الشارع المصري يستقبل محاكمة مبارك اليوم بفتور

تلاحق الأحداث السياسية وارتباكها قللا من سخونتها

مبارك يعود لقفص الاتهام اليوم (إ.ب.أ)
TT

على عكس الحال من يوم الثاني من أغسطس (آب) الماضي، عندما ترقب جموع المصريين أول محاكمة في تاريخ مصر الحديث لرئيس مصري؛ يستقبل ملايين المصريين اليوم (الأربعاء) استئناف محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك بشيء من الفتور.

ولا يدرك كثيرون في الشارع المصري، خاصة البسطاء، أنه بعد نحو شهرين يعود مبارك لقفص الاتهام هو ونجلاه ووزير داخلتيه حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه، في قضيتي التحريض على قتل المتظاهرين وتصدير الغاز إلى إسرائيل، علاوة على قضايا فساد مالي، وذلك بعد أن توارت «محاكمة القرن» كما يصفها مراقبون، في خضم الأحداث المتلاحقة التي تشهدها مصر والتي أدت إلى ارتباك المشهد السياسي.

لم تعرف ندى الشلقاني، (28 سنة)، موعد المحاكمة إلا مع سؤالنا لها، وهو ما تبرره بقولها: «الأحداث المتتابعة في مصر لم تجعلنا نفكر في أي شيء آخر سوى القلق على مستقبل مصر، فما يشغلنا أكثر المتظاهرون بميدان التحرير، والانقسام الحاد بين أنصارهم ومؤيدي المجلس العسكري، أما محاكمة مبارك فلم تعد تطغى على اهتماماتنا».

بينما يجيب علي صبري، بائع خبز، بتساؤل: «هو مبارك موجود علشان يتحاكم ولا إيه، نفسي أفهم شوية سياسة؟!»، مشيرا إلى شائعة تهريب مبارك سرا من المركز الطبي العالمي الذي يعالج به، وهي الشائعة التي سرت في مصر قبل شهر، وبينما نفى ذلك في حينه مسؤولو المركز، إلا أن كثيرين لا يزالون تحت تأثير الشائعة.

يأتي استئناف محاكمة مبارك وبقية المتهمين بعد سلسلة من التجاذبات القضائية للمطالبة برد قاضي المحكمة المستشار أحمد رفعت، إلى أن تم رفض طلب الرد، واعتبار محكمة استئناف القاهرة أن طالب الرد لم يبتغ من دعواه إلا عرقلة السير في الدعوى وإطالة أمد الفصل فيها، ليستمر رفعت في نظر القضية التي سيجرى متابعتها بشكل يومي. وتكشف مجموعة من الشباب، كانوا يتناقشون في أمر المحاكمة وهم يستقلون مترو أنفاق القاهرة في طريقهم للجامعة، أن شعورا لديهم بأن محاكمة مبارك لن تقود إلى شيء، وهو شعور –بحسبهم - ينتاب كثيرا من المصريين، وأن الأموال التي تحولت لحسابات مبارك وحسابات نجليه علاء وجمال لن تعود هي الأخرى.

بينما علق مجموعة من الركاب وسط الزحام كانت تستمع لحديثهم بعبارات: «كل شيء جائز»، «ربنا ينصر الحق»، «هيروحوا من ربنا فين». يزيد من فتور المحاكمة أنها لا تبث تلفزيونيا، بعد قرار المحكمة الصادر من قبل بمنع تصوير الجلسات حتى صدور الحكم. وهو ما جعل مصطفى سعيد، حارس أمن، يقول إن ذلك هو السبب الرئيسي في عدم اكتراث المصريين بمحاكمة مبارك أو بمعرفة موعدها، لافتا إلى أن المحاكمات التي كان يتابعها لحظة بلحظة تلفزيونيا فقدت مصداقيتها بهذا القرار.

وفي حين استعدت أجهزة الشرطة وقوات الجيش بفرض إجراءات احترازية لضمان سير المحاكمة في أجواء هادئة، وسط تشديدات أمنية، بعدما شاب المحاكمات السابقة الكثير من الاشتباكات جراء اعتداء أنصار مبارك على مصابي الثورة وعائلات شهدائها؛ قامت أمس سوزان ثابت، قرينة الرئيس السابق حسني مبارك، بزيارة نجليها جمال وعلاء مبارك داخل محبسهما في سجن المزرعة بمنطقة سجون طرة، برفقة زوجتيهما، للوقوف على آخر تطورات موقفهما القانوني من التهم الموجهة إليهما قبيل استئناف محاكمتهما ووالدهما.

وهو ما جعل أحد المصريين المغتربين يعلق على تلك الزيارة بقوله: «نحن المصريين في الغربة نتمنى محاسبة كل من سرق ونهب في مصر، ومحاسبته بقانون (من أين لك هذا)». بينما خالفته كريمة عبد الله، موظفة حكومية، بقولها: «ما زلت أحترم الرئيس مبارك صاحب الضربة الأولى في حرب أكتوبر (تشرين الأول)، الرجل ليس له ذنب في ما حدث، إنه ضحية أبنائه وزوجته، أنا ضد محاكمته أو سجنه، فذلك نكران للجميل بعد أن خدم مصر عسكريا ومدنيا».

لكن فوزي شاكر، مدرس، يرد عليها بسؤال استنكاري قائلا «كيف لا يكون مبارك مسؤولا عن المصائب التي حلت بمصر في عصره وهو رئيس الدولة؟!»، معلقا على ما يطالعه في إحدى الصحف المصرية الصادرة أمس، التي حملت تصريحات من محامي هيئة الدفاع عن الرئيس السابق التي يعلن فيها عن وجود أدلة جديدة تبرئ مبارك.