرورة الحكومة حكومة الحزب الواحد وبالتالي تسلطها على جميع الرقاب»، مشيرا إلى أن «من آثار ذلك التحكم بالقضاء العراقي وعدم إعطائه الفرصة للعمل من أجل إحلال العدالة»، مؤكدا أن أمر محاكمة الهاشمي «يجب أن تكون تحت نظر البرلمان والشعب، بل وحتى عزلهم من مناصبهم يجب أن يكـــــون قـــانونيـــــا، لا بيد غيرهم أبدا».