توقيف شخصية مقربة من صالح.. واللجنة العسكرية تستمع لشهادات شباب «مسيرة الحياة»

واشنطن: تدرس طلب الرئيس اليمني زيارة الولايات المتحدة للعلاج.. وحركات احتجاج في مؤسسات حكومية

TT

باشرت لجنة عسكرية وأمنية يمنية التحقيق في مقتل أكثر من 11 متظاهرا في مسيرة «الحياة» التي وصلت إلى صنعاء يوم السبت، قادمة من مدينة تعز، وطالبت الولايات المتحدة القوات اليمنية بـ«أقصى درجات ضبط النفس» حين تتعامل مع المظاهرات، فيما شهدت مؤسسات حكومية احتجاجات واسعة لإقالة قيادتها، نتج عنها إيقاف شخصية مقربة من الرئيس علي عبد الله صالح، وهو العميد علي حسن الشاطر الذي يرأس دائرة التوجيه المعنوي العسكرية، وأعلنت واشنطن أنها تدرس طلب الرئيس اليمني، المنتهية ولايته، السفر إلى الولايات المتحدة لغرض العلاج.

وتعهد القائم بأعمال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بأنه سيبذل «قصارى جهده لمنع مزيد من سفك الدماء»، فيما أكدت حكومة الوفاق الوطني التحقيق في تعرض «مسيرة السلام» لأعمال قتل أثناء دخولها صنعاء، بعد اجتيازها 256 كلم، خلال خمسة أيام وشارك فيها الآلاف من المحتجين بينهم نساء وأطفال. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مؤكدة أن اللجنة العسكرية المكلفة من مجلس الوزراء برئاسة وزيري الداخلية والدفاع استمعت أمس إلى شهادات المشاركين في المسيرة، وأفادوا بإطلاق جنود من الأمن المركزي الذي يديره نجل شقيق صالح العميد يحيى محمد عبد الله صالح، النار والقنابل المسيلة للدموع عليهم، وقالت اللجنة «إنها سوف ترفع تقريرا شاملا بالنتائج، لإحالتها إلى القضاء المختص خلال 72 ساعة». فيما قال القيادي في الثورة وليد العماري، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الشباب ينتظرون من اللجنة العسكرية والحكومة، وعدهما بالكشف عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة»، مؤكدا أن شباب الثورة مستمرون في تصعيدهم ومسيراتهم الاحتجاجية، وكشف عن مقترحات لشباب الثورة لإعداد مسيرات راجلة من مدن أخرى، على غرار مسيرة «الحياة». ونشر مشاركون في مسيرة «الحياة» مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر جنود الأمن المركزي وهم يطلقون الرصاص الحي بشكل مباشر، فيما يتمركز مسلحون مدنيون وقناصة بالقرب منهم في منطقة دار سلم جنوب العاصمة صنعاء، واعتبر العماري «هذه المقاطع أدلة واضحة للمجرم الحقيقي الذي قتل الشباب».

وأدانت الإدارة الأميركية «استخدام العنف والتصعيد الذي يتعارض مع سير التسوية السياسية»، وطالب جون برينان مستشار الرئيس الأميركي لمكافحة الإرهاب في اتصال مع القائم بأعمال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي «جميع الأطراف في عملية الانتقال السياسي باليمن إلى تجنب التصرفات الاستفزازية التي قد تؤدي إلى المزيد من أعمال العنف»، فيما أبلغ هادي برينان بأنه «بدأ تحقيقا في سقوط القتلى والمصابين، وأنه سيبذل قصارى جهده لمنع مزيد من سفك الدماء»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية.

إلى ذلك، شهدت مؤسسات حكومية حركات احتجاجية، تم على أثرها إقالة قيادتها ومن ضمنها شخصيات مقربة من الرئيس علي عبد الله صالح، ونظم العشرات من منتسبي مؤسسات إعلامية وعسكرية وخدمية في صنعاء، والحديدة، وعدن، والضالع، مظاهرات احتجاجية لتغيير قيادتها، وقد علمت «الشرق الأوسط» من مصادر عسكرية أن وزير الدفاع اليمني محمد ناصر أحمد كلف اللواء علي محمد صلاح للقيام بمهام العميد علي حسن الشاطر مدير دائرة التوجيه المعنوي ورئيس تحرير صحيفة «26 سبتمبر» التابعة لوزارة الدفاع، الذي يتهمه الضباط والجنود بالفساد المالي والإداري، بعد احتجاجات لضباط وجنود أمام مقر الدائرة وسط صنعاء، ويعرف العميد علي حسن الشاطر بأنه من الشخصيات العسكرية التي لازمت الرئيس صالح طوال فترة حكمه، ومن أهم الشخصيات في دائرة الرئيس الضيقة.

في موضوع آخر، نظم المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي في اليمن أمس مسيرة جماهيرية تحت شعار «لا للتنصل عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية»، وانطلقت المسيرة من شوارع وسط العاصمة ووصلت إلى ميدان التحرير، ولم يسجل أي اعتداء عليها، كما هو الحال في مسيرة «الحياة».

ودعا المشاركون في مسيرة «المؤتمر» إلى عدم التنصل عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وأكدوا تمسك «المؤتمر» وحلفائه بما وقعوا عليه، داعين «أحزاب (المشترك) وشركائهم إلى احترام التزاماتهم وعدم الالتفاف على تطبيق المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة».

من ناحية أخرى، أعلن مسؤول أميركي كبير أمس (الاثنين) أن واشنطن تدرس طلب الرئيس علي عبد الله صالح زيارة الولايات المتحدة لكنها ستمنحه تأشيرة الدخول لأسباب طبية «مشروعة» فقط. وقال مسؤولون إن كبير مستشاري الرئيس باراك أوباما لقضايا مكافحة الإرهاب جون برينان اتصل بنائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الأحد للمطالبة بـ«أعلى درجات ضبط النفس» حيال المتظاهرين بعد مقتل 13 منهم.

وكان الرئيس اليمني الذي سيتنحى عن السلطة في فبراير (شباط) أعلن السبت أنه يرغب في زيارة الولايات المتحدة وأنه لا يسعى إلى تلقي العلاج إثر إصابته في القصف الذي استهدف قصره في يونيو (حزيران).. لكن مسؤولا أميركيا كبيرا قال الاثنين إن مكتب الرئيس صالح اتصل بالسفارة الأميركية في صنعاء وأعلن أنه يرغب في زيارة الولايات المتحدة «لتلقي علاج طبي خاص». وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «طلب الرئيس صالح السماح له بزيارة الولايات المتحدة قيد الدراسة». وأضاف المسؤول الكبير أن «السبب الوحيد الذي سيحصل الرئيس صالح بموجبه على إذن لزيارة الولايات المتحدة هو تلقي علاج طبي مشروع».

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن الحكومة الأميركية، التي كانت ضغطت على صالح حتى وقّع على المبادرة الخليجية برحيله من الحكم، تقدر على تبرير منح صالح تأشيرة دخول للعلاج، لكن منح صالح تأشيرة دخول سياحية سيفسر بأنه إيواء له في وقت تطالب فيه المعارضة اليمنية بتقديمه للمحاكمة بتهمة قتل المعارضين والفساد والمحسوبية.

ومن جهة أخرى أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن فرنسا يمكن أن تقرر مع شركائها فرض عقوبات على مسؤولين في الجيش والشرطة اليمنية بعد أعمال العنف يوم السبت الماضي. وقال الناطق باسم الوزارة برنار فاليرو إن «فرنسا لا تستبعد أن تضطر مع شركائها إلى تطبيق إجراءات تقييدية فردية ضد مسؤولين في الجيش والشرطة أو أشخاص يسعون إلى تقويض العملية السياسية عبر الإبقاء على التوتر عمدا». وأضاف أن رحيل الرئيس اليمني قريبا «سيسمح بتعزيز قدرات السلطات الجديدة وسيساهم في خفض التوتر». وأكد فاليرو أن «فرنسا تدين بأكبر قدر ممكن من الحزم إطلاق الرصاص الحقيقي على متظاهرين سلميين في 24 ديسمبر (كانون الأول) في صنعاء». وأضاف أن فرنسا «تدعو نائب الرئيس ورئيس الوزراء إلى تحمل مسؤولياتهما معا وممارسة سلطتهما على كل القوى العسكرية والشرطة لوقف استخدام العنف ضد المتظاهرين».