قوى ليبرالية تطالب بتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور بعيدا عن البرلمان

وثيقة جديدة تجدد انقسامات القوى السياسية في مصر

TT

عادت أزمة الدستور المصري الجديد وتشكيل الجمعية التأسيسية التي ستقوم بصياغته لتتصدر المشهد السياسي المصري مرة أخرى، بعد شروع الأحزاب الليبرالية وعدد من النشطاء في صياغة وثيقة جديدة حاكمة للجنة وضع الدستور، وهو ما ترفضه الأحزاب الإسلامية.

وظهرت حالة من الاستقطاب بين القوى الإسلامية، التي حققت أغلبية في المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية، والأحزاب والتيارات الليبرالية واليسارية، التي تطالب بوضع معايير لاختيار لجنة وضع الدستور.

وكشف الناشط السياسي، جورج إسحاق، أن الأحزاب والقوى السياسية تقوم حاليا بوضع وثيقة حاكمة للدستور، بحيث تتضمن مجموعة من المبادئ الأساسية التي يتوافق عليها الجميع وتكون ملزمة للجنة وضع الدستور.

وحول شكل الوثيقة الجديدة قال إسحاق لـ«الشرق الأوسط» إنها ستكون مزيجا بين «وثيقة الأزهر» التي شارك في صياغتها غالبية القوى السياسية، و«وثيقة السلمي» التي طرحها نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور علي السلمي واحتجّت عليها الأحزاب الإسلامية، مشيرا إلى أنهم ما زالوا يدرسون صياغة تلك الوثيقة.

وأوضح أن هناك وثيقة أخرى تقوم القوى السياسية بصياغتها أيضا لكي تحدد المبادئ والمعايير التي على أساسها سيتم اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، بحيث تكون ممثلة لكل طوائف وشرائح المجتمع المصري.

وكان الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس (آذار) الماضي قد أوكل إلى نواب مجلسي الشعب والشورى مهمة اختيار جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى وضع دستور جديد للبلاد قبل الدعوة لانتخابات رئاسة الجمهورية.

من جانبه قال عضو المجلس الرئاسي لحزب المصريين الأحرار محمد أبو حامد، نائب مجلس الشعب، إن نواب الكتلة المصرية سيقدمون مذكرة إلى المجلس العسكري وستعلن في بداية انعقاد البرلمان تطالب بفصل اختيار لجنة وضع الدستور عن مجلس الشعب.

وقال أبو حامد لـ«الشرق الأوسط» إنهم يستهدفون من هذا الإجراء عدم سيطرة فصيل معين على تشكيل لجنة الدستور، لتكون معبرة عن كل شرائح المجتمع المصري.

في المقابل انتقد هذه الخطوات الدكتور أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وقال إن الشعب المصري هو المعني بوضع دستوره، ولا يملك أحد إلزام المؤسسات الدستورية المنوط بها صياغة الدستور بشيء معين. وقال إن الإعلان الدستوري أسند إلى مجلسي الشعب والشورى مهمة تشكيل الجمعية التأسيسية وليس من حق أحد آخر أن يباشر هذا الاختصاص.

وأوضح أنه بعد انتهاء انتخابات مجلسي الشعب والشورى سيجتمع النواب في شكل مؤتمر عام يقوم بوضع لائحة بمعايير اختيار الجمعية التأسيسية، بحيث تكون معبرة عن كل شرائح المجتمع المصري، ثم يتم تشكيل اللجنة لتتولى مهمة صياغة الدستور.

وتابع: «في هذه الحالة من حق المجتمع كله والقوى السياسية أن تقدم رؤاها وأفكارها من باب النصيحة للمؤتمر العام المشكل من نواب الشعب والشورى والجمعية التأسيسية، بحيث يدور نقاش مجتمعي عام بشأنها دون أن يكون هناك إلزام لهذه الجهات من أي طرف». ووصف بركة مطالب الكتلة بفصل اختيار الجمعية التأسيسية عن البرلمان بأنه «تخريف»، معللا ذلك أن الإعلان الدستوري حدد هذه الإجراءات.

إلى ذلك، قال محمد الخولي، المتحدث الرسمي للمجلس الاستشاري، في تصريحات تلفزيونية إن المجلس يعكف على مناقشة قواعد اختيار الأعضاء غير البرلمانيين في الجمعية التأسيسية للدستور وبلورتها، ومن ثم رفعها للمجلس العسكري، كونه المنوط بإصدار المراسيم والقرارات، موضحا أن الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع الدستور ستضم عناصر من النواب في البرلمان، وحتى الآن لم يتم البت في عدد الأعضاء البرلمانيين الذين سيشاركون بالجمعية، والاختيار لا يزال خاضعا للبحث والتوافق بين شتى الأطراف في العملية السياسية. كما أفاد الخولي بأن باقي الأعضاء بالجمعية التأسيسية سيتم تشكيلهم من جميع الأطياف الممثلة للشعب، ما بين الدوائر الأكاديمية والمبدعين والفنانين والشباب والمرأة والأقباط، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، إلى جانب فقهاء الدستور الذين لم تأتِ بهم الانتخابات.