آلاف الجنود يحاصرون بابا عمرو بحمص.. والمجلس الوطني يدعو المراقبين العرب لزيارته

ناشط من الحي لـ«الشرق الأوسط»: الأهالي محاصرون... والقنص والقتل يستهدفان عائلات بأكملها

جانب من تشييع أحد قتلى الثورة السورية في ريف دمشق أمس
TT

فيما يستمر الوضع الميداني السوري بالتفاقم على أكثر من صعيد مع تزايد العمليات العسكرية الدامية، تعيش مدينة حمص «ظروفا تعيسة» حيث تكثف قوات الأمن السورية من عملياتها في أحياء كثيرة من المدينة ولا سيما في حي بابا عمرو الذي يعاني «حصارا خانقا» من قبل آلاف الجنود السوريين.

وقال ناشطون ميدانيون إن «مدينة حمص السورية لا تزال تقبع تحت الحصار، حيث تتعرض أحياؤها وشوارعها لقصف مدفعي حاد من مدرعات عسكرية تابعة لقوات الأمن السورية». ويشير الناشطون إلى «سقوط أفراد عائلات كاملة كضحايا لهذا القصف الذي لا ينقطع منذ أيام، لا سيما أن المدينة لا تزال عصية على القوات الأمنية».

وشدد رامي «عضو في تنسيقية حمص» على أن «ما يقارب الأربعة آلاف جندي دخلوا منذ صباح أمس حي بابا عمرو وحاصروه من جهاته الأربعة، حيث يتموضع مئات الجنود المنشقين في كليات جامعة خالد بن الوليد والوحدات السكنية التابعة للمدينة الجامعية، وفي حي الشماس والسكن الشبابي وداخل حي الإنشاءات»، موضحا أنه «تم إفراغ بيوت من سكانها حيث يتم اعتقال بعض الشباب والناشطين، وتم احتلال المباني السكنية لجعلها مراكز لضباط النظام وشبيحته».

وأكد رامي الذي يتابع الوضع الميداني في حمص بكل حذافيره أنه منذ أسبوع ودبابات «تي72» تتموضع عند المفارق الرئيسية على طول طريقي حماة ودمشق بأعداد تتجاوز العشرين دبابة». وأشار إلى أنه «منذ صباح أمس تتوزع خمسون دبابة عند الجهة الغربية لحي بابا عمرو، وعدد آخر يقارب الثلاثين في محيطه». وقال: «تم ملء ساقية الري التي تمر على حواف حي بابا عمرو بالنفط وإشعالها لمنع الناس من الخروج من الحي ولمحاصرتهم ومنع دخول المعونات الشحيحة التي تأتيهم من سكان بعض أحياء باب الدريب والغوطة وحي الإنشاءات إلى حيهم المنكوب». وذكر رامي في اتصال مع «الشرق الأوسط» أنه «تمت مداهمة منطقة جوبر قرب بابا عمرو ومنطقة البساتين وتم اعتقال العشرات من الشباب». وأضاف أن «كل منزل فارغ في منطقة البساتين لا يوجد فيه أصحابه يتم حرقه وقتل الماشية الموجودة فيه انتقاما من السكان وحرق الزرع من حوله، وقد تم قصف بيوت في جورة العرايس عند المدخل الشمالي لحي بابا عمرو من قبل عساكر موجودين في حاجز الجسر، كما قصفت بيوت أخرى في وسط بابا عمرو مما عرض عائلات كاملة فيها للموت كعائلة الطفلة ريما المحيميد التي استشهدت مع أفراد عائلتها ولم يستطع الشباب إسعاف كل من في المبنى، وعدد الذين قتلوا غير معروف بدقة بسبب عدم قدرة شباب الحي على التجوال بشكل حر حيث إنهم مهددون بالقنص العشوائي من قبل قوات النظام المنتشرين في كل محيط بابا عمرو».

وقال: «تم إطلاق النار على الصيدلاني محمد العوض بثلاث طلقات بتهمة حيازة أدوية إسعافية»، ساخرا من ذلك بقوله: «إذا كان الصيدلي يتهم بملكية أدوية فماذا يتوقعون أن يبيع، دواء غسيل مثلا؟!». وأشار إلى أن «عدد شهداء حي بابا عمرو وصل إلى أكثر من أربعة شهداء أمس فقط، وهذه حصيلة الأشخاص الذين تم الوصول لهم وهناك آخرون لم يصل الشباب إليهم، كما أن هناك معتقلين تم أخذهم للمستشفى العسكري وهم مصابون بجراح ونحن نتخوف من أن يحصل معهم ما يحصل في العادة من قتل وتصفية على يد أشخاص تابعين للنظام، حيث يدخل الشخص جريحا ويخرج من هناك مقتولا ويضطر أهله إلى توقيع ورقة بأن ابنهم قتل على يد مجموعات إرهابية حتى يتم تسليم الجثة لهم».

وأوضح رامي أن «مناطق عدة في حمص يكثف الأمن فيها دمويته حيث يطلق النار على كل من يحاول التجمع والتظاهر فيها»، مضيفا أنه «منذ فجر أمس اقتحمت قوات الأمن قرى الحولة واعتقلت عددا من الشباب ثم وجدت جثثهم قرب القرية شهداء، وفي مناطق حمص انتفض الأهالي لنصرة سكان حي بابا عمرو المحاصرين حيث خرجوا في مسائيات غاضبة، ومظاهرات كبيرة تفتدي فيها بابا عمرو وتسأل الله الفرج». وقال: «في وادي العرب في حي البياضة حيث حاول الشباب التجمع تم إطلاق النار على المتظاهرين، مما أوقع طفلا بعمر 8 سنوات قتيلا، وفي حي الخالدية استهدف قناص شابا عمره 14 عاما وهو الآن في حالة خطرة، كذلك تمركز القناصون على سطح القلعة حول منطقة حمص القديمة وباب السباع وتحولت القلعة لمركز أمني كبير، وفي مساء أمس لا يزال يسمع الأهالي في أكثر من حي أصوات انفجارات فور خروج المظاهرات في الأحياء، ونقلت أنباء عن إصابات عديدة في مناطق مختلفة».

وأشار إلى أن «قوات الأمن قتلت الحاج غازي زعيب وهو أمين سابق لفرع لحزب البعث في حمص وزوجته حيث تم إعدامهما في بساتين بابا عمرو حيث يسكنان، وزغيب من أبناء حي بابا عمرو ويعيش فيه منذ بداية الانتفاضة وقد فقد خمسة من أفراد عائلته شهداء، وقد قدم فيه أكثر من تقرير أمني وبإخوته بحجة أنهم صامتون ولم يقفوا ضد المظاهرات».

وفي غضون ذلك، دعا المجلس الوطني السوري أكبر حركات المعارضة الجامعة العربية التي يفترض أن تصل بعثة من مراقبيها إلى دمشق اليوم، إلى التوجه إلى حمص. وتشكل حمص ثالث مدن البلاد وتبعد نحو 160 كلم شمال دمشق، معقل الحركة الاحتجاجية ضد نظام بشار الأسد التي بدأت منتصف مارس (آذار). وقد شهدت مظاهرات كبيرة ضد السلطات إلى جانب مواجهات بين الجيش ومنشقين عنه، حسب المعارضة.

وقال المجلس في بيان تسلمت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه أن «حي بابا عمرو شهد منذ الصباح حصارا شديدا وتهديدا خطيرا باقتحام أحياء من المدينة بقوة عسكرية تقدر بأربعة آلاف شخص». كما أشار إلى «قصف شديد طال حمص طوال الأيام التي مضت».

وحذر المجلس من «تهديد حقيقي بارتكاب مجازر وجرائم بحق الإنسانية في حمص التي يستغيث أهلها وينذرون بالخطر المحدق بهم إن لم تتحرك الجامعة العربية وترسل مراقبيها إلى هناك فورا».

ودعا المجلس الوطني السوري المراقبين العرب إلى «التوجه بشكل عاجل وفوري إلى حمص والدخول إلى الأحياء المحاصرة فورا والقيام بالواجب الذي حضروا من أجله».

إلى ذلك، أصيب أربعة مدنيين واعتقل 27 آخرون على الأقل في عمليات دهم طاولت قرية الجرذي في دير الزور (شرق) أمس. وفي ريف دمشق، أصيب خمسة مدنيين برصاص قوات الأمن في حي السيدة زينب «فيما كانوا عائدين من تشييع مدني استشهد السبت (أول من أمس)».