النجيفي يدعم الفيدرالية من صلاح الدين بعد يوم من رفض المالكي لها في بغداد

مقرب من رئيس البرلمان لـ«الشرق الأوسط»: لا توجد سياسة واضحة لمستقبل البلاد

TT

لم يتأخر أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، كثيرا للرد على نوري المالكي، رئيس الوزراء، بشأن قضية الفيدرالية.. تلك القضية التي تفجرت على نحو مفاجئ في محافظة صلاح الدين قبل أكثر من شهرين على أثر قيام الأجهزة الأمنية بحملة اعتقالات لبعثيين وضباط سابقين كانت قد سبقتها حملة «اجتثاث» لعشرات الأساتذة والأكاديميين وموظفي جامعة تكريت بدعوى الانتماء لحزب البعث والأجهزة القمعية للنظام السابق.

المالكي لم يقم بزيارة مدينة تكريت (مسقط رأس صدام حسين) على الرغم من قطعه أكثر من وعد لبعض السياسيين والنواب من أبناء المحافظة من المقربين منه وخصوم القائمة العراقية وفي مقدمتهم النائب قتيبة الجبوري رئيس كتلة «العراقية البيضاء» وعلي الصجري وزير الدولة السابق للشؤون الخارجية، لكنه التقى أول من أمس، وفي ظل أزمة محتدمة تشهدها البلاد منذ أكثر من أسبوع على خلفية صدور مذكرة اعتقال بحق نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أعقبتها موجة تفجيرات، عددا من شيوخ عشائر صلاح الدين ليكرر أمامهم احترامه للدستور العراقي الذي أقر الفيدرالية ومخاوفه من أن تؤدي هذه الفيدرالية «الدستورية» إلى تقسيم العراق بوصفه بلدا موحدا وليس ولايات على غرار «الولايات المتحدة الأميركية» أو إمارات على غرار «الإمارات العربية المتحدة».

لكن رئيس البرلمان العراقي له رأي مغاير للمالكي ولمعظم قيادات التحالف الوطني بشأن قضية الفيدرالية.. فقد سبق لعدد من القيادات المنتمية لائتلاف دولة القانون أن شنوا حملة اتهامات ضد النجيفي على خلفية تصريحات له في واشنطن ولندن بشأن إمكانية أن يلجأ العرب السنة في العراق في المحافظات الغربية إلى خيارات صعبة مثل الانفصال والفيدرالية في حال بقيت سياسات التهميش والإقصاء والاجتثاث تلاحقهم. وبعد نحو شهر على التصريحات التي أدلى بها النجيفي خلال الزيارتين للعاصمتين الأميركية والبريطانية ترجمت صلاح الدين ما كان قد توقعه النجيفي إلى واقع حال، وهو ما جعله مع كل من طارق الهاشمي (المطلوب للقضاء الآن من قبل المالكي) وصالح المطلك (المطلوب سحب الثقة منه من قبل المالكي أيضا) من أكبر الداعمين لفكرة الأقاليم. وخلال زيارته أمس إلى صلاح الدين أكد النجيفي أن «إرادة الأقلمة يحددها شعب المحافظة والقانون عبر صناديق الاقتراع».

القيادي في القائمة العراقية مقرر البرلمان والمقرب من النجيفي، محمد الخالدي، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المهم في الأمر الآن ليس من يؤيد الفيدرالية أو من يرفضها سواء كان المالكي أو النجيفي، بل السؤال المهم الآن هو إلى أين يسير البلد على صعيد تحديد سياسته العامة»، مشيرا إلى أن «المفارقة اللافتة فعلا هي أن من كان من أشد مؤيدي الدستور بالأمس وما تضمنه من نصوص دستورية صريحة حول النظام الفيدرالي يعلن رفضه ويتخوف من أن يكون ذلك مدخلا لتقسيم العراق بينما من كان رافضا يقبل اليوم». وأضاف الخالدي أن «المسألة تنحصر في طبيعة السياسة المتبعة وبالتالي فإن أمامنا كعراقيين عدة خيارات في هذا المجال لكن لا بد أولا أن يجلس الفرقاء السياسيون الرافضون منهم والمؤيدون لاختيار أحدها، وهي إما أن نتجه إلى الأقاليم ونقصي المركزية، وإما نمنح المحافظات صلاحيات واسعة مع حكومة مركزية وبدون أقاليم، وإما منح المحافظات صلاحيات تقترب من الفيدرالية مع حكومة اتحادية ليست قوية لا سيما على صعيد الخدمات والشؤون المحلية». وأضاف أن «النجيفي سبق أن طالب قبل شهور بإلغاء نحو خمس وزارات ذات طابع خدمي وتوزيع مهامها على المحافظات وهو ما يعتبر حلا للأزمة الراهنة لا سيما أن الدستور العراقي لا يتكلم إلا عن خمس وزارات اتحادية وما عداها يمكن أن تتحول كلها إلى المحافظات». وأكد الخالدي أنه «إذا كان المالكي لا يريد مزيدا من الفيدراليات من منطلق خوفه على وحدة البلد فعليه توسيع صلاحيات المحافظات بشكل صحيح وحقيقي وليس بالكلام، لأن الناس لم تعد تقتنع بالوعود وهناك مخاوف مشروعة حتى في المحافظات الجنوبية من الاتجاه نحو مزيد من التفرد بالسلطة والمركزية، وهو ما يتناقض مع ما أقره الدستور أصلا».