«جبهة الإنقاذ» المحظورة تقاضي السلطات الجزائرية دوليا لإلغاء قانون يمنع قادتها من ممارسة السياسة

بعد مرور 20 سنة على فوزهم الكاسح في أول انتخابات برلمانية تعددية

TT

بعد مرور 20 عاما على أول انتخابات برلمانية تعددية، أسفرت عن اكتساح «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية المحظورة، وتدخل الجيش لإلغاء نتائجها، أعلنت الجبهة عن تكليف محامين دوليين لرفع شكوى لدى الهيئات القضائية الأجنبية، ضد قانون أحزاب جديد يحمل قادتها مسؤولية المجازر الرهيبة التي عاشتها البلاد، ويمنعهم من ممارسة السياسة نهائيا.

وأصدرت «جبهة الإنقاذ» المنحلة أمس بيانا، ذكرت فيه أنها «اضطرت» لتكليف محامين لرفع شكوى «ضد النظام الجزائري، بهدف إلغاء قانون العار»، في إشارة إلى قانون الأحزاب الذي أدخلت عليه تعديلات، صادق عليها البرلمان الشهر الحالي. ويحظر القانون على قيادات «الإنقاذ» البارزين، وحتى ممن كانوا في درجة أدنى في المسؤولية، الانتماء إلى أحزاب والترشح للانتخابات، مما يعني منعهم من العودة إلى السياسية، بسبب «ضلوعهم في المأساة الوطنية».

ولا يتضمن القانون أسماء المستهدفين، ولكن يوجد إجماع في الجزائر على أن الأمر يتعلق بكل من عباسي مدني، رئيس الحزب سابقا، ونائبه علي بن حاج، وأعضاء مكتب الحزب سابقا، كمال قمازي وعلي جدي وعبد القادر بوخمخم، وكل هؤلاء قضوا فترات متفاوتة في السجن العسكري بناء على اتهامهم بـ«تهديد أمن الدولة».

وجاء في البيان الموقع من مدني وبن حاج، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «الإنقاذ» لجأت إلى القضاء الدولي «لانتهاك النظام الجزائري حقوقنا السياسية والمدنية، ولأن الجزائر تفتقد إلى محكمة دستورية تسمح لمواطنين بحق التظلم الداخلي». وأضاف البيان: «نؤكد مرة أخرى أنه لا إصلاح ولا مصالحة وطنية من دون مصارحة وطنية وحوار شامل من دون شرط أو قيد، لا يقصي أحدا أو فئة أو تيارا.. يكون فيه النظام طرفا لا حكما، لأنه يتحمل المسؤولية كاملة فيما آلت إليه الأوضاع، انطلاقا من اغتصاب الإرادة الشعبية وإشعال فتيل الفتنة وتأجيجها ومن ثم اتهام الضحية، ثم المضي في الغي بالإصرار على إقصاء شريحة واسعة من الجزائريين حظيت بثقة الشعب في استحقاقين تاريخيين». وتحمل السلطة وقطاع من الجزائريين، قيادات «الإنقاذ» التحريض على الجهاد.. وبالتالي المسؤولية عن الإرهاب الذي اندلع في البلاد.

وفازت جبهة الإنقاذ في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1991 بالجولة الأولى من أول انتخابات برلمانية تعددية تشهدها البلاد، وحصلت فيها على 188 مقعدا، وكانت على عتبة الفوز بما تبقى من مقاعد في الجولة الثانية. لكن الجيش تدخل بكل ثقله في اللعبة السياسية، وأجبر الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة قبيل أيام من جولة الحسم، وتحديدا في 11 يناير (كانون الثاني) 1992. وسميت تلك الحركة بـ«إنقاذ للجمهورية من الظلامية والتخلف»، من طرف خصوم الإسلاميين، بينما وصفها أنصار «الإنقاذ» بأنها «انقلاب عسكري على الشرعية».

ودخلت الجزائر في دوامة لم تخرج منها إلى اليوم، إذ تشكلت جماعات مسلحة كرد فعل على إلغاء الانتخابات، مما تسبب في إراقة دماء 150 ألف شخص، بحسب إحصاءات رسمية. وغادر عباسي السجن العسكري في 2003، وسافر إلى قطر حيث يقيم حاليا. وخرج بن حاج من السجن في نفس العام، وهو حاليا محاط بمراقبة أمنية شديدة بالعاصمة الجزائرية، ويعتبر مصدر قلق للسلطات بسبب نشاطه المعادي للنظام.

ودعا بيان «الإنقاذ» من سماهم «الأحرار والشرفاء وذوي الضمائر الحية والأحزاب والسياسيين ومنظمات المجتمع المدني، إلى تحمل مسؤولياتهم أمام ما تشهده الساحة من تجاوزات وانتهاكات خطرة للحقوق السياسية والمدنية، والتحرك السلمي المشروع للانتقال بالبلاد من حالة اللادولة واللاقانون، إلى دولة القانون والعدالة والحرية». وأضاف: «نطلب من جميع أبناء الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكوادرها، رص الصف والتحلي بفطنة المؤمن الكيس، وتعبئة الناس ضد الجور والطغيان بالحكمة البالغة والحجة الدامغة، لاسترجاع السيادة للشعب وحقه في اختيار من يمثله ومن يحكمه».