القيادة الكردية تنفي وجود وساطة إيرانية.. وقائمة علاوي وائتلاف المالكي يؤكدانها

بارزاني يرفض حضور مؤتمر وطني مقترح إذا انعقد في بغداد.. والمالكي يرفض حضوره في كردستان

إيرانيات يتظاهرن أمام معسكر أشرف في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

نفت القيادة الكردية وجود أي وساطة إيرانية في قضية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي التي أثارت أزمة سياسية عاصفة في العراق، مؤكدة أن «التقارير الصحافية التي تتحدث عن وصول وفد إيراني إلى إقليم كردستان منذ ثلاثة أيام ولقائه كلا من الزعيمين جلال طالباني رئيس الجمهورية ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، إضافة إلى نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، عارية عن الصحة».

ففي اتصال مع فيصل الدباغ السكرتير الصحافي لرئيس الإقليم، أكد أن «أي وفد إيراني لم يلتق بارزاني مؤخرا، حيث إن الرئيس عاد توا من جولة استمرت عدة أيام إلى محافظة دهوك، وأن أي وفد إيراني وعلى أي مستوى كان لم يلتق بارزاني، وعليه فلا صحة للتقارير الصحافية بهذا الشأن». وأشار الدباغ في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، أن بارزاني «منهمك حاليا ببذل جهوده المتواصلة لاحتواء تداعيات الأزمة السياسية الحالية في العراق، وأنه كثف اتصالاته بقادة ومسؤولين عراقيين من أجل التهيئة لعقد المؤتمر الوطني الذي دعا إليه في وقت سابق بهدف إخراج البلاد من النفق المسدود بسبب تعنت الأطراف المعنية بهذه الأزمة بمواقفها».

وحول مقترح عقد المؤتمر في بغداد وموقف بارزاني من ذلك أكد مصدر في رئاسة الإقليم، أن «هناك مشكلة تثار حاليا حول مكان انعقاد المؤتمر رغم أن معظم القادة العراقيين قرروا موقفهم بالموافقة على حضوره، ولكن كما يبدو فإن السيد نوري المالكي رئيس الوزراء يرفض عقده في كردستان، والرئيس بارزاني يرفض الذهاب إلى بغداد، والأمر ما زال معلقا وهو مرهون بالاتصالات التي ستتمخض عن المشاورات والاتصالات بين المالكي ورئيس القائمة العراقية إياد علاوي، فهما يستطيعان أن يحسما هذا الموضوع باختيار مكان آخر لعقد المؤتمر». وكشف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، عن أن بارزاني «لا يمانع في عقد المؤتمر في السليمانية، فإذا وافق قادة العراق على ذلك فإنه مستعد للذهاب إلى السليمانية لحضور المؤتمر المرتقب».

وفي الجانب الآخر، أكد المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني، أن «أي وفد إيراني لم يلتق الرئيس طالباني خلال الفترة السابقة». وأضاف «كنت عند الرئيس طالباني طوال اليومين الماضيين فلم ألحظ وجود أي وفد إيراني هناك، وعليه فإن التقارير الصحافية التي أشارت إلى ذلك غير دقيقة».

وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد أفادت في وقت سابق أمس نقلا عن مصدر مقرب من المالكي، بأن «أطرافا عراقية» تتصل بإيران للتوسط في قضية طارق الهاشمي، بينما نقلت عن مصادر حزبية كردية أن وفدا إيرانيا يجري بالفعل محادثات في هذا الإطار في إقليم كردستان. وقال المصدر رفيع المستوى المقرب من المالكي إن «أطرافا عراقية تتصل بإيران للتوسط في قضية نائب الرئيس طارق الهاشمي»، من دون أن يضيف أي تفاصيل إضافية. وفي السياق نفسه، أبلغت مصادر حزبية كردية «فرانس برس»، أن «وفدا إيرانيا رفيع المستوى يضم قيادات من جهاز الاستخبارات والجيش يزور حاليا إقليم كردستان العراق للتوسط في الأزمة السياسية». وأوضحت المصادر أن «الوفد وصل إلى كردستان العراق قبل ثلاثة أيام وأجرى سلسلة من اللقاءات مع قيادات عراقية بينها رئيس العراق جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ونائب الرئيس طارق الهاشمي».

وأضافت المصادر الحزبية، أن «الوفد اقترح عقد لقاء سياسي في مدينة أربيل (عاصمة إقليم كردستان)، لكن رئيس الوزراء رفض الحضور، كما اقترح عقد لقاء في بغداد، لكن رئيس إقليم كردستان رفض ذلك».

وتابعت أن «الوفد الإيراني اقترح أيضا عقد اللقاء في السليمانية أو إيران، لكنه لم يتلق جوابا حتى الآن».

وتعليقا على ذلك، أكد مصدر مقرب من رئيس الوزراء أن المالكي «لن يحضر أي مؤتمر يعقد بهذا الصدد (قضية الهاشمي) في أي مكان غير بغداد». والهاشمي يقيم حاليا في دار ضيافة تابع لطالباني في منطقة قله جوالان وهي منطقة نائية تقع على بعد 60 كلم شمال السليمانية (270 كلم شمال بغداد) قرب الحدود الإيرانية.

ورغم نفي المقربين من بارزاني وطالباني للوساطة الإيرانية فإن قياديا في القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي وآخر في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي أكداها. إذا قال عصام العبيدي، القيادي في القائمة العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوساطة التي بدأتها طهران لحلحلة الأزمة بين القائمة العراقية والتحالف الوطني بشكل عام وائتلاف دولة القانون بصورة خاصة لم تكن بطلب مسبق من العراقية وإنما بناء على التحركات التي قامت بها الدبلوماسية الإيرانية في الآونة الأخيرة من خلال السفير الإيراني لدى العراق». وأضاف أن «سفير إيران لدى العراق التقى عددا من قادة العراقية وفي المقدمة منهم أسامة النجيفي رئيس البرلمان ووزير المالية رافع العيساوي وغيرهما، وأبدى خلالها استعداد بلاده للدخول على خط الأزمة من أجل تهدئة الأوضاع والوصول إلى توافقات وهو ما لم تعترض عليه (العراقية)». وأشار إلى أن «التحرك الإيراني يأتي في إطار مخاوف طهران من أن تخرج الأمور خارج نطاق ما تتوقعه، حيث إن الموقف العراقي الآن حرج جدا بالنسبة لإيران، لا سيما في حال اختل التوازن وبالتالي فإن إيران لا تريد أوراق ضغط خارجية كثيرة».

من جهته، أكد القيادي في ائتلاف دولة القانون عدنان السراج في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «المعلومات التي لدينا تشير إلى أن إيران تحركت بالفعل للتوسط ولكن ذلك جاء بتشجيع وقبول من القائمة العراقية لمثل هذا الدور الإيراني هذه المرة»، مضيفا «إننا في التحالف الوطني لم نبلغ بمثل هذه الوساطة ولكننا نعتقد أن لكل من (العراقية) وإيران هدفها من وراء هذا التحرك، فـ(العراقية) تريد أن تمارس إيران ضغطا على التحالف وعلى رئيس الوزراء نوري المالكي تحديدا وإيران من جهتها تخشى أن تكون كل هذه القصة هي عملية مرتبة لإعادة النفوذ وربما الجيش الأميركي إلى العراق ثانية وهو أمر يهم الجانب الإيراني جدا». وأوضح السراج أنه «إذا كان هدف الضغط الإيراني هو أن يتراجع المالكي والتحالف الوطني عن الأمر فهذا لا يمكن حصوله أبدا، حيث إن المالكي دفع بكل الملفات إلى القضاء وباتت القضية الآن بين السيد طارق الهاشمي والقضاء»، معتبرا أنه «في حال حصل أي تراجع عن الأمر فهذا يعني صدمة عنيفة للشارع العراقي مما يعني أن لا أحد يحترم القانون والقضاء وبالتالي يصعب السيطرة على الشارع إذا كانت هناك مساومة على الدم العراقي من أي طرف كان وسيطا أم غير وسيط».