التيار الصدري يدعو رسميا إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.. و«العراقية» أول المرحبين

قيادي في ائتلاف دولة القانون لـ «الشرق الأوسط» : الدعوة غير واقعية ولا يمكن تحقيقها

عناصر أمن عراقيون لدى اقتيادهم أمس ثلاثة من المشتبه بهم في الهجوم على حافلة تقل زوارا شيعة في منطقة النخيب قرب الرمادي إلى مكان الهجوم الذي وقع في سبتمبر الماضي وقتل فيه 22 شخصا (أ.ف.ب)
TT

فاجأت كتلة الأحرار، التابعة للتيار الصدري في البرلمان العراقي، الكتلة الأكبر التي تنتمي إليها، وهي «التحالف الوطني»، الذي يضمها مع ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، وذلك بدعوتها إلى حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة بهدف إنقاذ البلاد من الأزمة الخانقة التي تمر بها الآن.

وقال رئيس كتلة الأحرار في البرلمان العراقي، بهاء الأعرجي، في بيان: «إن الحالة المربكة للعملية السياسية جعلتنا نطلق هذه الدعوة، وسنطرح الموضوع في التحالف الوطني باعتبارنا جزءا منه». وأضاف الأعرجي: «إن الشركاء السياسيين الموجودين حاليا لا يستطيعون الوصول إلى حلول، بسبب التهديد بتقسيم العراق»، معتبرا أن «الانتخابات المبكرة سوف تقف بوجه هذه المشاريع، خاصة أن هناك كتلا لديها أجندات خارجية، وتعمل مع الإرهاب ومع البعث الصدامي، فضلا عن وجود كتل وشخصيات سياسية جاءت برفقة المحتل»، من دون أن يشير إلى مثل هذه الكتل. وأوضح أن «الآليات الدستورية لحل المجلس تكون عن طريق تقديم طلب من رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية، الذي يعمل بدوره على إرسال الطلب إلى مجلس النواب لحل المجلس، شرط أن تكون الأشهر الستة الأولى لتشريع القوانين المهمة، خاصة قانوني الأحزاب وتعديل قانون الانتخابات الذي يعطي ساحة كبيرة للناخب». وأشار الأعرجي إلى أن «الأشهر الثلاثة الأخرى تكون لانتخاب أعضاء المفوضية الجدد والبدء بإجراءات الانتخابات».

وبينما أعلنت القائمة العراقية، التي يتزعمها إياد علاوي، ترحيبها بهذه الدعوة، فإن ائتلاف دولة القانون أعلن تحفظه عليها. وفي هذا السياق، فقد أكدت الناطقة الرسمية باسم «العراقية»، ميسون الدملوجي، في تصريحات، أن «القائمة ترحب بدعوة حل البرلمان وإعادة الانتخابات المقدمة من قبل كتلة الأحرار التابعة إلى التيار الصدري». وأضافت أن «هذه الدعوة تأتي بسبب سوء إدارة الحكومة، إضافة إلى عدم توفير الأمان»، مشيرة إلى أن «البرلمان منتخب من الشعب، لكن الحكومة شكلها مجلس النواب وكلفها بإدارة شؤونها، لكنها أصبحت اليوم غير قادرة على توفير الأمن وفرص العمل أو أي شيء من هذا القبيل».

في الوقت نفسه، اعتبر القيادي في القائمة العراقية، حامد المطلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «دعوة التيار الصدري مرحب بها من قبلنا ككتلة عراقية؛ لأن الحكومة الحالية أثبتت فشلها في إدارة أمور البلد المختلفة، سواء على صعيدي الأمن أو الخدمات، كما أثبتت فشلها في القضايا السياسية من خلال خلق المزيد من الأزمات للشركاء السياسيين الذين تحولوا إلى خصوم لها»، معتبرا أنه «لم يعد هناك حل أمامنا سوى الذهاب فعلا إلى الانتخابات المبكرة لكن بعد أن ترى الكتل السياسية أن آفاق الحل لم تعد موجودة عن طريق مفهوم الشراكة الوطنية». غير أن المطلك أشار، في الوقت نفسه، إلى أنه «من الضروري التأكيد أن المضي إلى خيار الانتخابات المبكرة أمر يحتاج إلى بعض الوقت، وهو أمر لا بد أن ينتبه له الجميع».

النائب في البرلمان عن التيار الصدري، جواد الجبوري، أكد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «السبب الرئيسي وراء دعوة التيار الصدري إلى إجراء مثل هذه الانتخابات إنما هو تمهيد الطريق لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية بعد أن أثبتت تجربة الشراكة الوطنية فشلها». وحمل الجبوري شركاء الحكومة، دون أن يسميهم، مسؤولية الفشل في الانسجام معها من خلال «كون مفهومهم للشراكة لم يكتمل بصورة صحيحة؛ فهم كان يمكن أن يكونوا شركاء إيجابيين، لكن بسبب التناحر السياسي لم يعد الانسجام قائما بحيث تحول مفهوم المشاركة إلى مفهوم سلبي وتحول مفهوم المعارضة إلى مفهوم سلبي هو الآخر، بينما كان يمكن أن يكون الأمر مختلفا».

أما القيادي في ائتلاف دولة القانون، سامي العسكري، وهو مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي، فقد اعتبر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الدعوة غير عملية وغير واقعية، ولا يمكن تحقيقها بسهولة؛ حيث إن الدعوة إلى حل البرلمان تتطلب أغلبية الثلثين، كما أن مفوضية الانتخابات توشك على الانتهاء من عملها، وهو ما يعني انتظار تشكيل مفوضية انتخابات جديدة، وهو ما يستغرق شهورا طويلة». وردا على سؤال بشأن الهدف من هذه الدعوة، علما بأن الصدريين هم جزء من التحالف الوطني الذي تنتمي إليه «دولة القانون»، قال العسكري: «إن الدعوة الصدرية لم تتضح أبعادها بعدُ، ولم تجر مناقشتها في التحالف، لكن على ما يبدو فإن الصدريين قد يرون أن الانتخابات المقبلة قد تأتي لصالحهم وهي حسابات غير دقيقة».

إلى ذلك كشف قيادي في القائمة العراقية، التي يتزعمها إياد علاوي، أن «الاجتماعات التي عقدت بين (العراقية) وأطراف مهمة من (التحالف الوطني) في غضون اليومين الماضيين أسفرت عن نتائج مهمة على صعيد توفير أجواء التهدئة بين الكتلتين».

وقال عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية زياد الذرب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدة اجتماعات عقدت بين ممثلين عن (العراقية) وآخرين عن (التحالف الوطني)، كان من بينها اجتماع مع رئيس (التحالف الوطني) إبراهيم الجعفري وأسفر، بعكس ما أشير إليه في بعض وسائل الإعلام، عن نتائج مهمة، لا سيما على صعيد تفهم مطالب القائمة العراقية العادلة، بالإضافة إلى اجتماع آخر عقد بين قياديين من القائمة العراقية ومع ممثلين عن حزب الفضيلة وهو أحد مكونات (التحالف الوطني)، وسادت كل هذه اللقاءات أجواء إيجابية، وهناك تفهم لما طرحته (العراقية) وبسببه علقت عضويتها في البرلمان وفي اجتماعات مجلس الوزراء».

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان وزراء القائمة العراقية سوف يحضرون اجتماعات مجلس الوزراء الدورية اليوم، قال الذرب إن «(العراقية) طرحت على الإخوة الذين التقيناهم في (التحالف الوطني) أسئلة موجهة للسيد نوري المالكي، وبالتالي فإن كرة وزرائنا الآن في ملعب المالكي»، مشيرا إلى أن القائمة العراقية إذا تلقت «إجابات مقنعة» من المالكي بحلول ليل الاثنين، «فإن وزراء (العراقية) سوف يستأنفون حضور الاجتماعات الدورية في مجلس الوزراء، وبعكسه فإن المقاطعة سوف تستمر حتى تتحقق مطالبنا، وأهمها تأكيد مفهوم الشراكة الحقيقي في عملية صنع القرار وليس لمجرد المشاركة وبعيدا عن تسييس كل شيء».

من جهته، اعتبر القيادي في التحالف الكردستاني شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللقاء الذي يجمع في السليمانية وأربيل بين رئيس البرلمان أسامة النجيفي وكل من رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني سوف يسهم كثيرا في إيجاد مخرج للأزمة السياسية الراهنة»، مشيرا إلى أن «العراق اليوم يتراوح بين السقوط في هاوية سحيقة والنهوض الحقيقي من كبوته هذه، وهو ما يتوجب على القادة السياسيين الانتباه إليه بقوة قبل فوات الأوان».