حزب النور يتبرأ من صفحة «أنا سلفي» على «فيس بوك» تناهض مدنية الدولة

سلفيو مصر: لا تنتسب إلينا وتريد تشويه صورتنا

مظاهرة نسائية ترفع ملصقا كتب عليه «حق أختي» أمام محكمة مصرية أمرت أمس الجيش بوقف إجراء «كشف عذرية» للسجينات (أ.ف.ب)
TT

بعد الصعود المدوي لقوى التيارات الإسلامية في مصر في مرحلتي الانتخابات البرلمانية الأولى والثانية وحصول التيار الإسلامي مجتمعا على أغلبية أصوات الناخبين المصريين، يقف المجتمع المصري حائرا ما بين رغبة هذا التيار المتشدد في تطبيق الشريعة، والحفاظ على العادات والتقاليد وأعراف المجتمع المصري الذي طالما عرف بالوسطية والاعتدال، ووسط هذه الحالة التي يرى مراقبون أنها تأخذ البلاد في نفق سياسي معتم بدأت تتكشف ملامحه، تظهر بين الحين والآخر محاولات البعض لجس نبض المجتمع حول تطبيق سياسات محسوبة على هذا التيار الإسلامي عن طريق تصريحات نارية يطلقها بعض قيادات الأحزاب الإسلامية تقف على النقيض من بعض عادات وسلوكيات المجتمع المصري بدعوى تطبيق «الشريعة»، وبين محاولات البعض الآخر التخويف من وصول الإسلاميين إلى كرسي الحكم في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان، وأكثرها تأثيرا في منطقتها.

ويربط المراقبون انكشاف نذر هذا النهج المتشدد بقرب انتهاء حصاد العملية الانتخابية وانكشاف ملامح مجلس الشعب المقبل، والذي من المفترض أن يضع دستور البلاد. وبعد تصريحات تناقلها الكثير من المصريين فيما بينهم حول فرض الحجاب على النساء أو إغلاق المحال التجارية المخالفة أو تقنين وضع بعض القرى السياحية التي لا تلتزم بالسلوك القويم، وغيرها ظهرت على موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و« تويتر» صفحات باسم «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمصر» وأصدرت خمس بيانات أكدت فيه «بدء إجراءات إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمصر»، وأن منشئي هذه الصفحات هم أعضاء بحزب النور السلفي، ولكن الصفحات لا تنتمي للحزب بـ«صورة مباشرة»، وأكد مسؤولو الصفحة أنهم بدأوا في هذا الأمر بعد استشارة أئمتهم، وأنهم لن يعلنوا عن هويتهم إلا بعد وصول عدد أعضاء الصفحة للعدد المطلوب لذلك، مشيرين إلى أنهم سيبدأون عملهم فعليا بداية العام المقبل لمنع أي احتفالات صاخبة قد يقوم بها البعض احتفالا بما يسمى برأس السنة الميلادية، أو الكريسماس وأنهم سيكونون لجانا لمراقبة سلوك المواطنين وحثهم على أداء الصلوات والشعائر بالحسنى «في البداية» لتقويم كل ما يتعارض مع شرع الله.

وعلى الرغم من أن العديد من الصفحات السلفية على «فيس بوك» أعلنت عن رفضها لإقامة أي احتفالات صاخبة تخرج عن الحدود المقبولة مثل صفحة «أنا السلفي»، فإنها لم تطلب إنشاء مثل هذه الهيئة والتي تقوم بمهامها الشرطة المصرية، ولكن الصفحة التي رفعت شعار «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده» خرج حزب النور السلفي وأعلن تبرئه منها، مؤكدا أنها مجرد محاولة لتشويه الحزب خاصة قبل الجولة الثالثة والأخيرة من انتخابات مجلس الشعب المصري.

وقال نادر بكار، المتحدث الرسمي باسم الحزب، إن الصفحة لا تنتمي إلى الحزب وإنها مجرد محاولة لتشويه صورة الحزب أمام الناخبين، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما أستطيع أن أرد به على هؤلاء أنه قد خاب من افترى»، مضيفا: «هناك تيارات تكره الحزب والأحزاب الإسلامية عموما وتحاول بقدر ما تستطيع أن تثير حساسية المصريين ضد الحزب».

وتخشى قطاعات عديدة من المجتمع المصري تشدّد بعض التيارات الإسلامية الوافد الجديد على المشهد السياسي المصري بعد الثورة خاصة الأحزاب السلفية منها تجاه العاملين في قطاع السياحة والمحال التي تبيع المشروبات الكحولية، فضلا عن الاعتداء على المسيحيين، بينما يعول الكثير من المراقبين على أن ترشد أفكار ورؤى هذه التيارات عقب دخولهم حلبة السياسة وإدراكهم أن التطرف في بعض الأفكار خاصة البعيدة عن تقاليد المجتمع وعاداته قد تؤدي بهم إلى خسارة الناخبين الذين أعطوهم ثقتهم في أول برلمان بعد الثورة حيث حصل حزب النور السلفي على أكثر من 85 مقعدا في المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات المصرية.

من جانبها أكدت الدكتورة، مارجريت عازر، سكرتير عام حزب الوفد الليبرالي، أنه لا يوجد أي خوف من حصول التيار الإسلامي على الأغلبية في البرلمان القادم لأنه لا أحد يستطيع أن يفرض شيئا على الشعب المصري وهو لا يرضاه، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «الشعب المصري متدين بطبيعته وهو لن يقبل أن يفرض أحد عليه أشيئا تخالف العادات والتقاليد والأعراف التي يحترمها ويتبعها الجميع، أو محاولة تطبيق نموذج لا يتوافق وطبيعة المصريين». وتابعت عارز: «مصر بلد سياحي بطبعه والشعب المصري شعب متدين ولكنه معتدل غير متطرف وسيرفض كل هذه المحاولات سواء أكانت من أشخاص متطرفين أو من أحزاب سياسية».

إلى ذلك تظل الحرب مشتعلة بين عدد من التيارات الإسلامية والتيارات الليبرالية قبيل خمس أيام من المرحلة الثالثة من الانتخابات البرلمانية في مصر حيث اشتعلت أمس الحرب بين بعض الكتاب الليبراليين وأنصار الشيخ حازم شومان، الداعية السلفي، أحد المرشحين بمحافظة الدقهلية، بسبب تصريحات شومان والتي حذر فيها مما سماه «عقاب الله» ضد كل من لم يصوت للسلفيين في الانتخابات البرلمانية الحالية، وبين هذا وذاك تنتظر مصر برلمان الثورة الذي يعول الكثيرون عليه في إخراج مصر من أزمتها السياسية والاقتصادية، وسط مخاوف البعض من أن تتحول الدولة المدنية المأمولة إلى دولة عسكرية أو دينية.