السعودية ترفع مخصصات قطاع المياه والزراعة 13% بضخ 57 مليار ريال

خبراء: الميزانية ستساهم في تنويع مصادر مياه الشرب ودعم الأبحاث الزراعية

TT

خصصت الحكومة السعودية مبلغ 57.5 مليار ريال لدعم قطاع المياه والزراعة بزيادة نسبتها 13 في المائة عن العام الماضي، واعتبر خبراء أن هذا التوجه سيساهم في تنويع مصادر أخرى للمياه، ومعالجة مشكلات التسريبات المياه، خصوصا بالمدن الكبرى، إضافة إلى دعم الأبحاث في الشأن الزراعي بمختلف أنواعه.

وتضمنت الميزانية مشاريع جديدة وزيادات لمشاريع معتمدة لتوفير المياه الشرب، وتعزيز مصادر المياه، وتوفير خدمات الصرف الصحي، والسدود وحفر الآبار، وكشف التسربات للمياه بداخل الأحياء السكنية، بما يعرف بالمياه الجوفية، مع استبدال شبكات المياه والصرف الصحي القديمة، وترشيد استهلاك المياه الكهرباء، واستكمال التجهيزات الأساسية بمحطة تحلية المياه برأس الخير، وتطوير وتحديث وتوسعة محطات التحلية القائمة.

كما تضمنت الميزانية مشاريع وزيادات لإنشاء صوامع جديدة وتوسعة القائم منها، وتغطية قنوات الري الرئيسية بالأحساء، وتطوير البنى التحتية للمدن الصناعية بمختلف مناطق السعودية، وتعزيز البنية التحتية وتوفير ودعم المرافق العامة والخدمات في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، ورأس الخير للصناعات التعدينية، وتنفيذ بعض الأعمال الإنشائية في المحميات الطبيعية.

وتهدف السعودية إلى مواجهة الطلب المتزايد على المنتجات الزراعية، وذلك لزوم غذاء المواطن والاستثمار في المجال الزراعي، سواء بشقه النباتي أو الحيواني، والاستثمار في زراعة الخضراوات والتمور في بعض المناطق، إضافة إلى دعم إنتاج الخضراوات في البيوت المحمية، والذي سجل نجاحا باهران بعد حصول المزارعين على الدعم المقدم لهم من قبل الدولة، مثل إعطاء المنح الزراعية بالمجان أو الإيجار الرمزي، وكذلك إعطاء القروض الزراعية ودعم آليات الإنتاج الزراعية، التي تعمل على ما من شأنه رفع كفاءة الإنتاج، وتوفير التكاليف وخفضها.

وأوضح المهندس محمد بخاري الخبير الزراعي أن هذه الميزانية ستساهم بشكل كبير في دعم المزارعين، ويجب أن تخصص ميزانية مناسبة لدعم الأبحاث الزراعية، خصوصا أسباب ملوحة الأراضي، في المناطق الزراعية كنجران مثلا التي تسببت الملوحة في تخفيض الإنتاج السنوي بها وتضرر المزارعين كثيرا، ويجب دعمهم في ذلك.

وقال بخاري لـ«الشرق الأوسط» إن الدولة لم تغفل أهمية دعم مياه الشرب وإيصالها للمنازل، سواء عن طريق التحلية أو حفر الآبار، ويجب الاستفادة من هذه الميزانية في البحث عن مصادر جديدة للمياه».

وأضاف: «يعاني معظم الأحياء بالمدن الكبرى، وخصوصا مدينة جدة، من تسربات المياه، حيث تقدر بـ35 في المائة من كمية المياه المحلاة، وتسبب في مشكلات في البنى التحتية لتلك الأحياء والمساكن».

وطالب الخبير الزراعي مشعل الحربي بضرورة دعم المخزون الاستراتيجي للبلاد، وإعادة هيكلة الصوامع، والتحكم في أسعار السلع الغذائية من خضراوات وفواكه، إلى جانب تفعيل دور الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني، إلى جانب تطوير نظام صندوق التنمية الزراعية ليقوم بتمويل الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج.

وكانت دراسة حديثة عرضت في منتدى الرياض مؤخرا لضرورة وجود كيان مؤسسي مسؤول عن الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية بشكل محدد في المملكة، إلى جانب وجود تضارب أو عدم تنسيق بين الجهات ذات العلاقة بالإنتاج أو الاستيراد أو الاستثمار الزراعي لهذه السلع، فضلا عن ضرورة الحفاظ على مخزون استراتيجي كافٍ من السلع الغذائية الأساسية حتى لا يتعرض المعروض في السوق المحلية لأي هزات نتيجة انخفاض المعروض عالميا من تلك السلع.

وكشفت أن أهم العوامل المحلية المؤدية إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية في السعودية تتلخص في قلة الدعم الحكومي للسلع الغذائية، ولجوء بعض تجار الجملة والتجزئة والمستوردين إلى رفع الأسعار، وضعف الرقابة الحكومية على أسعار السلع الغذائية. وأكدت على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي لأهم السلع الاستراتيجية من خلال اتباع سياسة تكاملية بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الزراعي السعودي في الخارج.

وأوضحت أن السعودية تعاني شحا في الموارد المائية نظرا لافتقارها إلى الأنهار والأمطار الغزيرة المنتظمة، وبالتالي فإن الضغط على الزراعة المحلية لتحقيق الأمن الغذائي لسلع معينة سيكون على حساب الإمكانات الموردية، وأهمها الموارد المائية التي يتطلب الأمر ترشيدها بغرض التنمية المستدامة والحفاظ عليها لمستقبل الأجيال القادمة.

ودعت الدراسة للاستفادة من التجارب الناجحة في تحقيق الأمن الغذائي لتأمين الاحتياجات الاستهلاكية الغذائية لمواطنيها، كما دعت لاستحداث آلية لتوفير التمويل اللازم للاستثمار الزراعي في الخارج، وتفعيل دور الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني، إلى جانب تطوير نظام صندوق التنمية الزراعية ليقوم بتمويل الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج.

كما أكدت على ضرورة دراسة الفرص الاستثمارية الزراعية في الدول التي يتم اختيارها وتوقيع اتفاقيات ثنائية معها لضمان تأمين رؤوس الأموال السعودية من المخاطر، ومساعدة المستثمرين الزراعيين في الخارج على إقامة جمعيات تعاونية زراعية كفيلة بحل مشكلاتهم الزراعية والقانونية والتمويلية، إلى جانب إنشاء بنوك تجارية سعودية في الدول المضيفة التي يتم التركيز عليها لتقديم الخدمات التمويلية والائتمانية للمستثمرين الزراعيين في الخارج.

ونوهت الدراسة بضرورة استحداث وظيفة ملحق زراعي بالسفارات السعودية، خصوصا في الدول المرشحة للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج لكي يعمل على حل مشكلات المستثمرين، ومراعاة التوزيع الجغرافي للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج للحد من المخاطر الطبيعية والاقتصادية والسياسية الممكن حدوثها داخل الدول المضيفة للاستثمار الزراعي.

وذكرت أن عدد المستثمرين السعوديين في المجال الزراعي يتناقص وبشكل كبير، على عكس القطاعات الأخرى التي تتسع نشاطاتها، وهو ما انعكس على حجم المخزون الاستراتيجي للغذاء.